قد يكون من الصعب التكهن بشكل حاسم عن مآل «الترمبية» ومستقبلها في الحياة السياسية الأميركية، بعدما فرض الرئيس السابق دونالد ترمب تقريباً سلطته على الحزب الجمهوري. غير أن تعيين الضرر الذي سببه خطابه الشعبوي اليميني قد لا يكون متعذراً، لا سيما أن شظاياه أصابت الحزب الديمقراطي، حيث عززت كرد فعل الخطاب الشعبوي اليساري؛ الأمر الذي سمح لليمين الأميركي محاولة تصوير هذا اليسار على أنه الخطر الداهم على الديمقراطية في الولايات المتحدة.
وحقاً، منذ خسارة ترمب انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي، وقعت سلسلة أحداث سياسية لافتة، طرحت تساؤلات لدى العديد من المحللين والمثقفين الأميركيين، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري والمستقلين، تمحورت حول سؤال واحد كبير: هل سيعيد خروج ترمب من السلطة السياسة الأميركية إلى «طبيعتها» السابقة؟ بيد أن سؤالاً آخر لا يقل أهمية يطرح نفسه أيضاً: هل الانقسام الكبير حول التمييز العنصري، الذي يخترق الولايات المتحدة من قمة قيادتها السياسية إلى الناس العاديين، انقسام بنيوي موجود منذ تأسيس أميركا... أم جاء أخيراً نتيجة سياسات خاطئة؟
وجهتا نظر ناقشتا السؤال الأول، حيث عبرت الأولى عن خشيتها من أن يكون عهد ترمب قد أحدث تغييراً دائماً في المشهد السياسي الأميركي. بينما رأت الأخرى، أن سنوات حكمه المضطربة، ما كانت سوى انحراف عرضي رغم خطورته، سيصار إلى تجاوزه بعدما غادر البيت الأبيض.
بعد مرور أشهر عدة على خروج دونالد ترمب من البيت يبدو المشهد السياسي الأميركي أعقد بكثير من إمكانية الرهان على انتهاء الحقبة الترمبية، أولاً في ظل التحولات التي يشهدها الحزب الجمهوري، وثانياً القضايا المطروحة للنقاش والمقارعات السياسية الجارية اليوم بين الطبقة السياسية في واشنطن. وبدلاً من عودة الحزب الجمهوري إلى «رشده»، أظهرت غالبية استطلاعات الرأي أن ترمب عزز سيطرته على الحزب بدلاً من تراجع نفوذه فيه. فهو لا يزال يمثل الخيار الأول لدى قاعدة الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ الأمر الذي فرض على العديد من قيادات هذا الحزب الإدراك أن حظوظهم في الاستمرار بلعب دور سياسي مرهونة بولائهم لترمب.
ولعل «تراجيديا» استبعاد النائبة ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني، التي كانت من بين أبرز الأصوات المناهضة لترمب من موقعها القيادي في الحزب وفي مجلس النواب، تظهر بشكل واضح مدى التغيير الذي أصاب الجمهوريين. إذ صعدت في المقابل الأصوات الموالية والمتطرفة من أمثال النائبة مارجوري تايلور غرين من ولاية جورجيا، وتراجع زعيما الأقلية الجمهورية في مجلسي الشيوخ والنواب، ميتش ماكونيل وكيفين مكارثي، عن الانتقادات التي وجهاها إلى ترمب في أعقاب أحداث اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي مباشرة. ومن ثم، وتوليّا إسكات الأصوات المنتقدة له، بحجة الحفاظ على وحدة الحزب واستعادة السيطرة على الرئاسة ومجلسي الشيوخ والنواب.
ولم يكتف الجمهوريون بذلك، بل أفشلوا أيضاً تشكيل لجنة تحقيق مستقلة بتلك الأحداث، في إصرار «دق جرس إنذار كبير عن الأخطار المحدقة بالديمقراطية الأميركية»، على حد قول تشيني. كذلك، يرفض الجمهوريون والمحافظون اليمينيون الحديث عن الديمقراطية «في مواجهة أزمة وجودية» – وفق تصورهم -، حيث أعلن ماكونيل أخيراً، أن تشكيل اللجنة للتحقيق في أحداث 6 يناير «ببساطة... مسألة غير ضرورية». وأضاف، أن تحقيقات الشرطة ضمنت «عدم إفلات أي شخص من أي شيء».
في المقابل، يعرب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي تشاك شومر عن أسفه؛ لأن «كذبة دونالد ترمب الكبرى قد غطت الحزب الجمهوري بالكامل الآن. هذه الكذبة هي الآن المبدأ لما كان يسمى في السابق حزب لنكولن».
وهنا، يرى مراقبون أن الممارسة الأخطر للجمهوريين راهناً هي المتعلقة بتغيير قواعد الانتخابات وقوانينها للحد من مشاركة الأقليات. وهذا يحدث في خط بياني يسعون إلى تنفيذه من خلال تمرير مشاريع قوانين في غالبية الولايات التي يسيطرون عليها، على الرغم من نجاح الديمقراطيين في تعطيل أبرزها، كما جرى في ولاية تكساس أخيراً، عندما أدى انسحاب نوابهم من جلسة إقرار هذه القوانين إلى إبطال النصاب وإفشال المحاولة، إلى حين! ولقد وصف خايمي هاريسون رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية محاولات تعديل قوانين التصويت التي تقلّص مشاركة الأقليات لمصلحة البيض، بأنها ليست سوى عنصر واحد مما يعد له الجمهوريون. وتابع خلال ظهوره الثلاثاء على محطة «إم إس إن بي سي»، «إنها إحدى اللحظات الأكثر خطورة لتغيير السياسات من الجمهوريين، فالديمقراطية الأميركية على المحك بالفعل». كذلك نقلت صحيفة «ذي هيل» عن لاري دايموند، الزميل البارز في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، قوله «إن صحة الديمقراطية الأميركية لم تتحسن في أعقاب هزيمة ترمب... وفي بعض النواحي، أعتقد أن الأمر بات أسوأ؛ لأنه من الواضح جداً الآن أن لدينا العديد من أعضاء أحد الحزبين السياسيين، يسيرون بشكل أساسي وفق أجندة معادية للديمقراطية».
الخطاب القومي... والعنف
جدير بالذكر، أن خطاب ترمب «التحريضي» بحسب الديمقراطيين، لم يعد مقتصراً عليه وحده، بل انضمت إليه أصوات أخرى باتت أكثر جرأة في التعبير عمّا تضمره، كخطاب مستشار الأمن القومي السابق لترمب الجنرال مايكل فلين، الذي أشار إلى دعمه انقلاباً على الطريقة البورمية»، أثناء ظهوره في مؤتمر نظمته حركة «كيو أنون» اليمينية المتطرفة قبل بضعة أسابيع، رغم نفيه اللاحق هذا التصريح. وفي استطلاع للرأي أجراه المعهد العام لأبحاث الدين أخيراً، خلص إلى أن 28 في المائة من الناخبين الجمهوريين يتفقون مع العبارة القائلة بأن «الوطنيين الأميركيين قد يضطرون إلى اللجوء إلى العنف» من أجل «إنقاذ» البلاد. وهو ما دعا البعض إلى القول بأن «ظاهرة ترمب» هي أحد الأعراض وليست سبباً للخلل الذي تعانيه الديمقراطية الأميركية المتدهورة، بحسب بعض الأكاديميين الذين وقّعوا على عريضة نشرت تحت مسمى «بيان القلق». ووصف الموقعون أنفسهم بأنهم «علماء الديمقراطية الذين شاهدوا التدهور الأخير للانتخابات الأميركية والديمقراطية الليبرالية بقلق متزايد». ورأى هؤلاء، أن منتقدي ترمب بالغوا في تقدير تأثير هزيمته في الانتخابات على القوى التي دعمته، وبأن تأثير خطابه رغم كل الضجيج الذي يحيط بنظرية المؤامرة وسرقة الانتخابات وارتفاع أسهمه، آخذ في الانخفاض، مقابل تصاعد حدة الخطاب الذي تدلي به الطبقة السياسية.
وهنا يقول البروفسور لاري بارتلز، المدير المشارك لمركز دراسة المؤسسات الديمقراطية في جامعة فاندربيلت العريقة «حقيقة أن الكثير من الناس العاديين كانوا على استعداد لاتباعه حتى الآن، هي مؤشر واضح على مدى استقطاب مجتمعنا سياسياً». وأضاف «حقيقة أن العديد من النخب السياسية كانت على استعداد لاتباع ترمب حتى الآن هي أكثر دلالة، لا بل هي غير صحية. ومع ذلك، حتى لو غاب ترمب عن المشهد السياسي، من المؤكد تقريباً أن شخصاً آخر مثله سيتابع ذلك».
حرب ثقافية قبل الانتخابات
وبالفعل، لا يمكن تجاهل أن الاستقطاب السياسي بات يضرب المجتمع الأميركي، بل تسرب إلى كل مفاصل الحياة السياسية الأميركية تقريباً. ويحذر العديد من الخبراء من أن هذا الاستقطاب أدى إلى تقسيم العائلات والمنظمات ومصادر المعلومات والإعلام، فضلاً عن الخلاف المندلع على خلفية برامج التعليم التي تدرس في المدارس الأميركية، والمخصصة تحديداً لمواجهة الانقسام والتمييز العرقي وعنف الشرطة الذي يستهدف السود، وعمليات القتل التي تضرب بشكل دوري المدارس الأميركية والمؤسسات الثقافية والدينية والتجارية أيضاً.
ويصف البعض ما يجري في المدارس الأميركية بأنه حرب ثقافية امتدت إلى النظام التعليمي في البلاد، حيث يحاول الجمهوريون على مختلف المستويات، منع المناهج الدراسية التي تدعو إلى مواجهة العنصرية المنهجية. وفي تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» أخيراً، أن 39 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين وصفوا تعليم التاريخ الذي يركز على «العنصرية النظامية» بأنه شكل من أشكال «غسل الدماغ عبر التلقين النشط».
كذلك، أقرت الهيئات التشريعية التي يقودها الجمهوريون في جميع الولايات مشاريع قوانين في الآونة الأخيرة، تحظر أو تقيد المدارس في تدريس العنصرية. لكن المفارقة، أن الحاكم الجمهوري لولاية أوكلاهوما الذي وقّع في أوائل مايو (أيار) الماضي نسخة ولايته من القانون، كان عضواً في اللجنة المئوية للمذبحة العنصرية التي وقعت عام 1921 في مدينة تولسا، ثاني كبرى مدن الولاية، والمدينة التي زارها الرئيس جو بايدن لإحياء ذكرى واحدة من أسوأ حوادث العنف العنصري في تاريخ الولايات المتحدة، وراح ضحيتها أكثر من 300 من السود، وقد جرى إقصاؤه من عضويتها.
وحقاً، يقول العديد من الباحثين والمعلقين السياسيين، إن الجمهوريين يشنّون حملة نشطة من مجالس المدارس إلى قاعات الكونغرس، بهدف فرض وجهة نظرهم حول كيفية تدريس العنصرية التاريخية والحديثة في أميركا. يقابل ذلك معارضة من الديمقراطيين والمعلمين في صراع شائك سياسياً، سيكون له تداعيات عميقة على كيفية تعلم الأطفال عن بلدهم.
وتتزامن هجمات الجمهوريين على «نظرية العرق الحرجة»، وهي إطار عمل لمدرسة الدراسات العليا وجد طريقه إلى التعليم العام من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، مع استراتيجية واسعة ينفذها الحزب الجمهوري، للتحريض على قضايا الحرب الثقافية في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022، بدلاً من شن حملة مباشرة ضد أجندة بايدن الاقتصادية، التي تشير معظم استطلاعات الرأي إلى أنها تلقى تأييداً لدى الناخبين، في بلد بدأ يخرج من جائحة «كوفيد - 19». والملاحظ، أن الجمهوريين يركزون هجماتهم على تأثير هذه النظرية، التي تجادل بأن الأنماط التاريخية للعنصرية متأصلة في القانون والمؤسسات الحديثة الأخرى، وبأن موروثات العبودية والفصل العنصري لا تزال تخلق ساحة لعب غير متكافئة للسود وغيرهم من الملوّنين. ويصوّر العديد من المحافظين نظرية العرق الحرجة والتذرّع بالعنصرية النظامية على أنها تحدٍ، تم إلقاؤه لاتهام الأميركيين البيض بأنهم عنصريون بشكل فردي، ويتهمون اليسار بمحاولة تلقين الأطفال وحملهم على الاعتقاد بأن الولايات المتحدة شريرة بطبيعتها.
العنصرية والتلقين
خبراء التعليم يقولون، إنه نظراً إلى أن معلمي المدارس الحكومية البالغ عددهم ثلاثة ملايين في أميركا، يتمتعون بقدر كبير من الاستقلالية في تعيين المواد التي تدرس في الفصول الدراسية، يرجحون ألّا يكون لتلك التشريعات أي فاعلية في التأثير على المواد التي تتناول المفاهيم العرقية والعنصرية. لا، بل إن المناقشات حول العنصرية النظامية أصبحت أكثر شيوعاً في المدارس الأميركية في السنوات الأخيرة، لا سيما في المناطق الليبرالية. وهو ما دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى الإعلان في الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية عام 2020، عن تشكيل لجنة أنشأها صراحة لربط ما وصفه بأنه «تلقين يساري» في المدارس بالتحريض على الاحتجاجات، التي اتخذت طابعاً عنيفاً في بعض الأحيان؛ بسبب عنف الشرطة ضد السود بشكل خاص. وفي حين سخر العديد من المؤرخين الرئيسيين من التقرير الذي أصدرته اللجنة، قام بايدن بإلغائها في اليوم الأول من توليه منصبه. لكن تأثيرها لا يزال مستمراً لدى اليمين والمحافظين والجمهوريين عموماً، حيث وجد استطلاع لمركز «بيو» للأبحاث، أن الأميركيين منقسمون بشدة حول تصوراتهم عن التمييز العنصري. وقال أكثر من 60 في المائة من المحافظين، إن المشكلة الأكبر هي «أن يرى الناس التمييز حيث لا يوجد، بينما يتجاهلونه حيث هو موجود بالفعل». في حين وافق 9 في المائة فقط من الليبراليين على ذلك.
اليسار «التقدمي» سلاح للجمهوريين الأميركيين
> وسط الاستقطاب السياسي الشديد في الساحة الأميركية، يعاني الديمقراطيون انقساماً واضحاً. وفي حين ترفض غالبية الناخبين الأميركيين اتهام أميركا بأنها عنصرية من جذورها، وهذا هو رأي غالبية الناخبين وقاعدة الحزب الديمقراطي نفسه، فإن هذه وجهة نظر يتبناها الجناح اليساري التقدمي في الحزب الديمقراطي. وما يقلق كثرة من الديمقراطيين، أن هذا التفكير الراديكالي يسلم الجمهوريين هدية ثمينة يستخدمونها ذريعةً سياسية. مع هذا نرى أجزاء كبيرة من قاعدة الحزب الديمقراطي، بما في ذلك العديد من الناخبين الملوّنين، تدعو إلى مزيد من النقاش في المدارس حول مدى انتشار العنصرية، ويعتقدون أن مثل هذا النقاش ضرورة تربوية يجب أن تنفصل عن السياسات الحزبية.
مما لا شك فيه أن تصاعد الجدل حول التأثير الحقيقي أو المتصوَّر لنظرية العِرق الحرجة، قد تسارع خلال رئاسة دونالد ترمب، عندما اشتعلت المناقشات حول العنصرية في البلاد بسبب تعليقاته العنصرية وموجة الاحتجاجات التي عمت أرجاء البلاد العام الماضي، على قتل رجل شرطة أبيض لجورج فلويد الرجل الأسود في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا.
وقبل بضعة أسابيع، أعلن الرئيس جو بايدن في مدينة تولسا، أن جريمة قتل المواطنين السود على يد عصابة بيضاء في المدينة قبل قرن كان مدفوعاً بالعنصرية التي أصبحت «متأصلة بشكل منهجي في قوانيننا وثقافتنا». وتابع بايدن، إن أميركا لا يمكنها التظاهر بأن تلك القوانين «لا تؤثر علينا اليوم». وأعلن، من ثم، عن سياسات لتضييق فجوة الثروة التي تفصل بين الأعراق، من خلال مساعدة السود على شراء المنازل ودعم أصحاب الأعمال الصغيرة. وهذه واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه السود، حيث يكاد حصولهم على القروض السكنية من المصارف الخاصة ومن المصارف الفيدرالية الحكومية، شبه مستحيل في ظل نمط من التمييز ذات طابع عرقي واقتصادي واجتماعي.
هذا، ويضيف تقرير «نيويورك تايمز»، أن بعض النقاش حول التعليم كان مدفوعاً بالمشروع الذي أطلق عليه «1619»، نسبة للعام الذي رست فيه أول سفينة تحمل عبيداً على شاطئ ولاية فيرجينيا، الذي يجادل بأنه «أصل أميركا». فقد نما كل شيء تقريباً، من العبودية والعنصرية التي مورست ضد السود وجعلت أميركا استثنائية». ويضيف التقرير، أن اختصاصيي التوعية تبنّوا المناهج الدراسية التي أنشئت جنباً إلى جنب مع المشروع: «استجابة لأمة متغيرة» حيث أصبح غالبية طلاب المدارس العامة الآن من غير البيض. غير أن ما يقرب من 80 في المائة من المعلمين ما زالوا من البيض.
لكن رد الجمهوريين جاء صادماً ومكثفاً؛ إذ أعلن زعيم الأقلية ميتش مأكونيل في مجلس الشيوخ، أنه لا يوافق على أن عام 1619 كان مهماً في تاريخ الولايات المتحدة. ودعا مع أعضاء جمهوريين آخرين إدارة بايدن إلى التخلي عن الجهود التي تبذلها وزارة التعليم لإعطاء الأولوية لدروس التاريخ التي تؤكد على «التهميش المنهجي» الذي مورس على الأقليات. والجدير ذكره، أنه بالتوازي مع البرامج التعليمية الخاصة بمواجهة العنصرية التي عُممت على المؤسسات التعليمية الأميركية منذ عقود، فإن غالبية المؤسسات الأميركية الحكومية والخاصة تطلب من موظفيها الخضوع لدورات تثقيفية وتوجيهية عن أشكال «التمييز» و«التنمر». وتضع تلك المؤسسات قوانين وضوابط لمنعها، حيث يمكن للمخالفين التعرض لعقوبات قد تصل إلى حد الفصل من وظائفهم. وهذه القوانين جرى إقرارها تباعاً، على مدى فترات زمنية في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، وجاءت ثمرة نضالات العديد من قادتها السياسيين من كلا الحزبين. ويرى منتقدو الحزب الجمهوري بنسخته «الترمبية»، أن توجهاته السياسية الحالية، تشكل تراجعاً عن تلك الإنجازات التي شارك الحزب نفسه في تحقيقها، ومنحت الولايات المتحدة سمعتها كحامية ومدافعة عن الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان.