قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت يرمي «كرة التعطيل» عند السلطة السياسية

ترحيب سياسي واسع بقراراته

صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)
صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)
TT

قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت يرمي «كرة التعطيل» عند السلطة السياسية

صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)
صورة أخذت من طائرة درون لمرفأ بيروت بعد الانفجار (أ.ب)

يتخوف اللبنانيون من أن تلاقي قرارات المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، مصير القرارات التي صدرت عن سلفه القاضي فادي صوان، إلا أن مصادر قضائية تؤكد أن المسار الذي سلكه بيطار يختلف عن ذلك الذي سلكه صوان مما يضع السلطة السياسية في الواجهة، إما أن تحترم القضاء واستقلاليته، وإما أن تتمرد عليه.
كان القاضي بيطار كرر ما قام به المحقق السابق في الانفجار موجهاً اتهامات بـ«التقصير الجنائي» لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب و4 وزراء سابقين وقيادات أمنية، إلا أنه اتبع جميع الآليات المتعلقة برفع الحصانات أو طلب الأذونات أصولاً حسب ما يرى رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية الخبير القانوني بول مرقص، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن المحقق العدلي لم يترك أدنى ثغرة، إذ إنه حتى طلب الإذن لملاحقة الوزراء المحامين من نقابة المحامين مع العلم أن المحامي حين يصبح وزيراً يبلغ النقابة بترك عمله، كما أنه طلب الإذن للأمنيين من الرؤساء التسلسليين حتى لا يكرر خطأ سلفه.
وكان بيطار وجه منذ يومين كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن وزير المال السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم، كما وجه كتابين: الأول إلى نقابة المحامين في بيروت لإعطاء الإذن بملاحقة خليل وزعيتر كونهما محاميين، والثاني إلى نقابة المحامين في طرابلس لإعطاء الإذن بملاحقة وزير الأشغال السابق المحامي يوسف فنيانوس، وذلك للشروع باستجواب هؤلاء جميعاً بجناية «القصد الاحتمالي لجريمة القتل» وجنحة «الإهمال والتقصير».
كما طلب المحقق العدلي من رئاسة الحكومة، إعطاء الإذن لاستجواب قائد جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، كمدعى عليه، ومن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، للادعاء على المدير العام لجهاز الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وملاحقته.
ويشرح مرقص أن الإحالات التي تقدم بها القاضي بيطار أتت في الاتجاه عينه لسلفه القاضي صوان الذي تنحى سابقاً، إذ شملت مروحة متنوعة من المسؤولين السياسيين والحكوميين والعسكريين والأمنيين، موضحاً أن «القصد الاحتمالي» الذي استند إليه القاضي يعتبر عنصر الجريمة المعنوي، أي إذا كانت هناك جريمة مقصودة وحصلت نتيجة ثانية غير متوقعة، ولكن كان يجب توقعها، وبإمكان توقعها، أو توقعها الفاعل، ومع ذلك قام بالمخاطرة.
وشملت قائمة الملاحقات قادة عسكريين وأمنيين سابقين، إذ ادعى بيطار أيضاً على قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، ومدير المخابرات السابق في الجيش العميد كميل ضاهر، والعميد السابق في مخابرات الجيش غسان غرز الدين، والعميد السابق في المخابرات جودت عويدات. وحدد المحقق العدلي مواعيد لاستجواب هؤلاء بشكل دوري. وفي حين يعتبر مرقص أن من الواجب أن يحتوي القانون مواد تسقط الحصانة مباشرة مع مثل هذه الجرائم يشير إلى أن الطبقة السياسية لم يعد بإمكانها التذرع بالشكليات إلا إذا أرادت التمرد على القضاء كأن تقول إن محاكمة الرؤساء والوزراء تكون عبر المجلس الأعلى للرؤساء، مشيراً إلى أن حتى هذه الحجة ساقطة، لأن الجريمة لا تتعلق بالإخلال الوظيفي، وهي جزائية، والجرائم الجزائية تتم مقاضاتها في المحاكم العادية حتى ولو كان من اقترفها وزير.
ويوضح مرقص أنه بعد طلب القاضي بيطار الإذن بملاحقة النائبين من مجلس النواب مرفقاً بمذكرة تشتمل على نوع الجرم وزمان ومكان ارتكابه، وعلى خلاصة عن الأدلة التي تستلزم اتخاذ إجراءات عاجلة يقدم طلب رفع الحصانة إلى رئيس المجلس الذي يدعو هيئة مكتب المجلس ولجنة الإدارة والعدل إلى جلسة مشتركة لدرس الطلب، مضيفاً أنه على هذه الهيئة تقديم تقرير بشأنه في مهلة أقصاها أسبوعان.
ويوضح مرقص أنه في حال عدم تقديم الهيئة المشتركة تقريرها في المهلة المعينة وجب على رئاسة المجلس إعطاء علم بذلك للمجلس في أول جلسة يعقدها، وللمجلس أن يقرر منح الهيئة المشتركة مهلة إضافية بالقدر الذي يراه كافياً، أو وضع يده على الطلب والبت به مباشرة.
ويشرح مرقص أنه عندما يباشر المجلس البحث في طلب رفع الحصانة يجب استمرار المناقشة حتى البت نهائياً بالموضوع مع الإشارة إلى أن لإذن الملاحقة مفعولاً حصرياً، ولا يسري إلا على الفعل المعين في طلب رفع الحصانة من أجله، وأن قرار رفع الحصانة يتخذ بالأكثرية النسبية. كما يشير مرقص إلى أن للهيئة المشتركة وللمجلس عند درس ومناقشة طلب رفع الحصانة تقدير جدية الملاحقة والتأكد من أن الطلب بعيد عن الغايات الحزبية والسياسية.
وتسبب انفجار مروع في الرابع من أغسطس (آب) 2020، عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا إجراءات وقاية، بمقتل أكثر من مائتي شخص وإصابة أكثر من 6500، عدا عن تدمير أحياء عدة.
ولاقت قرارات القاضي بيطار ترحيباً سياسياً، فيما تخوف البعض من أن تكون توسعة مروحة الاتهامات تأتي في إطار تضييع الحقيقة.
وأكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن القرارات التي أصدرها القاضي بيطار هي نقطة بداية جدية للكشف عن ملابسات جريمة انفجار مرفأ بيروت وتوقيف المجرمين وإحقاق الحق، مضيفاً في تغريدة له عبر «تويتر» أنه سيضع كل جهوده لعدم ترك أي أحد أو جهة تعرقل مسار العدالة.
واعتبر عضو كتلة «التنمية والتحرير» (تضم نواب «حركة أمل») النائب قاسم هاشم، أنه عندما يعلن النائبان حسن خليل وزعيتر استعدادهما للمثول أمام المحقق العدلي مع الحصانة أو بدونها التزاماً بالوصول للحقيقة وتحقيق العدالة، فلا حاجة للمزايدات، مضيفاً في تغريدة له أن تطبيق القانون وحقيقة ما حصل يجب أن يكون منطلق أي إجراء أو قرار.
ورأى عضو «اللقاء الديمقراطي» (تضم نواب «الحزب التقدمي الاشتراكي») النائب هادي أبو الحسن، أن خطوة بيطار خطوة في الاتجاه الصحيح طالباً منه ألا يصغي إلى التدخلات السياسية، وأن يقوم بواجباته على أكمل وجه.
من جهة أخرى، تخوف النائب جهاد الصمد، من أن يكون التوسع في مروحة المتهمين مقدمة تمهد لتجهيل الفاعلين، عملاً بالقول المأثور «من يكبر الحجر لا يصيب»، منوهاً بالسيرة المهنية والأخلاقية للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا، مع التأكيد أن القوانين والأنظمة المرعية الإجراء تضع مسؤولية الإشراف على المرفأ والأمن فيه على عاتق الجمارك والجيش اللبناني باعتبار أن المرفأ في عهدتهما.
واعتبر «التيار الوطني الحر» أن من حق اللبنانيين معرفة الحقيقة كاملة حول انفجار مرفأ بيروت، إلا أنه ومع احترام استقلالية التحقيق يبقى الهدف الأساس هو معرفة من أدخل النيترات، ومن استعملها، وكيف تفجرت، وذلك لتحديد هوية مرتكب الجريمة ومحاكمته وتبرئة الموقوفين ظلماً.



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.