مهرجان تونسي يحتفي بآلة العود

الفنان التونسي زياد غرسة في سهرة الافتتاح
الفنان التونسي زياد غرسة في سهرة الافتتاح
TT

مهرجان تونسي يحتفي بآلة العود

الفنان التونسي زياد غرسة في سهرة الافتتاح
الفنان التونسي زياد غرسة في سهرة الافتتاح

يحتفي النادي الثقافي الطاهر الحداد في المدينة العتيقة بالعاصمة التونسية، بآلة العود من خلال تنظيم المهرجان الوطني للآلة من 16 إلى 23 يونيو (حزيران) الحالي.
وخلال السهرة الأولى من هذا المهرجان نطقت آلة العود بأعذب المعزوفات التي أمنتها أنامل أمهر العازفين في تونس، لتأخذ هذه الآلة الوترية موقعها الطبيعي تحت الضوء بعد أن اعتبرت لسنوات مجرد أداة مرافقة للجوقة الموسيقية.
وانطلق هذا المهرجان بعرض قدّمه الفنان التونسي زياد غرسة وضع فيه آلة العود ضمن تاريخ موسيقي «المالوف» القادمة إلى تونس من بلاد الأندلس، وفي البرنامج عرض سميح المحجوبي الذي يحمل عنوان «تطريز»، كما يقدّم الفنان التونسي زياد المهدي عرض «نغمة الطبوع»، وهو محاولة موسيقية أخرى لوضع العود ضمن التاريخ الموسيقي لتونس، وفي 21 من الشهر الحالي يقدّم العازف التونسي حمدي مخلوف عرض «جوزاء»، ويكون حفل الاختتام بعنوان «زوارق الغياب» للفنان التونسي رضا الشمك.
وإلى جانب العروض الموسيقية تتضمّن هذه المظاهرة معرضاً أعده فيصل الطويهري لتصميمات آلة العود، وندوة علمية تحت عنوان، «آلة العود في تونس بين التنظير والتطبيق» وهي من تنظيم المعهد العالي للموسيقى بتونس.
وبشأن هذا المهرجان الذي أخرج المدينة العتيقة من سباتها العميق، قالت سهام بن التومي مديرة النادي الثقافي الطهر الحداد إنّ المهرجان هو عبارة عن مظاهرة موسيقية تسهم في التعريف بآلة العود على المستويات العملية والنظرية والفلسفية والجمالية أيضاً، وهو يدعو في المقام الأول إلى الالتفات لعراقة آلة العود وأهميتها في تاريخ الموسيقى العربية، والتعريف بالعازفين الشباب على آلة العود الشرقي، وفتح المجال بشكل واسع لإبراز مواهبهم ومهاراتهم وابتكاراتهم وتجاربهم، ويعد المهرجان من أهم الفعاليات لعازفي آلة العود المشرقي التونسيين من الفئات الشبابية.
ولتشجيع الطاقات الشابة، أكدت بن التومي أنّ المهرجان سيرصد جوائز مالية للفائزين بالمسابقة التي تنظم على هامش المهرجان، حيث سيحصل صاحب الجائزة الأولى على مبلغ قيمته ثلاثة آلاف دينار تونسي، فيما سينال الفائز بالجائزة الثانية مبلغ ألفي دينار، ومبلغ ألف دينار للفائز بالجائزة الثالثة.
يذكر أنّ الساحة الموسيقية التونسية قد اهتمت بالآلات الموسيقية من بينها آلة العود، ويتجلى ذلك من خلال عدد من التجارب الخاصة بآلة العود التي أعادت هذه الآلة إلى الأضواء بدءاً من تسعينات القرن الماضي، أبرزها تجربة الفنان التونسي أنور براهم والأخوين المرايحي اللذين أبهرا المتابعين بما قدماه من وصلات موسيقية اعتمدت بالأساس على آلة العود.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».