الرئيس الإسرائيلي يدعو أبو مازن إلى الحوار

تحدث في نيويورك بحضور سفيري المغرب والبحرين و20 سفيراً أجنبياً

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان أمس (د.ب.أ)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان أمس (د.ب.أ)
TT

الرئيس الإسرائيلي يدعو أبو مازن إلى الحوار

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان أمس (د.ب.أ)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان أمس (د.ب.أ)

توجه الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين رفلين، بدعوة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، إلى الحوار لأجل وضع حد للصراع الدامي المستمر منذ 120 عاماً، وقال: «كفى لهذا الصراع. تعال ننسى الماضي ونبني المستقبل. لا أريد القول إنه فرض علينا أن نعيش معاً، ما بين البحر المتوسط ونهر الأردن. لأنني أعتقد أننا ولدنا لنعيش معاً».
وكان رفلين يتكلم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، خلال مأدبة عشاء فجر الأربعاء (حسب توقيت القدس)، نظمها مندوب إسرائيل الدائم جلعاد إردان، وبمشاركة 21 سفيراً يمثلون بلدانهم في الأمم المتحدة، بينهم سفراء البحرين والمغرب وروسيا والولايات المتحدة. فقال: «من موقع كل مسؤول فينا يتوجب علينا أن نسعى لتسوية الصراع. أنت يا رئيس عباس أن اليهود استغرقوا 2000 سنة حتى عادوا إلى القدس، وكانوا خلالها يصلون ثلاث مرات في اليوم. وستعيش إسرائيل دوماً كدولة يهودية، طالما هي تتمسك بالديمقراطية. وكلانا يستطيع التوصل إلى تفاهمات حول كيفية العيش معاً. تعال نبني المستقبل الآمن للجميع والازدهار للشعبين».
وقد تكلم السفير المغربي، عمر هلال، فقال إنه يرى أن الشرق الأوسط يتغير للأفضل ويتجه لتحولات تاريخية. وقال: «لا نتجاهل المصاعب والأخطار. ولكنني متفائل جداً. فقبل بضعة أشهر لم يكن أحد يتخيل أن أربع اتفاقيات سلام ستُبرم مع إسرائيل من دول عربية. إن هذه فرصة ينبغي استثمارها بشكل جيد وإيجابي».
لكن المندوب الإسرائيلي إردان، الذي كان وزيراً في حكومة بنيامين نتنياهو السابقة، استخدم المأدبة للتحريض على السلطة الفلسطينية عموماً وعباس بشكل شخصي، فقال: «فقط اليوم ألقى عباس خطاباً مخزياً اعتبر فيه إسرائيل نبتة استعمارية غريبة في المنطقة لغرض تفتيتها. إنه مثل بقية أعداء إسرائيل يستخدمون خطاباً سياسياً بلا سند ولا أساس بغرض تقويض شرعية وجود إسرائيل». وأضاف إردان: «الأمم المتحدة تبدو عندنا في إسرائيل أحجية. فمن جهة توجد العديد من الدول التي نقيم معها علاقات جيدة جداً. ومن جهة ثانية، لا يمكن تجاهل العداء لنا في الأمم المتحدة والتمييز ضدنا حتى بالمقارنة مع إيران التي تهدد الأمن العالمي. عندما قامت إسرائيل كان عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 57 دولة، ولكن لو طرح الموضوع اليوم، إذ بلغ عددها 193 دولة، فإن قراراً بقبول إسرائيل ما كان سيمر».
يذكر أن رفلين اختتم زيارة من 3 أيام في الولايات المتحدة، الأربعاء. وقد عقد لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في مقره في نيويورك، محضراً معه ليئا غولدين، والدة الجندي هدار الأسير في غزة. فقال له: «يجب أن يشمل أي اتفاق تهدئة مع غزة شرط إعادة أسرانا، لن يتحقق السلام مع الفلسطينيين من خلال قرارات أو لجان تحقيق معادية لإسرائيل». ودعاه إلى العمل أكثر حتى «يتوقف التحيز ضد إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة»، وقال: «منطقتنا في الشرق الأوسط بحاجة إلى بناء الثقة بين الشعوب. وليس هكذا يكون بناء الثقة».



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».