شاشة الناقد

مشهد من فيلم «يوسف»
مشهد من فيلم «يوسف»
TT

شاشة الناقد

مشهد من فيلم «يوسف»
مشهد من فيلم «يوسف»

Another World
***
> إخراج: توماس فنتربيرغ
> الدنمارك، السويد | دراما (2020)

استقبل الفيلم، كما نعلم جميعاً، استقبال الفاتحين في كل مناسبة من مناسبات عام 2021 بما في الأوسكار والـ«غولدن غلوبز» والـ«بافتا» وجوائز الاتحاد الأوروبي. كان مفترضاً به أن يُعرض في دورة 2020 لمهرجان «كان» لكن الدورة أُلغيت فتوجه لمهرجانات أخرى مثل لندن وسان سابستيان.
نقدياً حصد فيلم توماس فنتربيرغ إعجاباً كاسحاً على أساس أنه فيلم يطرح شرب الكحول ليس كمشكلة. المشكلة هي أن تتناول الكحول، لأن قليلاً منه يجعلك إنساناً قادراً على استعادة بريقه السابق.
«دورة أخرى» هو فيلم حميمي حول أربع أساتذة في كلية تضم طلاباً في صفوف متقدّمة. شبّان وشابات نراهم، في مطلع الفيلم، ينظرون إلى أساتذتهم بعيون فارغة من المعنى ووجوه لا تعبّر عن اهتمام. الحق ربما ليس على هؤلاء، بل على حقيقة أن الأساتذة ملتزمون بالعمل ضمن مناهج تقليدية من ناحية ويتولّون التدريس بروح خافتة وبالتزام وظيفي لا يتجاوز حدود الواجب.
ماس ميكلسن هو المحور في هذا الفيلم. الأكثر عرضة للامبالاة الطلاب له وعدم تجاوبهم مع دروسه التاريخية. في حفل عيد ميلاد لأحد زملائه يشرب لينسى متاعبه في البيت («لم تعد كما كنت سابقاً»، تقول له زوجته) وفي العمل (يلتقيه جمع من الطلاب وذويهم ليناقشوا وإياه أخطاء وقع فيها). لكن الشرب يقوده ورفاقه إلى اكتشاف أن القليل منه ينعش الحياة ويؤثر إيجاباً على الطريقة التي يعمد إليها الأستاذ لإيصال دروسه إلى تلامذته. ها هو مارتن (ميكلسن) يسرق لحظة في الحمام ليشرب من زجاجته. وها هو أحد رفاقه يعرض على طالب أن يشرب قليلاً.
النتائج، قبل وصول الفيلم إلى مفاداته الأخيرة، رائعة لكن الفيلم ليس مسؤولاً. لا يود حمل رسالة تحذير لكي لا يعارض فكرته الأساسية. في أحد المشاهد يشاركنا الفيلم تلك المعلومة حول الروائي أرنست همنغواي الذي كان يشرب كل ليلة وكيف أبدع في رواياته. لا يذكر بالطبع المبدعون الذين لا يشربون أو لا يعتادوا الشرب كإدمان.
في حين أن رسالة الفيلم لها أسنان منشارية، إلا أن المخرج يُذيب بعضها في معالجته الكُلية المميزة بالسرد ذي الإيقاع المتوالي وفي حقيقة أن ماس ميكلسن يحتل الجزء الأهم بين شخصيات العمل. يُجسد، بلا جهد يُذكر، شخصيته وللفيلم وطريقة تصويره في حالاته تلقائية بسبب من تصميم تنفيذي لكيفية التقاط الممثل وحركته وفهمه للشخصية التي يؤديها بنجاح.

يوسف
***
> إخراج: كاظم فيّاض
> ‪لبنان‬ | دراما اجتماعية (2021)
فيلم كاظم فيّاض الأول هذا فيلم جيد بذاته ومنفرد فيما طرحته السينما اللبنانية. يدور حول شاب اسمه يوسف، والفيلم، مثل يوسف، له أكثر من وجه.
هو فيلم حال بلد مهدور وعن حال شبابه الباحثين عن النمو مادياً بلا روادع أخلاقية أو اجتماعية، وعن بعضهم الذي يؤاثر الحب والصدق ولو بالحدود التي تسمح له كذلك في تحقيق مآربه في حياة أفضل.
بذلك كله هو فيلم حول مشاكل البيئة الاجتماعية الحالية التي تؤدي، حسب الحكاية المعتنى بكتابتها، إلى مقتل شقيق يوسف ورغبة الأخير في الانتقام. في الوقت ذاته هو عن تجارة السلاح الرائجة، تلك التي كانت السبب في مقتل الشقيق الباحث عن الاستقلال في العمل بعيداً عن جناحي أخيه. تدرك، وأنت تشاهد الفيلم، أن مقتل الشقيق سيترك أثره الدامي على بطل الفيلم، وأن تلك الجريمة حاصلة لا ريب. الجريمة الأكبر هي تلك الكامنة في الأحداث. في تجارة السلاح المنتعشة بفضل التركيبة الغوغائية لبلد يحتضر.
لكن للفيلم طبقة أخرى: يوسف ليس كسواه من أبطال أفلام المخاطر والدراميات الاجتماعية التي توفّر الأرضية المناسبة لسينما التشويق، إذ يدمج إلى ما سبق حقيقة أن يوسف يعيش حياتين من دون أن يدري. واحدة في واقع والأخرى في واقع آخر. والسؤال الذي ينساب هنا هو أي من هذين الواقعين هو الواقع الفعلي، وأي منهما هو الترجمة الفعلية للحالة النفسية التي يعاني منها.
المشاهد التي يطرح فيها الفيلم هذه الأسئلة تدور خارج مكتب طبيب نفسي. هناك عبارة ترد في الفيلم تبرّر ذلك ولا بد من قبولها ليس من زاوية أن الطبيب النفسي لا يقابل مرضاه جالساً في أماكن عامّة أو عند شواطئ البحر، بل من زاوية التئام، ولو محدود، مع الحالة النفسية التي يعرضها الفيلم لبطله.
لعبة المخرج في الانتقال بيوسف (يؤديه حسين حيدر) بين حياتين لا تترك تأثيراً سلبياً على موضوعه الآخر حول تجارة السلاح في بلد خارج عن المألوف إلى حد بعيد. لا تنال منه بل تغذّيه. المشكلة هي أن الفواصل بين الواقعين تبقى غير واضحة ومتسرعة في الانتقال من وإلى كل واقع. كذلك لا يُضيف التصوير الليلي الكاسح أي قيمة خاصّة به. في أحيان هي أكثر تعتيماً مما يجب.
ما يُسجّل للفيلم خامته التي تذكّر ببدايات أفلام مارتن سكورسيزي التي حققها في مطلع السبعينات عندما أمّ موضوع العصابات الإيطالية في بيئاتها الصغيرة (على الأقل حيال أفلام عنها بحجم ضخم كسلسلة «العرّاب»). ليس أن كاظم فيّاض يتبنّى أسلوب سكورسيزي بل لديه كل ذلك الإدراك حول نماذجه من الشخصيات والمفارقات التي تمر بها والحياة التي تخوضها في بيئات سفلى.

Honey Cigar
**
> إخراج: كامير عينوز ‬
> فرنسا | دراما عن الهجرة (2020)‬
لمعظم الوقت هو فيلم عن حياة عائلة جزائرية في فرنسا من وجهة نظر الفتاة سلمى (زو أدجياني). الأم (أميرة كاسر) تعمل عالمة بيولوجية والأب (ليث سالم) محامي. العائلة متفرنسة تماماً وتمارس انفتاحاً محدوداً. من ناحية تريد لابنتها البقاء عذراء لحين زواجها، من ناحية أخرى تحتفي، ولو رمزياً، بميلاد المسيح. لكن سلمى لا تود البقاء عذراء لأنها تعرّفت على زميل دراسة (فرنسي مائة في المائة) وتود إقامة علاقة معه. هي خجولة من أن يكتشفها عذراء.
نحن في عام 1993 عندما اشتد نفوذ الإسلاميين في الجزائر والأم تقرر زيارة والدتها في قرية جزائرية. سلمى تصاحب أمّها ولحين هي سعيدة لكن الوقت حان للعودة والأم ترفض. لقد عادت إلى جذورها (نقطة ضعف في السيناريو كون الاختيار عليه أن يكون أكثر صعوبة وهو ليس كذلك). تتوجه سلمى لأبيها لإقناع أمها بضرورة العودة، لكن هذا يقول لها إنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً (Good Ridance‪?‬). هذه ليست نقطة الضعف الوحيدة في السيناريو. الحكاية المسرودة لا تحوي ما يكفي من أحداث لتحديد مواقف الشخصيات حيال بعضها بعضاً.
اختارت المخرجة مديرة تصوير (جين لابواري) ومونتيرة (ماري - كرستين منسيو شار) ومؤلفة موسيقى (جولي راوي) لكن الإخراج لا يحفل بخصائص فنية في أي مجال رغم جمال الطبيعة الجزائرية. تمارس المخرجة (ذات الأصل الجزائري بدورها) حقّها الطبيعي لصنع فيلم فرنسي في تفاصيل تنفيذه وفي أسلوب سرده الحكاية، لكنه فيلم حكاية ذاتية منفّذ بلا أسلوب ذاتي.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».