بعد ساعات من إعلان مصر استرداد 117 قطعة أثرية تم تهريبها إلى فرنسا وبريطانيا، ووقف محاولات بيعها في صالات المزادات العالمية، أعلنت وزارة الداخلية المصرية القبض على برلماني مصري سابق، بتهمة التنقيب والاتجار في الآثار، وهو ما يؤكد استمرار عمليات الحفر خلسة للتنقيب عن الآثار، ومحاولات تهريبها رغم تغليظ العقوبات القانونية لوقف الاتجار فيها، ومحاولة الدولة استرداد ما يتم تهريبه منها إلى الخارج.
وألقت أجهزة الأمن المصرية، مساء أول من أمس، القبض على علاء حسانين، عضو مجلس الشعب السابق، بتهمة «تزعمه تشكيلاً عصابياً للتنقيب عن الآثار وتهريبها»، وضبطت أجهزة الأمن بحوزة البرلماني السابق نحو 201 قطعة أثرية.
بدوره يرى الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، أن «القبض على تجار الآثار يعد عامل ردع لغيرهم، لكنه غير كافٍ»، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرار حوادث القبض على عصابات الاتجار بالآثار على فترات متقاربة، وتورط شخصيات بعضها يشغل مناصب مهمة يؤكد أن قضية الاتجار بالآثار لم تنتهِ، وأن كل عمليات القبض والعواقب غير رادعة».
وطالب عبد البصير بـ«تغليظ العقوبات في القانون لتصل إلى حد الخيانة العظمى مثل تهم الخيانة والجاسوسية، حتى تكون أكثر ردعاً لكن من يفكر في الاتجار في الآثار وتهريبها».
وفي الآونة الأخيرة، تم تعديل قانون حماية الآثار في مصر، وتغليظ عقوبة الاتجار بها وتهريبها، حيث عدّها القانون جريمة لا تسقط بالتقادم، وعاقب بالسجن المؤبد كل من قام ولو في الخارج بتكوين عصابة أو إدارتها أو الاشتراك فيها بقصد سرقة الآثار وتهريبها للخارج.
ويقول عبد البصير إنه «رغم تغليظ العقوبات في القانون، فإنها لا تزال غير رادعة مع وجود ثغرات تسمح لهذه العصابات بالالتفاف حول القانون»، مشيراً إلى ما «يحدث الآن في قضية شقة الزمالك والتي عُثر بها على مجموعة كبيرة من الآثار، لم يقم صاحبها بتسجيلها، رغم وجود قانون من عام 2010 يطالب كل من لديه قطع أثرية بتسجيلها لدى الوزارة»، مؤكداً أن «القانون في هذه الحالة لم يطالب ملاك هذه الآثار والذين حصلوا عليها بشكل قانوني في فترات سابقة بتسليمها للوزارة، بل طالبهم بتسجيلها، والسماح لمفتشي الآثار بتفقدها كل 6 أشهر، لكنّ هذا لم يحدث في قضية شقة الزمالك».
وخلال الشهر الماضي قادت الصدفة قوات الأمن للعثور على مجموعة من التحف والآثار داخل شقة بالزمالك، قال صاحبها إنه ورث بعضها من أجداده، واشترى الآخر من صالات مزادات عالمية.
وأكد عبد البصير «أهمية نشر الوعي الأثري بين الناس، خصوصاً مع زيادة تعرض كثيرين منهم للنصب والاحتيال بدعوى التنقيب والبحث عن آثار وكنوز داخل باطن الأرض، حتى إن بعضهم يتعرض للوفاة في أثناء الحفر بحثاً عن آثار».
وضمت قائمة القطع الأثرية التي تم ضبطها بحوزة البرلماني المصري السابق لوحين خشبيين لتابوت منقوش باللغة المصرية القديمة، و36 تمثالاً مختلفة الأطوال من 6 سم إلى 13 سم، و4 تماثيل أوشابتي، وتمثال خشبي طوله 40 سم على الهيئة الأوزيرية، وتمثال أوشابتي من المرمر، و52 عملة مختلفة الأشكال من البرونز والنحاس، وتمثال حجري منقسم لجزأين، ورأس تمثال لمهرج، يرجح أنه يعود للعصر اليوناني، ومائدة قرابين حجرية.
وبالتزامن مع القبض على البرلماني السابق أعلنت مصر استرداد مجموعة من القطع الأثرية من خلال التعاون والتنسيق القضائي مع فرنسا وبريطانيا، وقال عبد البصير إن «التعاون مع الجهات الخارجية وصالات المزادات أمر مهم للحد من الاتجار وتهريب الآثار للخارج، وقد نجحت الاتفاقيات الثنائية مع بعض الدول في استرداد الكثير من القطع الأثرية».
وتثير قضايا تهريب الآثار والاتجار بها ضجة وجدلا في الأوساط المصرية، خصوصاً مع الإعلان عن تورط شخصيات مهمة في بعضها، وربما كانت القضية المعروفة إعلاميا بقضية الآثار الكبرى، واحدة من أشهر القضايا في هذا الصدد، والتي صدر الحكم فيها في منتصف يناير (كانون الثاني) 2020، غيابياً بمعاقبة لاديسلاف أوتكر سكاكال، القنصل الفخري السابق لدولة إيطاليا، بالسجن 15 سنة بتهمة تهريب الآثار إلى أوروبا، وهي القضية التي تورط فيها بطرس رؤوف بطرس غالي، شقيق يوسف بطرس وزير المالية المصري الأسبق، وآخرين، وتعود القضية إلى مايو (أيار) عام 2018، حيث كشفت وسائل إعلام إيطالية عن ضبط قطع أثرية بحاويات دبلوماسية قادمة من مصر، بأحد الموانئ الإيطالية.
توقيف برلماني مصري سابق لتهريبه الآثار
توقيف برلماني مصري سابق لتهريبه الآثار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة