اللقاحات سلاح الحكومات الوحيد ضد «كوفيد ـ 19»

تشديد متزامن على تدابير الوقاية لمنع انتشار المتحورات

مركز تلقيح ضد فيروس كورونا في تايبيه (رويترز)
مركز تلقيح ضد فيروس كورونا في تايبيه (رويترز)
TT

اللقاحات سلاح الحكومات الوحيد ضد «كوفيد ـ 19»

مركز تلقيح ضد فيروس كورونا في تايبيه (رويترز)
مركز تلقيح ضد فيروس كورونا في تايبيه (رويترز)

«كل اللقاحات التي تمت الموافقة على استخدامها في الاتحاد الأوروبي فعالة ضد كل الطفرات الفيروسية المعروفة، شريطة تناول الدورة الكاملة»، هذا ما تكرره الوكالة الأوروبية للأدوية منذ أيام في محاولة لتهدئة المخاوف المتزايدة من موجة وبائية رابعة بدأت تدق على الأبواب، بعد أن سجلت الإصابات الجديدة في أوروبا ارتفاعاً بنسبة 10 في المائة خلال الأسبوع الفائت وحده، ولتحفيز المواطنين على الإسراع في تناول اللقاحات التي باتت السلاح الوحيد في المعركة ضد «كوفيد - 19»، بعد رفع قيود العزل والوقاية واستئناف الحركة العادية للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
كانت منظمة الصحة العالمية حذرت من أن الاستمرار في التراخي، إلى جانب عدم التقيد بتدابير الوقاية خلال السفر والتجمعات في الأماكن العامة والأنشطة الترفيهية، «وصفة أكيدة لظهور موجة جديدة قبل حلول الخريف المقبل»، فضلاً عن المفاجآت المحتملة التي يمكن أن تحملها طفرة «دلتا» التي ما زالت مواصفاتها غير محددة بشكل نهائي، خصوصاً ما يتعلق منها بمدى خطورتها، التي يرجح الخبراء أن تكون الطفرة السائدة في أوروبا مع بداية الشهر المقبل.
لكن يرى بعض الخبراء أن فاعلية اللقاحات تبقى نسبية في أحسن الأحوال، لا سيما وأن باب ظهور طفرات جديدة ما زال مفتوحاً على مصراعيه، حيث إن «انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان لم يحصل منذ فترة بعيدة، وبالتالي فهو ما زال في طور التكيف الذي يؤدي إلى التحور وظهور طفرات أسرع سرياناً وربما أشد فتكاً»، كما يقول الخبير في التكنولوجيا الحيوية أليساندرو كارابلي، في حديث خاص مع «الشرق الأوسط».
وينبه كارابلي الذي يشرف على مجموعة بحوث بريطانية ترصد تحور الفيروسات التاجية، لأن البيانات المتراكمة منذ ظهور الفيروس للمرة الأولى في ووهان تبين بوضوح أن سرعة سريانه لم تتوقف عن الارتفاع، ويضيف: «لم يتجاوز مؤشر سريان السلالة الأولى من (كوفيد) 2.5 خلال المرحلة الأولى من الجائحة، أما طفرة (ألفا) التي تعرف أيضاً بالطفرة الإنجليزية فقد بلغ مؤشر سريانها 4، بينما ارتفع مؤشر سريان طفرة (دلتا) إلى 7 استناداً إلى آخر البيانات التي ليست نهائية».
ويقول كارابلي، وهو من مدينة بيرغامو الإيطالية التي كانت أشد المناطق في أوروبا تأثراً بالوباء خلال المرحلة الأولى من الجائحة، «هذه الظاهرة ليست مفاجأة، وقد شهدناها في السابق خلال أزمة (إيبولا) ومع طفرات الإنفلونزا التي تظهر كل سنة. عندما يرسو الفيروس في فصيلة حية جديدة، يحتاج إلى التكيف من أجل البقاء والتكاثر، وازدياد قدرته على السريان هو من الجوانب المهمة لهذا التكيف».
لا يستبعد كارابلي أن يستمر الفيروس في التحور، ويقول: «لا نعرف متى سيتوقف (كوفيد) عن التحور. وما يمكن أن يحصل، هو أن يتحد التحور الذي يمده بسرعة أكبر على السريان مع تحور يزيد من قدرته على الإفلات من دفاعات جهاز المناعة، أي من اللقاحات. ويبدو في ضوء البيانات المتاحة حالياً، أن طفرة (دلتا) التي تزيد سرعة سريانها بنسبة 60 في المائة عن الطفرة الأصلية للفيروس، تتمتع أيضاً بقدرة على التهرب من جهاز المناعة أو الالتفاف عليه. لكن علينا أيضاً مراقبة طفرات أخرى تحمل مواصفات مشابهة، أو أسوأ من (دلتا)».
وكشف كارابلي أن خبراء المجموعة التي يديرها يتابعون عن كثب منذ فترة طفرة أخرى ظهرت في عدد من المناطق الأوروبية بأعداد ما زالت إلى الآن محدودة جداً، بينت التحاليل الأولية أنها متحور من طفرة «غاما» البرازيلية التي اندثرت أواخر العام الماضي، والتي كانت تحمل قدرة على الإفلات من مضادات الأجسام واللقاحات. ويقول إن هذا التحور يقسم إلى اثنين البروتين الذي يستخدمه الفيروس للدخول إلى الخلايا، «الأمر الذي يسهل عليه عملية الانقضاض، كما يحصل مع طفرتي (ألفا) و(دلتا)».
ويشدد كارابلي على أهمية إجراء تحاليل التسلسل الوراثي للإصابات الجديدة لرصد الطفرات وتحديد مواصفاتها، لكنه يقول إنه يمكن الاكتفاء بتحليل 25 في المائة من هذه الإصابات، علماً بأن هذه النسبة تصل إلى 50 في المائة حالياً في بريطانيا.
وإذ يحرص كارابلي على عدم المجازفة بإطلاق توقعات حول مستقبل المشهد الوبائي في أوروبا والعالم، يحذر من أن «الوضع قد يتفاقم مع نهاية الصيف بعد شهرين من رفع قيود الوقاية والعزل وعودة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية إلى سابق وتيرتها، وبالتزامن مع العودة إلى المدارس». ويضيف: «صحيح أن شركات الأدوية لم تبدأ بعد بإنتاج اللقاحات المعدلة وفقاً لمواصفات الطفرات الجديدة، وربما يعود ذلك إلى أنها تتريث لمعرفة المزيد عن هذه الطفرات وتحديد مواصفاتها النهائية. لكن اللقاحات الحالية توفر حماية جيدة، خصوصاً ضد الإصابات الخطرة، أو التي تستدعي العلاج في المستشفى».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.