مصر تحث القوى الكبرى على تحريك قضية السد عبر مجلس الأمن

السيسي اعتبر الأزمة «تهديداً مباشراً للأمن القومي بمختلف جوانبه»

سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)
سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)
TT
20

مصر تحث القوى الكبرى على تحريك قضية السد عبر مجلس الأمن

سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)
سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل (رويترز)

تسعى الدبلوماسية المصرية، من خلال اتصالات مُكثفة مع القوى الكبرى، إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، على أمل إيجاد مخرج لنزاع «سد النهضة» الإثيوبي، والذي اعتبره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، بمثابة «تهديد مباشر للأمن القومي المصري بمختلف جوانبه». وتُصر إثيوبيا على ملء خزان السد، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل، مع بدء موسم الأمطار في يوليو (تموز) المقبل، متجاهلة مطالب مصر والسودان، بضرورة إبرام اتفاق قانوني أولاً ينظم قواعد ملء وتشغيل السد، ويجنبهما أضراراً متوقعة على حصتيهما المائية. وخلال قمة ثلاثية (مصرية - أردنية - عراقية) في بغداد، أمس، جدد السيسي موقف بلاده والذي يقضي بـ«ضرورة التوصل لاتفاق قانوني مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة»، مشدداً على أن القضية «تمثل إحدى أولويات السياسة المصرية، لتهديدها المباشر للأمن القومي المصري بمختلف جوانبه».
وأكد السيسي، وفق بيان رئاسي مصري، حرص بلاده على «الحفاظ على الأمن المائي العربي»، مرحباً بموقفي العراق والأردن المساندين للموقف المصري بشأن قضية «سد النهضة». وتتهم مصر إثيوبيا بالتعنت وإفشال المفاوضات، التي أُجريت على مدار نحو 10 سنوات بشكل متقطع. وقبل نحو أسبوعين أرسلت مصر والسودان، خطابين متتالين إلى مجلس الأمن، طالبا فيه بالتدخل كون النزاع «مهدداً للأمن والسلم الدوليين»، مع إحاطته بما وصلت إليه المفاوضات، وآخرها السنة الماضية، التي جرت برعاية الاتحاد الأفريقي، وتوقفت في أبريل (نيسان) الماضي. ووفق وزير الخارجية المصري سامح شكري، فإن بلاده تجري في الوقت الراهن «اتصالات على مستوى أعضاء المجلس مع ووزراء الخارجية في نيويورك والمندوبين الدائمين، لقبول المجلس عقد جلسة والتشاور فيما يتعلق بإيجاد مخرج». مؤكدا أن هذه الأمور «تحتاج الكثير من التنسيق والتداول والتشاور، وتعتمد على الإطار لتناول هذه القضية من منظور الدول أعضاء مجلس الأمن دائمة العضوية أو غير الدائمة ونظرتها للأمور وعلاقاتها بالأطراف».
وحدد شكري في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، مطالب مصر من مجلس الأمن، والتي تتضمن «التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضع القواعد الخاصة بملء وتشغيل سد النهضة، من خلال إطار أفريقي أممي معزز من المراقبين، وأن يتاح للرئاسة الأفريقية وسكرتير عام الأمم المتحدة الاستعانة بالمراقبين، والآليات التي في متناول أيديهم للمساعدة في وضع الحلول للمشاكل العالقة في طرح المقترحات التي تخرج من الأزمة وتؤدى إلى التوصل لاتفاق».
وسبق أن رفضت إثيوبيا مقترحا سودانيا بتوسيع دور المراقبين في المفاوضات، كما رفضت أي دور للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، متمسكة بالاتحاد الأفريقي طرفاً وحيداً لإدارة المفاوضات. واعتبر شكري وجود هذه الأطراف «من شأنه أن يوضح للمجتمع الدولي بشكل مباشر إلى أي مدى أظهرت كل من مصر والسودان المرونة وأظهرتا كل ما تستطيعان لتيسير الأمور بالنسبة للجانب الإثيوبي». وأعرب شكري عن أمله في أن يتحول الجانب الإثيوبي من التعنت إلى قبول الدخول في هذا الاتفاق».
وحذر شكري إثيوبيا من عدم الالتزام بقرار مجلس الأمن - حال صدوره - وقال إنه «سيكون دليلا آخر على عدم وجود الإرادة السياسية منها ودليلا واضحا أمام المجتمع الدولي، وينكشف الموقف والسياسة الإثيوبية، ويصبح على المجتمع الدولي التعامل مع هذا التعنت، وتكون مصر والسودان قد استنفذتا كافة الوسائل المتاحة في الإطار السياسي من مشاورات ومفاوضات ثلاثية ومفاوضات برعاية الولايات المتحدة ثم مفاوضات المسار الأفريقي، ثم إطار أممي من أعلى جهاز في منظومة من الأمم المتحدة».
وأضاف شكري «مصر والسودان لهما كل الحق وفقا للميثاق بأن يطلبا عقد مجلس الأمن، والأمر يتم التداول فيه في المشاورات فيما بين الأعضاء ليصلوا إلى قرار بعقد المجلس وتوقيت الانعقاد وطبيعته». وتابع: «بالتأكيد نحن في هذه المرحلة نجري مشاورات مع الدول الأعضاء نطرح عليهم كل التفاصيل الخاصة بالقضية وما نتوقعه من مخرج، وفي ضوء ذلك نبدأ في رصد وجود الـ9 أصوات الداعمة للمخرج ولانعقاد الجلسة».
وبخصوص زيارة شكري المرتقبة إلى نيويورك، أجاب قائلا: «كل ذلك وارد وفقا للمداولات والاتصالات الجارية والموعد الذي يتم تحديد الجلسة فيه بعد مداولات المجلس حول الموضوع».
وردت إثيوبيا على الخطابين المصري والسودان، بخطاب مقابل اتهمت فيه البلدين بأنهما «السبب في إفشال هذه المفاوضات»، وأنهما «يريدان الخروج من العباءة الأفريقية وتدويل القضية وتسييسها». لكن شكري أكد أنها «ادعاءات اعتادت إثيوبيا على إطلاقها كمحاولات التنصل وبإلقاء المسؤولية على الغير لإخفاء حقيقة موقفها»، مشيرا إلى أن «مصر والسودان طرحتا صيغا عديدة لاستئناف المفاوضات بشكل يرضي الرئاسة الكونغولية ويرضي المراقبين، لكن كان الرفض من قبل إثيوبيا خير دليل على أن ما ورد في الخطاب الإثيوبي مجرد افتراء».
وبين شكري أنه لم تطرح أي مقترحات مرتبطة باستئناف المسار منذ أن أوقفته إثيوبيا في اجتماعات كنشاسا الماضية، مضيفا «أنه بالتأكيد أن الرئاسة الكونغولية تجري مشاورات حول كيفية استمرار المسار الأفريقي، لكن لم يكن هناك أي اقتراح محدد في هذا الصدد».
وبشأن رفض بعض الدول التدخلات في قضايا الأنهار، قال شكري: «هناك بعض الدول تأخذ هذا المنحى، لكن في نهاية الأمر لا بد من دول أعضاء المجلس أن تتحمل مسؤوليتها عندما تم انتخابها نيابة عن العضوية العامة للجمعية العامة على أساس أن تعمل لحفظ السلم والأمن الدوليين؛ وعندما تكون هناك قضية سواء كانت متصلة بالأنهار أو أي قضية أخرى لها تأثيرها على السلم والأمن لا بد أن يضطلع المجلس بمسؤوليته».



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.