الأمم المتحدة حول أزمة المناخ: مجاعة وجفاف وأمراض

يعاني أكثر من نصف سكان العالم من انعدام الأمن المائي وتأثيرات المناخ ستؤدي إلى تفاقم هذا الوضع (أ.ف.ب)
يعاني أكثر من نصف سكان العالم من انعدام الأمن المائي وتأثيرات المناخ ستؤدي إلى تفاقم هذا الوضع (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة حول أزمة المناخ: مجاعة وجفاف وأمراض

يعاني أكثر من نصف سكان العالم من انعدام الأمن المائي وتأثيرات المناخ ستؤدي إلى تفاقم هذا الوضع (أ.ف.ب)
يعاني أكثر من نصف سكان العالم من انعدام الأمن المائي وتأثيرات المناخ ستؤدي إلى تفاقم هذا الوضع (أ.ف.ب)

قد يواجه طفل يولد اليوم تهديدات عدة قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره، بسبب التغيرات المناخية المتسارعة. إذ تحذر مسودة تقرير وضعتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن عشرات الملايين من البشر سيعانون من المجاعة والجفاف والأمراض في غضون عقود، في إطار العواقب الكارثية للاحترار المناخي على صحة البشر.
وقالت ماريا نايرا مديرة الصحة العامة والبيئة في منظمة الصحة العالمية لوكالة الصحافة الفرنسية: «استدامة أسس صحتنا تعتمد على ثلاث ركائز: الطعام الذي نأكله والحصول على المياه والمأوى»، مضيفة «هذه الركائز باتت ضعيفة للغاية وعلى وشك الانهيار».
وبعد عام قلب فيه وباء (كوفيد - 19) العالم رأسا على عقب، تأتي مسودة التقرير الذي أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ليقدم رؤية مأسوية للعقود المقبلة مع سوء تغذية وانعدام الأمن المائي وأوبئة. والخيارات التي تتخذ على صعيد السياسات، مثل الترويج لحميات نباتية، يمكن أن تحد من هذه العواقب الصحية، لكن الكثير من هذه العواقب لا يمكن ببساطة تجنبها على المدى القصير، وفق التقرير، الذي اطلعت عليه وكالة الصحافة الفرنسية، وحذر من تأثيرات متتالية مثل المحاصيل التالفة وانخفاض القيم الغذائية في مواد غذائية أساسية وارتفاع التضخم، التي من المرجح أن تصيب الفئات الأضعف بين البشر. ويقدم تقرير الذي شارك في إعداده أكثر من 700 باحث، الصورة الأشمل حتى الآن لتأثيرات التغير المناخي على كوكبنا والكائنات التي تعيش عليه، ومن المقرر نشره العام المقبل. ويتوقع التقرير أن يواجه 80 مليون شخص إضافي خطر المجاعة العام 2050.
كذلك يتوقع تعرض إمدادات المياه لاضطراب يؤدي إلى تراجع محاصيل الزراعات التي تعتمد على مياه الأمطار في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء. ويمكن لـ40 في المائة من مناطق إنتاج الأرز في الهند أن تصبح أقل ملاءمة لهذا النوع من الزراعة. وازداد التراجع المباغت في إنتاج الغذاء بشكل ثابت على مدى السنوات الخمسين الماضية. ويشير التقرير إلى أن تأثير الاحترار المناخي لا يؤثر على توافر محاصيل رئيسية فحسب، بل على القيم الغذائية أيضا لهذه المحاصيل. فمن المتوقع أن تتراجع نسبة البروتينات في الأرز والقمح والشعير والبطاطا على سبيل المثال بنسبة 6 إلى 14 في المائة، ما يعرض نحو 150 مليون شخص لخطر نقص البروتينات. كذلك، يتوقع أن تتراجع المغذيات الأساسية التي تفتقر إليها أساسا الكثير من الوجبات في أكثر الدول فقرا مع ارتفاع درجات الحرارة. ويتوقع التقرير أن الظواهر المناخية القصوى التي باتت أكثر تواترا بسبب الاحترار ستضر بإنتاج القمح في الكثير من المناطق. ومع تراجع المحاصيل وتزايد الطلب على الوقود الحيوي والغابات التي تمتص ثاني أكسيد الكربون، يتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية بحلول العام 2050 بحوالى الثلث، ما سيدفع بـ183 مليون شخص إضافي من ذوي الدخل المحدود إلى حافة المجاعة المزمنة. وكما الحال مع سائر تأثيرات تغير المناخ، لن تكون التداعيات متساوية بين البشر، إذ تشير المسودة إلى أن 80 في المائة من السكان المعرضين لخطر الجوع يعيشون في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا.
وقالت إليزابيث روبنسون أستاذة الاقتصاد البيئي في جامعة ريدينغ في غرب إنجلترا لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنشهد ظهور نقاط ساخنة». وأضافت «إذا طابقنا المناطق التي يعاني الناس فيها من المجاعة حاليا والمناطق، حيث يتوقع أن تتضرر المحاصيل بسبب المناخ، نرى أنها المناطق نفسها التي تعاني حاليا من سوء تغذية مرتفع». ويعاني حاليا أكثر من نصف سكان العالم من انعدام الأمن المائي، وتأثيرات المناخ ستؤدي بلا شك إلى تفاقم هذا الوضع. ويقول التقرير إن الأبحاث المتعلقة بإمدادات المياه والزراعة وارتفاع منسوب مياه البحر تظهر أن من 30 إلى 140 مليون شخص يرجح أن ينزحوا داخليا في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا وأميركا اللاتينية بحلول العام 2050. وأشار التقرير إلى أن الذوبان السريع للكتل الجليدية قد «أثر بشدة على دورة المياه»، وهو مصدر أساسي لملياري شخص قد «يتسبب أو يؤجج التوترات حول موارد المياه».
وبينما تتفاوت التكلفة الاقتصادية لتأثيرات المناخ على إمدادات المياه بحسب المناطق الجغرافية، من المتوقع أن تقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي نصف في المائة بحلول العام 2050.
وقالت نيرا إن مشكلة «المياه هي إحدى القضايا التي سيقوم جيلنا بمواجهتها في وقت قريب جدا». وأضافت «سيكون هناك نزوح وهجرة جماعية، ويتعين علينا معالجة كل ذلك باعتباره قضية عالمية». ويوضح التقرير أيضا كيف أن تغير المناخ سيزيد من عبء الأمراض غير المعدية، فالأمراض المرتبطة بنوعية الهواء الرديئة والتعرض لأشعة الأوزون مثل أمراض الرئة والقلب «ستزداد بشكل كبير». وأضاف «ستكون هناك أيضا مخاطر متزايدة لتلوث الغذاء والمياه» بسبب النفايات السامة البحرية.
فالتقرير أوضح كيف أن الوباء، رغم تعزيزه التعاون الدولي، كشف عن ضعف الكثير من البلدان في مواجهة أي صدمات مستقبلية، بما في ذلك تلك التي أصبحت حتمية بسبب تغير المناخ.
وقالت ستيفاني تاي الباحثة المساعدة في معهد الموارد العالمية والتي لم تشارك في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ «لقد جعل (كوفيد - 19) التصدعات في أنظمتنا الصحية واضحة للغاية». وأضافت «ستؤدي تأثيرات وصدمات التغير المناخي إلى إنهاك الأنظمة الصحية بشكل أكبر ولفترة أطول بكثير، وبطرق لا نزال نحاول فهمها بالكامل».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

شمال افريقيا لاجئون سودانيون في تشاد يوم 6 أكتوبر 2024 (أ.ب)

الأمم المتحدة تطلب 4.2 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان

أطلقت الأمم المتحدة خطة لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً في السودان، خلال العام الجديد، تتطلب توفير 4.2 مليار دولار، لتلبية طلبات 21 مليون سوداني.

أحمد يونس (كمبالا)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد قصف إسرائيلي على مستشفى الوفاء وسط الحرب بقطاع غزة (رويترز)

الأمم المتحدة: الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة قد تشكل جرائم حرب

كشفت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان اليوم (الثلاثاء) أن الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات في قطاع غزة قد تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مسعفون بالقرب من مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة (أرشيفية- أ.ف.ب)

تقرير أممي: مستشفيات غزة صارت «مصيدة للموت»

قالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إن نمط الاعتداءات الإسرائيلية المميتة على مستشفيات غزة، دفع بنظام الرعاية الصحية إلى شفير الانهيار التام.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على مستشفى «الوفاء» حسب الدفاع المدني الفلسطيني وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في مدينة غزة 29 ديسمبر 2024 (رويترز)

الأمم المتحدة: النظام الصحي في غزة «على شفير الانهيار التام»

خلص تقرير للأمم المتحدة نُشر الثلاثاء، إلى أن الضربات الإسرائيلية على المستشفيات أو قربها في قطاع غزة تركا النظام الصحي في القطاع الفلسطيني على حافة الانهيار.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.