إصابات خلال مسيرة الأعلام بالقدس

غزة تصعّد شعبياً رداً على مسيرة المستوطنين بإطلاق بالونات حارقة وتفعيل المظاهرات الليلية على الحدود

مسيرة الأعلام لمستوطنين إسرائيليين في القدس القديمة أمس (إ.ب.أ)
مسيرة الأعلام لمستوطنين إسرائيليين في القدس القديمة أمس (إ.ب.أ)
TT
20

إصابات خلال مسيرة الأعلام بالقدس

مسيرة الأعلام لمستوطنين إسرائيليين في القدس القديمة أمس (إ.ب.أ)
مسيرة الأعلام لمستوطنين إسرائيليين في القدس القديمة أمس (إ.ب.أ)

تجمع أكثر من ألف متظاهر من اليمين المتطرف يحملون الأعلام الإسرائيلية عند باب العمود، أمس الثلاثاء، خارج البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة بعد انطلاق مسيرة خاصة بيوم «توحيد القدس» وذلك بعد يومين فقط من منح الحكومة الجديدة الثقة.
وقبل المسيرة المثيرة للجدل، أصيب نحو 17 فلسطينياً خلال اشتباكات مع الشرطة قرب البلدة القديمة بالقدس، حسبما أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية، نقلاً عن الهلال الأحمر الفلسطيني.
وقالت السلطات المحلية، إنه تم نشر ألفي شرطي إسرائيلي لتأمين المسيرة.
وأعلنت هيئة البث الرسمية «كان»، أنه تم تحويل مسار الطائرات التي تهبط في إسرائيل إلى مسار شمالي، كما أعلن بوقت سابق عن تعزيز منظومة القبة الحديدية في منطقة القدس، ونشر الآلاف من رجال الشرطة في المدينة، وفي مدن أخرى في إسرائيل يمكن أن تندلع فيها مواجهات.
واستبق موفد الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط» تور وينسلاند، انطلاق المسيرة، ليدعو «جميع الأطراف إلى التصرف بشكل مسؤول وتفادي الاستفزازات التي يمكن أن تؤدي إلى جولة مواجهات جديدة». وطلبت السفارة الأميركية في القدس من موظفيها، عدم التوجه إلى القدس القديمة بسبب «مسيرة الأعلام» التي تنظمها مجموعات قومية ويمينية متطرفة، واحتمال قيام «تظاهرات مضادة».
وداخل البلدة القديمة في القدس الشرقية المحتلة وفي داخل باب العمود، وضعت الشرطة الإسرائيلية حواجز ومنعت السكان والمتسوقين من المغادرة نحو الخارج.
وأغلق تجار المدينة القديمة التي بدت شوارعها خالية تقريباً ومحالهم بسبب عدم سماح الشرطة الإسرائيلية بالدخول أو الخروج على ما أكد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. وتساءل أحد التجار: «هل ستحمينا الشرطة إذا مرت مسيرة المستوطنين من هنا؟».
خارج البلدة القديمة، أكد مراسل الوكالة، تفريق الشرطة الإسرائيلية نحو 150 محتجاً فلسطينياً يعارضون تنظيم المسيرة ومرورها في شوارع المدينة، بالضرب بالعصي وباستخدام شرطة الخيالة، وأشار إلى اعتقال عدة أشخاص.
من جهتها، أكدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تسجيل 17 إصابة بالرصاص المطاطي والقنابل اليدوية والاعتداء بالضرب في صفوف الفلسطينيين خلال تفريق الشرطة للمحتجين.
وفي غزة استأنفت مجموعات تابعة للفصائل الفلسطينية إطلاق البالونات الحارقة، تجاه مستوطنات الغلاف، أمس، في إطار الرد الذي اعتمدته الفصائل على مسيرة الأعلام الاستفزازية للمستوطنين في القدس.
واندلعت حرائق في مستوطنات إسرائيلية قرب قطاع غزة، قبل ساعات من تنظيم المستوطنين للمسيرة. وقالت قناة «كان» الإسرائيلية الرسمية، إن حريقين نشبا في مستوطنات بمجلس «شعار هنيغيف» الإقليمي في منطقة غلاف غزة.
واشتعلت الحرائق بعد إعلان «وحدة برق» الاستنفار العام نصرةً للمسجد الأقصى المبارك، وحذّرت «وحدة برق» في بيان صحافي، المستوطنين في المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، من خطر البالونات والطائرات الحارقة قائلة: «انتظروا اللهيب والنار».
وجاء إطلاق البالونات بعدما أعلنت الفصائل الفلسطينية في القطاع، تفعيل عمل مجموعات ما تُعرف بـ«الأدوات الخشنة» التي تم إطلاقها مع بدء مسيرات العودة التي انطلقت في الثلاثين من مارس (آذار) 2018. وأعلنت المجموعات التي تتبع الفصائل عن تفعيل إطلاق البالونات الحارقة إلى جانب تفعيل وحدات الإرباك الليلي، وقصّ السياج الحدودي. وكان كل ذلك قد توقف بعدما توصلت إسرائيل إلى اتفاق تهدئة مع «حماس» رَعَته مصر بداية العام الماضي.
وتحاول الفصائل الضغط على إسرائيل لوقف التصعيد في القدس. واستجابةً للتصعيد الشعبي في غزة، تظاهر فلسطينيون على الحدود الشرقية لخان يونس جنوب قطاع غزة، واشتبكوا مع الجيش الإسرائيلي الذي أطلق النار صوب عدد من الشبان اقتربوا من السياج الفاصل ما أدى إلى إصابات. وتمكن فلسطينيون من قطع جزء من السياج الشائك شرق خزاعة شرق خان يونس، رغم قيام قوات الاحتلال بإطلاق النار وقنابل الغاز.
والمظاهرات وإطلاق البالونات جزء من دعوة وجّهتها «وحدات الإرباك الليلي»، للمشاركة في فعاليات احتجاجية قرب السياج الأمني شرقي قطاع غزة، تنديداً ورفضاً لمسيرة الأعلام الإسرائيلية الاستفزازية.
وقالت الوحدات في بيان: «إن فعالياتها باستخدام الأدوات الخشنة، نصرةً للقدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، واستنكاراً لممارسات الاحتلال بحقهما». وأكدت أنها ستستمر بهذه الفعاليات. وتشمل الأدوات الخشنة التظاهر وإطلاق بالونات حارقة ومتفجرة وقنابل صوتية وإشعال إطارات السيارات، وقطع السياج الفاصل وتشغيل مكبرات الصوت قرب السياج وأحياناً تنفيذ هجمات.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.