«إكسير حياة» للمحاصيل الغذائية في ظروف الاحترار

اكتشاف بيانات وراثية تساعد النباتات على البقاء فترات أطول

«إكسير حياة» للمحاصيل الغذائية في ظروف الاحترار
TT

«إكسير حياة» للمحاصيل الغذائية في ظروف الاحترار

«إكسير حياة» للمحاصيل الغذائية في ظروف الاحترار

اكتشف علماء من جامعة كاليفورنيا الأميركية بيانات وراثية من شأنها أن تساعد المحاصيل الغذائية مثل الطماطم والأرز على البقاء على قيد الحياة لفترات أطول وأكثر كثافة، في ظل ظروف الجفاف على كوكبنا الذي يزداد احتراراً.
وعلى مدار العقد الماضي، سعى فريق البحث إلى إنشاء أطلس جزيئي لجذور المحاصيل، وهي الجزء من النبات الذي يكتشف أولاً آثار الجفاف والتهديدات البيئية الأخرى، واكتشفوا الجينات التي يمكن للعلماء استخدامها لحماية النباتات من هذه الضغوط. وحقق بحثهم، الذي نشر في 18 مايو (أيار) الماضي بالعدد الأخير من دورية «سيل»، درجة عالية من فهم وظائف الجذر لأنه يجمع البيانات الجينية من خلايا مختلفة من جذور الطماطم المزروعة في الداخل والخارج. تقول نيليما سينها، أستاذة بيولوجيا النبات بجامعة كاليفورنيا في ديفيس، والمؤلفة المشاركة بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة: «كثيرًا ما يقوم الباحثون بإجراء تجارب مختبرية، لكن البيانات في الدراسة تنظر في عينات ميدانية، وأسفرت البيانات عن معلومات حول الجينات التي تخبر النبات بعمل ثلاثة أشياء رئيسية».
وأول الأشياء التي أشارت إليها الدراسة هي (الزيلم)، وهو عبارة عن أوعية مجوفة تشبه الأنابيب تنقل الماء والمواد الغذائية من الجذور وصولًا إلى البراعم، وبدون النقل في نسيج الخشب، لا يمكن للنبات أن يصنع طعامه من خلال عملية التمثيل الضوئي.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة سيوبهان برادي، أستاذ بيولوجيا النبات في جامعة كاليفورنيا في ديفيس، إن «الزيلم مهم جدًا لدعم النباتات ضد الجفاف وكذلك الملح والضغوط الأخرى».
في المقابل، ومن دون نقل المعادن النباتية في نسيج الخشب، سيكون لدى البشر والحيوانات الأخرى عدد أقل من الفيتامينات والمغذيات الضرورية لبقائنا على قيد الحياة، وبالإضافة إلى بعض العوامل اللاعبة النموذجية المطلوبة لتشكيل نسيج الخشب، تم العثور على جينات جديدة ومدهشة. وكانت المجموعة الرئيسية الثانية من الجينات هي تلك التي توجه الطبقة الخارجية من الجذر لإنتاج اللجنين والسوبرين. والسوبرين هو المادة الرئيسية في الفلين ويحيط بالخلايا النباتية في طبقة سميكة، حيث يحتجز الماء أثناء الجفاف. والمحاصيل مثل الطماطم والأرز لها سوبرين في الجذور، وتحتوي ثمار التفاح على مادة سوبرين تحيط بخلاياها الخارجية، وفي أي مكان يمنع السوبرين النبات من فقدان الماء، ويقوم اللجنين أيضًا بعزل الخلايا للماء ويوفر الدعم الميكانيكي.
تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة جوليا بيلي سيريس: «السوبرين واللجنين شكلان طبيعيان للحماية من الجفاف، والآن بعد أن تم تحديد الجينات التي تشفر لهما في هذه الطبقة المحددة جدًا من الخلايا، يمكن تعزيز هذه المركبات». وتضيف «أنا متحمسة لأننا تعلمنا الكثير عن الجينات التي تنظم طبقة حاجز الرطوبة هذه، وهو أمر مهم للغاية للقدرة على تحسين تحمل الجفاف للمحاصيل». وتبين أيضًا أن المجموعة الثالثة وهي الجينات التي تكود خلايا جذر النبات بالنسيج الإنشائي متشابهة بشكل ملحوظ بين الطماطم والأرز والأرابيدوبسيس، وهو نبات نموذجي يشبه الأعشاب الضارة. والنسيج الإنشائي هو الطرف المتنامي لكل جذر، وهو مصدر جميع الخلايا التي يتكون منها الجذر. تقول بيلي سيريس: «إنها المنطقة التي ستصنع بقية الجذر، وستكون بمثابة مكان مناسب للخلايا الجذعية، وهي تملي خصائص الجذور نفسها، مثل حجمها، ومعرفة ذلك يمكن أن يساعدنا في تطوير أنظمة جذر أفضل». ويوضح برادي أنه عندما يهتم المزارعون بمحصول معين، فإنهم يختارون نباتات لها ميزات يمكنهم رؤيتها، مثل فواكه أكبر وأكثر جاذبية، يصعب على المربين اختيار نباتات ذات خصائص تحت الأرض لا يمكنهم رؤيتها.
يقول «النصف المخفي من النبات، تحت الأرض، أمر بالغ الأهمية للمربين للنظر فيما إذا كانوا يريدون زراعة نبات بنجاح، وستساعدنا القدرة على تعديل النسيج الإنشائي لجذور النبات على هندسة المحاصيل بخصائص مرغوبة أكثر».
ورغم أن هذه الدراسة حللت ثلاثة نباتات فقط، إلا أن الفريق يعتقد أنه يمكن تطبيق النتائج على نطاق أوسع. تقول سيريس: «الطماطم والأرز يفصلهما أكثر من 125 مليون سنة من التطور، ومع ذلك ما زلنا نرى أوجه تشابه بين الجينات التي تتحكم في الخصائص الرئيسية، ومن المحتمل أن تكون أوجه التشابه هذه صحيحة بالنسبة للمحاصيل الأخرى أيضًا».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟
TT

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

تقنيات التجميل المنزلية: ترويج تجاري أم فوائد صحية؟

لسنوات عديدة، كانت أجهزة التجميل في المنزل تقتصر على مجفف للشعر أو ربما فرشاة أسنان كهربائية.

ترويج أجهزة التجميل المنزلية

أما اليوم، فإنها أضحت موجودة في كل مكان أو أكثر تقدماً من أي وقت مضى، مع تسويق منتجات يتم ترويجها بكثافة تتراوح من أقنعة مصابيح «ليد» LED التي تكلف 500 دولار التي تعد بتخفيف الخطوط الدقيقة في الوجه و تقليل التبقّع والاحمرار... إلى عصي الليزر التي تزيل الشعر غير المرغوب فيه من الجسم بشكل دائم (أو هكذا يزعمون).

تجميل منزلي أرخص

تكمن جاذبية هذه الأدوات، جزئياً، في فكرة القدرة على إحضار الرعاية الذاتية الطبية إلى المنزل دون الحاجة إلى الذهاب إلى عيادة طبيب الأمراض الجلدية (أو جراح التجميل). ففي سلسلة مراكز المنتجعات الطبية Ever/Body، على سبيل المثال، تبلغ تكلفة إزالة الشعر بالليزر ما يصل إلى 300 دولار لكل جلسة؛ وتنصح الشركة بستة إلى عشرة علاجات بالإضافة إلى ضرورة «الصيانة» السنوية.

زيادة حادة في أدوات العناية المنزلية

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قدر تقرير صادر عن Beauty Tech Group وPricewaterhouse Coopers أن أجهزة التجميل المنزلية تنمو بمعدل أربعة أضعاف في فئة العناية بالبشرة، وتوقع أن تصل المبيعات إلى 92.55 مليار دولار بحلول عام 2028.

وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي، تقدم أجهزة «اصنعها بنفسك» نوعاً آخر من «العملات المرئية» أيضاً: فهي تميل إلى أن تكون براقة ومكلفة وفي صور السيلفي تجعلك تبدو رائعاً أو مخيفاً، مثل بطل خارق صغير أو شخصية من أفلام الخيال العلمي.

قبعات ضوئية وعصي ليزرية

وتنبع جاذبية هذه الأدوات جزئياً من الصفقات الأرخص نسبياً التي يبدو أنها تقدمها، عندما يتعلق الأمر بأحدث الابتكارات التكنولوجية في الرعاية الشخصية.

* قبعة الضوء الأحمر من Higher DOSE تكلف 449 دولاراً. وتتعهد القبعة كما يذكر موقع الشركة على الإنترنت: «بتنشيط فروة رأسك ودعم نمو الشعر الصحي بقوة الضوء الأحمر (بطول موجي) 650 نانومترا»

* مجموعة أولية لأدوات الليزر من LYMA تكلف 2695 دولاراً: «تعالج العصا LYMA وهي على شكل مصباح يدوي كل شيء من ندبات الجسم وطبقات السيلوليت والأوردة العنكبوتية إلى حب الشباب وترهل الجلد ووردية الوجه rosacea».

تحول ثقافي للاستخدام المنزلي

وتقول ليلي تويلفتري من Barefaced، وهي شركة تحليل تجميل أسترالية لها حساب شهير على «تيك توك» أن ظهور جراحة الوجه التجميلية والاستخدام الواسع النطاق للمرشحات وأدوات التجميل مثل «فايستيون» Facetune أدى إلى إعادة تعريف معايير الجمال.

وأضافت: «لقد أدى هذا التحول الثقافي إلى رفع توقعات المستهلكين، حيث أصبح الناس على استعداد لدفع أسعار باهظة مقابل منتجات التجميل التي تقدم نتائج مرتفعة. ومن المتوقع الآن أن تكرر منتجات التجميل نتائج الإبرة أو السكين (التي يستخدمها الجراحون). والمستهلكون على استعداد لدفع أعلى سعر للحصول على هذه النتائج في المنزل».

منتجات بأسس علمية

لم يعد إخفاء البثور بالمكياج كافياً؛ تتابع تويلفتري: «إذ يريد المستهلكون الآن القدرة على إزالتها بالليزر بالكامل». ومقابل 19.50 دولار، تدعي رقعة علاج حب الشباب بالضوء من «l.a.b». أنها تفعل ذلك تماماً.

إن أنواع العلاجات التي يتم تسويقها عبر هذه الأجهزة لها جذور حقيقية في العلوم. إذ تم اكتشاف العلاج بالضوء الأحمر، أو التعديل الضوئي الحيوي photobiomodulation (PBM)، من قبل الطبيب المجري إندري ميستر في عام 1967 في جامعة سيميلويس الطبية في بودابست، عندما لاحظ أن ضوء الليزر يساعد في تعزيز نمو الشعر وشفاء الجروح لدى الفئران. ومنذ ذلك الحين، أصبح علاجاً لمشكلات الجلد بما في ذلك الالتهاب والندبات والتجاعيد.

تقييم متأخر للفاعلية

ومع ذلك، فإن تقييم فعالية هذه العلاجات في المنزل لم يبدأ إلا الآن. ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في دراسة نُشرت في JAMA Dermatology، وجد باحثون من كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا أن المرضى يمكنهم تحسين حالات الصدفية لديهم بنفس القدر في المنزل باستخدام أجهزة العلاج الضوئي المصممة لسهولة الإدارة الذاتية.

ولكن كان ذلك على وجه التحديد للصدفية، مع مجموعة محدودة من 783 مريضاً. وقال الدكتور جويل جيلفاند، أستاذ الأمراض الجلدية وعلم الأوبئة في كلية بيرلمان، والمؤلف الرئيسي للدراسة، إن أجهزة العناية بالبشرة الشائعة في المنزل تميل إلى أن تكون خاضعة للتمحيص بشكل أقل من اللازم. وأضاف: «إذا لم تتم دراستها في تجربة تحكم عشوائية، فهذا يجعلني متشككاً».

وتابع جيلفاند: «هل أجريت دراسة من قبل الشركة المصنعة من منطلق الاستفادة مالياً، أم كانت الدراسة كبيرة مع مئات المرضى؟ نظراً لأنه مجال غامض للغاية، فمن الأفضل لمعظم الناس التحدث إلى طبيب أمراض جلدية ومعرفة ما إذا كانت الطريقة الخفيفة سيكون لها بعض التأثير على بشرتهم».

منتجات بين «المسموح» و«المُجاز»

وقال الدكتور إيفان ريدر، وهو طبيب معتمد في الأمراض الجلدية والطب النفسي يمارس في مدينة نيويورك، إن العديد من الأجهزة التي يتم تسويقها للاستخدام المنزلي «مسموحة الاستعمال» cleared من قبل إدارة الغذاء والدواء، وهو ما يختلف عن كونها «مجازة أو مصادق عليها» Approved أي معتمدة من إدارة الغذاء والدواء. وأضاف: «إن كلمة المجاز تعني (مصادق عليه) أي أن الجهاز أو الدواء قد خضع لتجارب سريرية صارمة مقارنة بالدواء الوهمي، وأن النتائج ليست مجرد صدفة وقد تم تكرارها في دراسات أخرى أيضاً».

الترويج لنتائج مضللة

إن «موافقة» إدارة الغذاء والدواء، المسماة 510 (كيه) FDA 510 (k) Clearance هي غالباً ما تراه في المنزل، ما يشير فقط إلى أن الجهاز تم تقييمه من قبل إدارة الغذاء والدواء وليس خطيراً للاستخدام غير المهني.

ورفض رايدر تسمية أجهزة معينة، لكنه قال إن العديد منها تحتوي على صور على مواقعها الإلكترونية لنتائج قبل وبعد «مضللة بشكل صارخ»، مع إضاءة وظلال غير متسقة تجعل النتائج أكثر صعوبة في رؤيتها. وأضاف أن النتيجة التي يمكن للمرء أن يتوقعها خفيفة في أفضل الأحوال، لأولئك الذين لديهم «بشرة جيدة أو مخاوف بسيطة (من تدهور حالتها)».

العيادة أولاً ثم التجميل المنزلي

وتابع أنه قد يكون من الحكمة التعامل مع الرعاية المنزلية كأداة لدعم أو استكمال العلاجات في العيادة.

ومقابل تكلفة جهاز الليزر المنزلي، يمكن للمريض مثلاً - اعتماداً على المكان الذي يعيش فيه والطبيب الذي يزوره - الحصول على اثنين أو ثلاثة علاجات مجزأة بالليزر.

* خدمة «نيويورك تايمز».

حقائق

92.55

مليار دولار: توقعات مبيعات أدوات العناية المنزلية بالبشرة بحلول عام 2028