خلايا شمسية بكفاءة أعلى يمكن إنتاجها على نطاق واسع

«كاوست» تطور تقنية تبشر بظهور الجيل المقبل منها

أثبتت تقنيات خلايا البيروفسكايت الشمسية كفاءة أعلى بكثير مقارنة بخلايا السيليكون التقليدية
أثبتت تقنيات خلايا البيروفسكايت الشمسية كفاءة أعلى بكثير مقارنة بخلايا السيليكون التقليدية
TT

خلايا شمسية بكفاءة أعلى يمكن إنتاجها على نطاق واسع

أثبتت تقنيات خلايا البيروفسكايت الشمسية كفاءة أعلى بكثير مقارنة بخلايا السيليكون التقليدية
أثبتت تقنيات خلايا البيروفسكايت الشمسية كفاءة أعلى بكثير مقارنة بخلايا السيليكون التقليدية

توصل باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) إلى تقنية جديدة لإنتاج خلايا شمسية معتمدة على مزيج من مادة البيروفسكايت وخلايا السيليكون التقليدية، لتكون أفضل أداءً، ويمكن إنتاجها على نطاق واسع، وقد تُمثل حجر الأساس لظهور جيل جديد من الخلايا الشمسية يتميز بكفاءة أعلى، مقارنةً بالتقنيات المتاحة حالياً.
ويشير بعض العلماء إلى أن كل 88 دقيقة، تمد الشمس كوكب الأرض بما يكفي من الطاقة لتأمين حاجيات البشرية مدة عام، ويتوقعون أنه وبحلول عام 2030. سيتم إنتاج 30 في المائة من الاحتياج العالمي للكهرباء من الشمس، على أن تتخطى هذه النسبة الـ50 في المائة بحلول 2050.
وتعد المملكة العربية السعودية إحدى الدول التي تمتلك هذا المصدر الهام من الطاقة المتجددة لكونها تقع في منطقة جغرافية غنية بالطاقة الشمسية، يطلق عليها العلماء مسمى «منطقة الحزام الشمسي». وكانت الأبحاث لتطوير تقنيات الطاقة الشمسية في المملكة قد بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي.
وجدير بالذكر فإن تقنيات خلايا البيروفسكايت الشمسية قد أثبتت كفاءة أعلى بكثير، مقارنة بخلايا السيليكون الشمسية التقليدية أحادية البلورة؛ فالأولى تعتمد على أغشية رقيقة من الهاليد بخصائص فريدة تجعلها مثالية لصناعة الألواح الضوئية، من بينها خصائصها البنيوية والكهرو - بصرية، مثل ارتفاع مستوى نظامها البلوري، وإمكانية ضبط فجوة الطاقة، وارتفاع معامل الامتصاص البصري.
وتتيح تلك الخصائص المميزة لخلايا البيروفسكايت، تحقيق معدلات عالية من تحويل الطاقة تزيد على 25 في المائة. كذلك تسهم أيضاً في رواج تلك الخلايا الشمسية باعتبارها الخيار الأفضل بالنسبة للتطبيقات الترادفية التي تستخدم ركائز السيليكون البلوري، والتي يمكن أن تؤدي إلى إنتاج خلايا بيروفسكايت شمسية ذات معدلات كفاءة عالية.
لكن، وكي تحقق تلك الخلايا الشمسية هذه المعدلات العالية من الكفاءة، لا بد لسطح السيليكون - الذي يحتوي عادةً على بنى هرمية ميكرومترية الحجم - أن يُغطى بالكامل بالبيروفسكايت، وهي عملية تبين أنها في غاية الصعوبة.
ولحل تلك المُعضلة، نجح أخيراً كل من الدكتور إركان أيدين والدكتور ميشيل دي باستياني، من مركز أبحاث الطاقة الشمسية في «كاوست»، بالتعاون مع علماء من جامعة تورونتو الكندية، والمختبر الوطني الأميركي للطاقة المتجددة، في تطوير تقنية مبتكرة لوضع البيروفسكايت فوق الطبقة الحبيبية لخلايا السيليكون الشمسية.
وما يميز هذه التقنية أنها قابلة للتوسُع بما يناسب الإنتاج واسع النطاق، كما تعزز الخواص الإلكتروبصرية، مقارنةً بمنظومات البيروفسكايت - السيليكون الترادفية التقليدية.
يوضح أيدين تفاصيل التقنية الجديدة قائلاً: «تستخدم الخلايا الشمسية التقليدية شبه موصل واحداً فقط لتحويل ضوء الشمس إلى كهرباء، غير أن كفاءتها النظرية تقتصر على نحو 33 في المائة تقريباً. غير أننا استطعنا زيادة هذه النسبة لتصل إلى 44 في المائة بوضع اثنين من أشباه الموصلات داخل خلية شمسية ترادفية، مستخدمين هاليد البيروفسكايت والسيليكون».
وعمد الباحثون إلى الجمع بين خلية بيروفسكايت شمسية معالَجة بالمحلول، ذات سمك ميكرومتري، وفجوة نطاق واسعة، وطبقة من السيليكون ذات بنية هرمية، وهو ما أدى لملء الفجوات الموجودة في سطح السيليكون، لكن دون إعاقة الخواص الكهروضوئية للبيروفسكايت، وأسفر عن إنتاج خلية شمسية ترادفية قائمة على البيروفكسايت - السيليكون ذات كفاءة تصل إلى 25.7 في المائة.
يذكر أيدين ميزة أخرى للطريقة الجديدة قائلاً: «كان لا بد في السابق أن يجري صقل سطح السيليكون ليصير أملس تماماً ويناسب طبقة البيروفسكايت، وهو ما كان يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكلفة الإنتاج على نطاق واسع».
وعن تطبيقات هذا البحث، توقع الفريق أن يسهم في توسيع إنتاج خلايا البيروفسكايت الشمسية الترادفية مع تحسين أدائها بصورة كبيرة، وهو ما يسمح للباحثين بالعمل على تطوير تلك الخلايا القائمة على البيروفسكايت-السيليكون والتي تعد المعيار المعتمد بالفعل في الأغراض الصناعية بدلاً من استخدام منصات لا يمكن إنتاجها على نطاق واسع.
ويختتم دي باستياني بالحديث عن خطوات الفريق المستقبلية قائلاً: «نستهدف التوسع في تقنية وضع البيروفسكايت بما يلبي معايير حجم الإنتاج الصناعي الحالية للأجهزة، بغرض إثبات جدوى المفهوم في المقام الأول، ثم الانتقال إلى خط الإنتاج التجريبي في مرحلة لاحقة».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً