إدارة أوباما تعتزم إطلاق مبادرة سلام جديدة .. ومجلس الأمن أحد خياراته

تنطلق عقب انتخابات 17 مارس الإسرائيلية .. وتشكيل الحكومة الجديدة

إدارة أوباما تعتزم إطلاق مبادرة سلام جديدة .. ومجلس الأمن أحد خياراته
TT

إدارة أوباما تعتزم إطلاق مبادرة سلام جديدة .. ومجلس الأمن أحد خياراته

إدارة أوباما تعتزم إطلاق مبادرة سلام جديدة .. ومجلس الأمن أحد خياراته

بعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الذي أثار كثيرا من الجدل، تسربت أنباء مفادها أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يعتزم إطلاق مبادرة لإحياء مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين بعد الانتخابات الإسرائيلية المقرر عقدها في 17 مارس (آذار) الحالي، وتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وأشار مسؤول كبير في البيت الأبيض، لم يكشف عن اسمه، لصحيفة «هآراتس» الإسرائيلية، أمس، إلى أن الرئيس أوباما يعتزم استغلال الفترة المتبقية في ولايته حتى عام 2016 لدفع مبادرة جديدة للسلام، مشيرا إلى أن الأفكار التي تدرسها الإدارة تتناول طرح رؤية جديدة لحل النزاع، أو تمرير قرار جديد في مجلس الأمن، يستند إلى وثيقة الاتفاق الإطاري التي حاول وزير الخارجية الأميركي جون كيري طرحها على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي قبل عام.
وألمح المسؤول الأميركي إلى أن اتخاذ القرار بشأن كيفية المضي قدما في إحياء تلك المفاوضات سيتم الحسم فيه من طرف الإدارة الأميركية، بعد إجراء الانتخابات الإسرائيلية، وقال في هذا الشأن: «نود أن نرى تشكيل الحكومة الجديدة في إسرائيل، وموقفها من هذه القضية، وخلال عام ونصف أو عامين من الفترة المتبقية للرئيس أوباما، سيكون علينا التعامل مع هذه القضية لأن الوقت ليس في صالحنا».
وقال المسؤول في البيت الأبيض إن الرئيس أوباما معني ومهتم باستغلال الفترة المتبقية من ولايته للدفع بمبادرة جديدة، مشيرا إلى أن التدهور في مفاوضات السلام يثير كثيرا من القلق لدى الإدارة الأميركية، التي تخشى من اندلاع أزمات جديدة في المنطقة.
ورغم أن قضية الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي، ومحاربة تنظيم داعش، والأزمة في أوكرانيا تصدرت اهتمامات الإدارة الأميركية خلال الأشهر الأخيرة، فإن عددا من المسؤولين الأميركيين الكبار أكدوا أن القضية الفلسطينية لا تزال على طاولة الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري. كما أعرب مسؤولو الإدارة الأميركية عن قلقهم من التدهور المستمر في العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية والقيادة الفلسطينية خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بسبب الجمود الدبلوماسي، والحرب على غزة الصيف الماضي، ومحاولات الفلسطينيين استصدار قرار من الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولات انضمامهم إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، والتهديدات الفلسطينية بتحريك شكاوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية، والرد الإسرائيلي بتجميد أموال الضرائب الفلسطينية.
وفي هذا الصدد قال مسؤول كبير في البيت الأبيض، إن إدارة أوباما قلقة من وقوع انهيار اقتصادي للسلطة الفلسطينية خلال بضعة أشهر، إذا لم يتم الإفراج عن أموال الضرائب الفلسطينية، وإن الإدارة الأميركية تخشى من وقوع انهيار اقتصادي يمكن أن يؤدي إلى حالة من الفوضى الأمنية مع مخاطر اندلاع العنف. وقد سبق لوزير الخارجية الأميركي أن تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس محمود عباس لمحاولة كسر الجمود حول أموال الضرائب، كما طلب من وزراء الخارجية العرب تحويل أموال إلى الفلسطينيين لمنع انهيار السلطة الفلسطينية.
وتسعى الإدارة الأميركية إلى منع انهيار السلطة الفلسطينية من جانب، ووقف التحركات الفلسطينية ضد إسرائيل في لاهاي، وتمهيد الطريق للدفع مبادرات دبلوماسية جديدة بين إسرائيل والفلسطينيين خلال الشهور القادمة. وبهذا الخصوص قال مسؤول أميركي رفيع: «نريد العثور على توقيت مناسب للدفع بمبادرة، ومحاولة جديدة في قضية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأتوقع أننا سنحاول إعطاءها الفرصة قبل نهاية عام 2016».
وتنتظر الإدارة الأميركية نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وملامح تحركات وتوجهات الحكومة الإسرائيلية التي ستتشكل بعد الانتخابات من أجل محاولة استئناف المفاوضات حول الوضع النهائي، رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجه هذا النهج.
لكن بعض المسؤولين يقولون إنه حتى من دون استئناف المحادثات، فإن الإدارة الأميركية ستقوم بتحركات دبلوماسية واسعة لكسر حالة الجمود الذي يعتري المحادثات. ومن بين أهم الأفكار التي طرحت كثيرا في المناقشات خلال العام الماضي تقديم إطار لوجهة النظر الأميركية بخصوص حل الصراع إلى المجتمع الدولي، وتحديد الخطوط العريضة لمبادئ الاتفاق الإطاري التي عمل كيري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية للدفع بها خلال المحادثات التي جرت منذ نهاية عام 2013 حتى بداية عام 2014 التي انتهت دون نتائج.
وأشار مسؤول بالخارجية الأميركية إلى أنه بعد وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، كان الجانب الأميركي على وشك نشر تفاصيل الاتفاق الإطاري، وساند هذه الفكرة كل من مارتن أنديك، المبعوث الأميركي للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية، ونائبه فرانك لوينشتاين.
وتشمل بنود الاتفاق الإطاري إجراء مفاوضات على أساس حدود 1967، وتبادل الأراضي، والاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، والقدس عاصمة للدولتين، إضافة إلى ترتيبات أمنية لإسرائيل في وادي الأردن، وجدول زمني لانسحاب القوات الإسرائيلية من الضفة الغربية. وقد كانت نية واشنطن تتمثل في نشر بنود الاتفاق الإطاري، ودعوة الفريقين إلى واشنطن للتفاوض عليه، لكن بعد مناقشات مكثفة قرر وزير الخارجية الأميركي عدم نشر الوثيقة على أمل أن يكون قادرا على إقناع كل من نتنياهو ومحمود عباس بتمديد المحادثات.
أما المسار الآخر الذي تفكر الإدارة الأميركية في اتخاذه فيتمثل في الدفع إلى استصدار قرار من مجلس الأمن بالأمم المتحدة، يستند على بنود الاتفاق الإطاري، ووضع مبادئ لتسوية النزاع والدعوة لاستئناف المحادثات، وفي حال عدم استئناف المفاوضات، فإنه باستصدار هذا القرار الأممي يكون للمجتمع الدولي مسار جديد لحل الصراع، دون أن يكون مستندا على القرارين 242 و338، وهما القراران اللذان استندت إليهما المحادثات على مدى 40 عاما الماضية.
وكانت إسرائيل قد أعلنت وقف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين بعد 9 أشهر من المحادثات التي رعتها الولايات المتحدة، لكن دون أن تسفر تلك المفاوضات عن نتائج. واستغلت تل أبيب إعلان اتفاق المصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس لتوقف مشاركتها في المفاوضات.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.