ليندركينغ يعترف ضمنياً بالتواصل مع الحوثيين ويتمسك بوقف تصعيدهم في مأرب

المبعوث الأميركي لليمن خلال مشاركته في إحاطة إعلامية مع المتحدث باسم الخارجية الأميركية (رويترز)
المبعوث الأميركي لليمن خلال مشاركته في إحاطة إعلامية مع المتحدث باسم الخارجية الأميركية (رويترز)
TT

ليندركينغ يعترف ضمنياً بالتواصل مع الحوثيين ويتمسك بوقف تصعيدهم في مأرب

المبعوث الأميركي لليمن خلال مشاركته في إحاطة إعلامية مع المتحدث باسم الخارجية الأميركية (رويترز)
المبعوث الأميركي لليمن خلال مشاركته في إحاطة إعلامية مع المتحدث باسم الخارجية الأميركية (رويترز)

اعترف تيم ليندركينغ المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن ضمنيا بأن بلاده على تواصل مع الحوثيين، من أجل دفعهم إلى عملية السلام والحل السلمي في اليمن، في الوقت الذي اعتبر أن استمرار القتال في مأرب يفاقم من الأزمة الإنسانية المستمرة في التدهور، متهما الجماعة بأنها تسلح الوضع الإنساني في اليمن.
وقال ليندركينغ خلال حديثه في ندوة عبر الاتصال المرئي أمس مع المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية، إن الحوثيين أبدوا رغبة في السلام، ودعم فرضيته بالقول إن «هناك بالتأكيد عناصر داخل القيادة الحوثية تؤيد ذلك».
وفِي اعتراف ضمني، أكد المبعوث تواصله مع الجماعة بقوله: «نواصل الجهود لتحقيق السلام من خلال العديد من الشركاء مثل العمانيين، ومن الجهات الفاعلة الأخرى مثل السعودية، ومن أنفسنا (أي أميركا)، وأعتقد أنه يتعين علينا الاستمرار في تحفيزهم للوصول إلى السلام».
وأضاف «لقد تحدثت في عدد من المناسبات عن شرعية الحوثيين، أي أن الولايات المتحدة تعترف بهم كفاعل شرعي، ونحن نعترف بهم كمجموعة حققت مكاسب كبيرة. لا أحد يستطيع أن يتمنى خروجهم من الصراع أو الخروج منه، لذلك دعونا نتعامل مع الحقائق الموجودة على الأرض، ونحقق هذا الإجماع الدولي، على أمل أن تشجع الحوثيين على دعم العملية التي تقودها الأمم المتحدة، والجهود الجارية لدعم السلام في عملية الانتقال السياسي». وأكد ليندركينغ أن الأزمة الإنسانية في اليمن مرتبطة بالحرب واستمرار المعارك، وستستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، ولا بد من حاجة حقيقية لمعالجة كلا المسارين في نفس الوقت، معتبراً أنها مرت أعوام عديدة من عدم الاستقرار، والحكم الضعيف في اليمن، مما أدى إلى تآكل الخدمات الأساسية، كما أدى الاقتصاد المضطرب وتعطيل الانتقال السياسي السلمي واندلاع الحرب منذ ما يقرب من سبع سنوات، إلى تسريع هذا الاتجاه بشكل كبير.
وأفاد بأنه «لا توجد أي حلول سهلة لمعالجة الأزمة الإنسانية»، إذ من الواضح الحاجة اللازمة من المانحين لبذل المزيد من الأموال لليمن، محذراً من أولئك «الذين يقترحون أن هناك حلولاً سهلة في اليمن»، بيد أنه لم يسمِهم.
وأضاف «ما رأيته غالباً ما تكون مجرد محاولات أخيرة من قبل الجهات الفاعلة في الصراع لتسليح الوضع الإنساني، واستخدام الأزمة الإنسانية للقتال للوصول إلى أهداف سياسية، والطريقة الوحيدة للبدء في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الإنسانية هي التوصل إلى حل سياسي للصراع، وحلها من أهم أولوياتنا، وهناك رغبة قوية دولية في وقف الحرب في اليمن، ودعم مبادرة وقف إطلاق النار، وهناك دعم لمبادرة الرياض وهذا يعطي فرصة كبيرة لليمنيين في إيجاد حل سلمي، ولحكومة اليمن القابلية للعودة إلى اليمن وممارسة عملها».
ودعا المبعوث الحوثيين والحكومة اليمنية إلى ضرورة الانخراط في عميلة وقف النار، لإنهاء الأزمة في إيصال المساعدات والمعدات والبنزين أيضاً، مفصحاً عن تلاعب الحوثيين بأسعار الغاز والبنزين، رغم وصوله إلى اليمن عن طريق موانئ الحديدة وغيرها.
فيما أشاد بالدور العماني وأهميته في دعمها حل الأزمة اليمنية، قائلاً عنه إنه «واضح وكبير، وقبل أسبوعين أرسلوا وفداً إلى صنعاء، من أجل تعزيز السلام ولعب دور مهم في إقناع الحوثيين». مبينا أن هناك مليون نازح في مأرب وحالة القتال مستمرة، وبحسب منظمة الصحة العالمية؛ فإن هذا الهجوم سيكون له عواقب سلبية للغاية على البنية التحتية الإنسانية المتهالكة.
على الجانب الإيجابي أيضاً، قال ليندركينغ: «يسعدني أن أرى أن هناك انخراطاً مرة أخرى في اتفاق الرياض، وهو الجهد لجلب الجنوب إلى استقرار أكبر، وسيؤدي ذلك إلى تحسين الخدمات الأساسية لليمنيين، الذين نعتقد أن اتفاق الرياض يقود العملية إلى الأمام، وسيخلق المزيد من الفرص للحكومة اليمنية للعودة إلى عدن، وفي الواقع لتوفير الخدمات الأساسية، وجميع العناصر الأساسية للبنية التحتية في الجنوب للمضي قدماً».
بدوره، حذر ديفيد غريسلي منسق الأمم المتحدة المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، من قلة الموارد المالية وضعف شديد في المساعدات التي تصل إلى اليمنيين، قائلاً: «إذا لم نستلم أموالاً من المانحين بحلول يوليو (تموز) وأغسطس (آب) المقبلين، فإن الكثير من نشاطاتنا ستتوقف، وهناك حاجة إلى ملياري دولار عاجلاً».
وأفاد غريسلي خلال حديثه في الندوة المرئية، بأن الاقتصاد اليمني تراجع بنسبة 50 في المائة بسبب الحرب، وأن الشهر الماضي كان الأكثر دموية في اليمن، إذ إن هناك طفلا يمنيا يموت كل دقيقة، وأن «الخدمات الصحية في 82 في المائة من المقاطعات اليمنية غير موجودة وعلى حافة الانهيار فيما تبقى».
وأضاف «الأزمة الإنسانية في اليمن هي الأسوأ على مستوى العالم، لا بديل للسلام في اليمن ولكن الوصول إليه لن يكون سهلاً، وأن قصف الحوثيين يؤدي إلى وضع شركائنا على الأرض في مأرب في خطر». من جهتها، دعت سارة تشارلز مساعدة مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الحوثيين والسلطات في الجنوب إلى «التوقف عن عرقلة حركة المساعدات الإنسانية»، التي قالت إنها قد تؤدي «إلى المجاعة في اليمن».
وأشارت تشارلز خلال مشاركتها في الندوة المرئية أمس، إلى أن اليمن لا يزال واحدا من أسوأ البلاد التي تعاني من الأزمة الإنسانية في العالم، وأن ثلثي سكان البلاد بحاجة الآن إلى مساعدات إنسانية عاجلة، أي أكثر من 20 مليون يمني يكافحون يومياً من أجل البقاء على قيد الحياة.
وكشفت أن هناك أكثر من 2 مليون طفل يمني يواجهون سوء تغذية مميتة هذا العام، وعلى مدار هذا الصراع الذي دخل الآن عامه السابع، «رأينا العائلات تزداد معاناتها مراراً وتكراراً مع تحول خط الصراع، لتصبح أكثر ضعفاً في كل مرة يضطرون إلى الفرار، نحن نشهد هذا الأمر بشكل أكثر حدة الآن».
واعتبرت سارة تشارلز أن هجوم الحوثيين الأخير المدنيين في مأرب، يهدد بتشريد مئات الآلاف من الأشخاص، وبعد سنوات من الصراع والفقر المتزايد، أصبح اليمن بالفعل في وضع غير مستقر، لافتة إلى أن المساعدات المقدمة من المجتمع الدولي منعت حتى الآن الفئات الضعيفة من السكان من الانزلاق إلى المجاعة.
وأضافت «قدم المجتمع الإنساني مساعدات طارئة بما في ذلك المأوى والصحة وإمدادات نظافة المياه المأمونة والمال لما يقرب من 14000 أسرة، أجبرت على الفرار من القتال، ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، لا يزال تنقل عمال الإغاثة أمراً خطيراً للغاية وصعباً لوجيستياً، كما أن الهجمات العشوائية في الشمال الشرقي على السكان المدنيين تضع شركاءنا على الأرض الموظفين الشجعان في خطر، ونسمع تقارير عن احتجاز أو ممارسة العنف ضد العاملين في المجال الإنساني ومضايقتهم من قبل قوات الأمن، مما يعرضهم لخطر أكبر ويزيد من إعاقة نطاق المساعدات العاجلة».


مقالات ذات صلة

الخليج الكويت العاصمة (كونا)

الكويت تؤكد دعمها الكامل للحكومة الشرعية اليمنية وتدعو للحلول الدبلوماسية

شددت الكويت على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وحماية مصالح الشعب اليمني الشقيق، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج علم قطر في العاصمة الدوحة (أرشيفية)

قطر تؤكد دعمها لوحدة اليمن وتشدد على أولوية الحوار لحماية أمن المنطقة

أكدت دولة قطر متابعتها باهتمام بالغ للتطورات والأحداث الجارية في الجمهورية اليمنية الشقيقة، مجددة موقفها الداعم للحكومة اليمنية الشرعية.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
العالم العربي اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

حذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي من فرض الأمر الواقع في حضرموت والمهرة مطالباً بموقف دولي صريح لحماية الدولة اليمنية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج الخارجية البحرينية ثمنت الدور المحوري الذي تضطلع به السعودية والإمارات في دعم أمن واستقرار اليمن (الشرق الأوسط)

البحرين تؤكد ثقتها بقيادتي السعودية والإمارات في تجاوز التباينات ضمن البيت الخليجي

أكدت البحرين ثقتها في حكمة قيادتي السعودية والإمارات وقدرتهما على احتواء أي تباينات في وجهات النظر ضمن إطار البيت الخليجي الواحد، وبما ينسجم مع مبادئ المجلس.

«الشرق الأوسط» (المنامة)

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.


اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
TT

اليمن يعلن حالة الطوارئ ويطلب خروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة

المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)
المجلس الانتقالي الجنوبي حاول إخضاع شرق اليمن بالقوة المسلحة (رويترز)

أعلن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الثلاثاء، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، مع إلزام قواتها بالانسحاب الكامل من الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، في إطار جهود الحكومة اليمنية للحفاظ على سيادة البلاد ووحدتها إزاء تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي وتصعيده في حضرموت والمهرة، ومواجهة انقلاب الحوثيين المستمر منذ عام 2014.

وجاء في نص القرار الذي صدر عن العليمي، أن إلغاء الاتفاقية يستند إلى الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس المجلس الرئاسي، وبمقتضى القرار رقم (9) لسنة 2022، مؤكداً على أهمية حماية المواطنين وسلامة الأراضي اليمنية. كما نص القرار على تسليم المعسكرات كافة في محافظتي حضرموت والمهرة إلى قوات «درع الوطن».

وفي خطوة متزامنة، أصدر الرئيس اليمني قراراً بإعلان حالة الطوارئ في أنحاء اليمن كافة لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد. القرار يستند إلى الصلاحيات الدستورية نفسها، ويستهدف مواجهة الانقلاب على الشرعية والفوضى الداخلية التي قادتها عناصر عسكرية، قالت الحكومة اليمنية إنها تلقت أوامر من الإمارات بالتحرك ضد المحافظات الشرقية بهدف تقسيم البلاد.

الدخان يتصاعد في أعقاب غارة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية استهدفت شحنة عسكرية غير قانونية (رويترز)

وتضمنت إجراءات حالة الطوارئ، وفقاً للقرار الرسمي، فرض حظر شامل على الحركة الجوية والبحرية والبرية في جميع المواني والمنافذ لمدة 72 ساعة، باستثناء الحالات المصرح بها رسمياً من قيادة تحالف دعم الشرعية، الذي تمثله المملكة العربية السعودية. كما منح القرار محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لإدارة شؤون محافظتيهما، والتعاون مع قوات «درع الوطن» حتى تسلُّم المعسكرات.

أشار القرار إلى أن جميع القوات العسكرية في حضرموت والمهرة مطالبة بالعودة فوراً إلى مواقعها ومعسكراتها الأساسية، والتنسيق التام مع قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، دون أي اشتباك، لضمان استقرار الوضعين العسكري والمدني في المحافظتين.

توضيح الموقف

في سياق بيان الموقف، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي الالتزام بحماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد، وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن، ويقوّض فرص السلام.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي الداعي للانفصال عن اليمن (إ.ب.أ)

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة، وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

وأوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، تعدّ تمرداً على مؤسسات الدولة الشرعية.

تأييد مجلس الدفاع الوطني

أعلنت مؤسسات الدولة اليمنية، وفي مقدمها مجلس الدفاع الوطني، والحكومة الشرعية، والسلطة المحلية في محافظة حضرموت ووزارة الدفاع وهيئة الأركان، اصطفافها الكامل خلف قرارات العليمي، الهادفة إلى مواجهة تمرد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإنهاء الوجود الإماراتي ضمن تحالف دعم الشرعية، إلى جانب إعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد.

في ضوء هذا الاصطفاف، ترأس العليمي اجتماعاً لمجلس الدفاع الوطني، ضم أعضاء مجلس القيادة، ورؤساء السلطات التشريعية والتنفيذية، وقيادات عسكرية وأمنية، إلى جانب محافظ حضرموت؛ لمناقشة التطورات الخطيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانعكاساتها على الأمن والاستقرار ووحدة القرار السيادي للدولة.

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

وجدَّد مجلس الدفاع الوطني توصيفه لهذه التحركات بَعدّها «تمرداً صريحاً» على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويضاً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتهديداً مباشراً للسلم الأهلي، محذراً من أن تداعيات هذا التصعيد تصبّ في مصلحة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، عبر تفجير الجبهة الداخلية، وتشتيت الجهد الوطني في مرحلة بالغة الحساسية.

وحسب الإعلام الرسمي، بارك المجلس قرارات العليمي المتضمنة إعلان حالة الطوارئ، وإنهاء الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، عادَّاً أنها تجسد المسؤوليات الدستورية لقيادة الدولة في حماية المدنيين، وصون مؤسساتها الوطنية ومركزها القانوني، مؤكداً الرفض المطلق لأي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو استخدام السلاح لتحقيق مكاسب سياسية.

ترحيب حكومي

أعلنت الحكومة اليمنية تأييدها المطلق لقرارات العليمي، عادّة إعلان حالة الطوارئ إجراءً دستورياً مشروعاً تفرضه الضرورة الوطنية لمواجهة التمرد المسلح، وحماية السلم الأهلي، ومنع الانزلاق نحو الفوضى وتقويض مؤسسات الدولة.

ورحَّبت الحكومة اليمنية في بيان بالإجراءات التي اتخذتها قيادة القوات المشتركة، بما في ذلك تنفيذ ضربة جوية محدودة ودقيقة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً غير مشروع في ميناء المكلا؛ بهدف حماية المدنيين ومنع عسكرة المواني والسواحل.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وفي امتداد لاصطفاف مؤسسات الدولة اليمنية خلف قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أعلنت قيادة وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تأييدهما الكامل ومباركتهما للقرارات، عادَّتين أنها جاءت في «لحظة مفصلية» من تاريخ البلاد، واستجابة لتطلعات الشعب اليمني، وإنفاذاً للواجبات الدستورية والصلاحيات المنصوص عليها في الدستور ومرجعيات المرحلة الانتقالية.

وأكد بيان صادر عن قيادة وزارة الدفاع وهيئة الأركان أن القوات المسلحة اليمنية بمختلف تشكيلاتها تتمتع بروح معنوية عالية وجاهزية قتالية كاملة، تخولها تنفيذ مهامها الدستورية والوطنية في جميع الظروف، مشدداً على الالتزام التام بتنفيذ القرارات والإجراءات الصادرة عن القيادة العليا، بوصفها التعبير الشرعي عن وحدة القرار السيادي للدولة.

بدورها، أعلنت السلطة المحلية في محافظة حضرموت تأييدها الكامل لقرارات القيادة السياسية، واستعدادها للتنسيق مع قوات «درع الوطن» لتسلم المعسكرات والمواقع الحيوية، وضمان انتقال سلس وآمن للمسؤوليات العسكرية، داعيةً أبناء المحافظة والقوات المسلحة والأمن إلى الالتفاف حول القيادة الشرعية؛ حفاظاً على أمن حضرموت واليمن.