الهاجس الأمني يمنح نتنياهو حظوظًا أكبر للفوز بالانتخابات الإسرائيلية
جل الإسرائيليين يشعرون بأنهم مهددون على حدودهم من طرف الجماعات المسلحة
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
الهاجس الأمني يمنح نتنياهو حظوظًا أكبر للفوز بالانتخابات الإسرائيلية
بعد الهجوم الذي نفذه شاب فلسطيني في القدس ضد قوات إسرائيلية، مساء أول من أمس، أصبح عدد كبير من الإسرائيليين يشعرون بأنهم مهددون أكثر من أي وقت على حدودهم، خصوصا من قبل الجماعات المسلحة، وهو ما يفسر سبب احتلال قضية الأمن صدارة أجندة الانتخابات الإسرائيلية، المقررة في 17 مارس (آذار) الحالي، كما أن هذا الشعور بقلة الأمان يزيد من الحفاظ على شعبية متشددين، مثل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وفى محاولة لاستطلاع الأمر، سلطت زيارة قامت بها وكالة الصحافة الألمانية داخل نفق حفره مسلحون فلسطينيون كثيرا من الضوء على هذه المخاطر، إذ تبين أنه تحت الحقول والحدود يمتد نفق حفره المسلحون الفلسطينيون، ثم اكتشف الجنود الإسرائيليون فتحة النفق، الممتد على مسافة 3 كيلومترات من قطاع غزة، مما يعني أنه يبعد فقط مسافة كيلومترين عن «عين حاشلوشا» الزراعي. وسبق لمقاتلين فلسطينيين استخدام الأنفاق للوصول إلى إسرائيل، مما منحهم عنصر المفاجأة في عدة نقاط، ومكنهم من قتل جنود إسرائيليين. والآن تقوم حركة حماس، حسب السلطات الإسرائيلية، بإعادة بناء الأنفاق في قطاع غزة، الذي تسيطر عليه فعليا. وفي هذا الإطار يقول الميجور سيرجنت كوماند محمد أبو صلب، الذي ظل لسنوات مسؤولا عن وحدة اقتفاء الأثر في غزة، التابعة للجيش الإسرائيلي، إن وظيفة الوحدة كانت تتمثل في مسح الحدود بين غزة وإسرائيل بحثا عن قنابل ومتسللين. ويضيف أبو صلب معترفا: «في الحقيقة أُصبنا جميعًا بالدهشة لأننا لم نكن نعتقد بوجود مثل هذا العدد الكبير»، مشيرا إلى أن 32 نفقا التي تم الكشف عنها خلال الحرب ضد غزة الصيف الماضي ليست هي الخطر الوحيد، لأن المقاتلين «طوروا اليوم أيضا أجهزة قوية تحتوي على كثير من المتفجرات، التي يمكن لها أيضا أن تفجر مدرعة، وتسبب أضرارا خطيرة». وفي ظل هذه الأجواء المشوبة بالحذر والترقب، وقبل انتخابات 17 مارس الحالي، فإن كثيرا من الإسرائيليين، وفقا لجميع استطلاعات الرأي الأخيرة، يعتبرون نتنياهو الشخص المناسب لتولي منصب رئيس الوزراء القادم، أكثر من منافسه الرئيسي زعيم حزب العمل، إسحاق هرتسوج، الذي يرى كثيرون أنه ضعيف. وقد استغل نتنياهو هذا الشعور بقوله: «الليكود فقط» قادر على التعامل مع التحديات الأمنية لإسرائيل. وفشل هجومان إسرائيليان، أحدهما خلال حكومة الليكود، على غزة عامي 2009 و2012، في وقف الهجمات الصاروخية الفلسطينية بشكل دائم على جنوب إسرائيل. «وفي الوقت الذي لم يكن فيه الهجوم الثالث عام 2014 حاسما، فإن الجولة الرابعة من العنف مع حماس ليست سوى مسألة وقت»، بحسب تحذير لوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، الذي ينتمي إلى حزب «إسرائيل بيتنا» المتشدد، وهو أحد المرشحين ويجري حملات انتخابية عند حدود غزة. ويقول ليبرمان: «يظل السؤال الرئيسي هو: كيف يتم تجنب جولة خامسة؟ وكيف يتم التأكد من أن الجولة الرابعة ستكون الأخيرة؟».
الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.
واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.
وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.
وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.
وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.
وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.
تطييف القطاع الطبي
في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.
وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.
وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.
إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.
وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.
وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.
وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.
استهداف أولياء الأمور
في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.
وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.
في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.
ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.
وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.
ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.
وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.