أميركا ترفع بعض العقوبات عن إيران في مجال الطاقة

أبدت استعداداً لتخفيف الضغط الاقتصادي «إذا غيَّرت طهران مسارها»

أحد مواقع إنتاج الطاقة في جنوب العاصمة الإيرانية طهران (رويترز)
أحد مواقع إنتاج الطاقة في جنوب العاصمة الإيرانية طهران (رويترز)
TT

أميركا ترفع بعض العقوبات عن إيران في مجال الطاقة

أحد مواقع إنتاج الطاقة في جنوب العاصمة الإيرانية طهران (رويترز)
أحد مواقع إنتاج الطاقة في جنوب العاصمة الإيرانية طهران (رويترز)

في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة الأميركية عن رفع العقوبات عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين سابقين، وبعض شركات الطاقة وسط تعثر المفاوضات النووية في فيينا، عبّرت إدارة الرئيس بايدن عن استعدادها لرفع المزيد من العقوبات عن طهران، وذلك لتخفيف الضغط الاقتصادي عليها إذا غيرت البلاد مسارها.
وتأتي هذه الإجراءات، في الوقت الذي يستعد فيه المفاوضون الأميركيون والإيرانيون والأوروبيون والصينيون في فيينا لبدء جولة سادسة من المحادثات، لاستعادة الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران والولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى، ومن المتوقع أن تبدأ المناقشات مرة أخرى في نهاية هذا الأسبوع في فيينا، بحسب ما أكده المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية نيد برايس.
وأكد برايس في مؤتمره الصحافي الخميس، أن الإدارة الأميركية مستعدة بممارسة أي دور من سلطاتها في فرض عقوبات على طهران، أو رفعها «عندما تراه مناسباً»، وكذلك ضد أي جهة فاعلة تمكن إيران من توفير الأسلحة، وهي بدورها توفرها «لشركائها العنيفين والوكلاء في المنطقة»، مفيداً بأن بلاده، ستواصل ممارسة الضغط على إيران إذا حاولت نقل أي أسلحة إلى شركاء ووكلاء عنيفين، وإذا كان هذا جهداً لنقل الأسلحة أو بطريقة أخرى لانتهاك التزاماتها الدولية، «فسنكون على استعداد للرد».
وفيما يخص رفع العقوبات الأخيرة عن الإيرانيين، أفاد برايس بأن ذلك يأتي نتيجة لتغيير تم التحقق منه في سلوك إيران، أو الوضع من جانب الأطراف الخاضعة للعقوبات، معتبراً أن العقوبات ليست نهاية بحد ذاتها، إذ إن العقوبات وسيلة لتحقيق غاية، «في كل مرة نفرض فيها عقوبات، نأمل أنه من خلال تغيير تم التحقق منه في السلوك، أو تغيير تم التحقق منه في الحالة». وأضاف «سنتمكن يوماً ما من إزالة تلك العقوبات، لأن هذا يعني أنه من خلال طريقة أو أخرى، تم تحقيق أهداف سياستنا، وتُظهر عمليات الإزالة التي نشير إليها مؤخراً التزامنا برفع العقوبات في حالة حدوث تغيير في السلوك، ومراجعة الالتماسات بعناية فائقة ويعد الشطب ممارسة عادية، إنها ممارسة تتفق مع الإجراءات الصحية والإدارية للعقوبات الجيدة، وللتوضيح فقط، لا توجد صلة بعمليات الشطب التي أعلناها في خطة العمل الشاملة المشتركة أو المفاوضات الجارية في فيينا».
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية تؤمن بالنظام الدولي القائم على القواعد والقوانين، إذ إن حرية الملاحة شيء تتبناه، ولكن مرة أخرى، «إذا كانت إيران ستسعى إلى تنفيذ نقل الأسلحة أو غيرها من المواد غير المشروعة، فسنكون مستعدين لمحاسبتها»، لافتاً إلى أن المبدأ الأوسع هو أن حرية الملاحة هي مبدأ تدافع عنه، وهو نظام دولي قائم على القواعد تعززه واشنطن، «ليس فقط لأنه ينطبق علينا، ولكن لأنه ينطبق على بقية العالم».
ونوّه إلى أن المبعوث الخاص لإيران روبرت مالي سيعود في نهاية هذا الأسبوع إلى فيينا، مع فريقه لإجراء الجولة السادسة من المفاوضات، مضيفاً «لقد قلنا دائماً إننا توقعنا أن تكون هذه مجموعة من المفاوضات متعددة الجولات، لقد تمكنوا من إحراز تقدم في الجولات الخمس السابقة، أعتقد أنه من جانب الإيرانيين، كانت هذه فرصة لهم لبلورة الخطوات التي سيحتاجون إلى اتخاذها لاستئناف الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة».
وفي بيان وزارة الخزانة أول من أمس، عند رفع العقوبات عن الشخصيات والكيانات الإيرانية، في شركة النفط الوطنية الإيرانية والعديد من الشركات المشاركة في شحن وتجارة المنتجات البتروكيماوية، وصفت هذه التحركات بأنها «إجراءات إدارية روتينية»، قائلة إن المسؤولين أزيلوا من القوائم السوداء الأميركية، «لأنهم لم يعودوا يشغلون مناصب في الكيانات الخاضعة للعقوبات».
فيما قال عدد من المسؤولين لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، إن إدارة بايدن تدرس كيف يمكنها ضخ زخم في المفاوضات الجارية في فيينا، بعد أن تراجعت أسعار النفط بنسبة 2 في المائة تقريباً بعد الأخبار، لكنها سرعان ما استعادت خسائرها، واستمرت في التداول فوق 70 دولاراً للبرميل، في الوقت الذي يعتبر منتقدو سياسة الإدارة تجاه إيران، أن رفع العقوبات يوم الخميس سيقوض نفوذ واشنطن على إيران في المحادثات. وقال مسؤولون أميركيون وأوروبيون إن خلافات كبيرة لا تزال قائمة بين واشنطن وطهران بشأن كيفية استعادة الاتفاق النووي، بما في ذلك مدى أي تخفيف محتمل للعقوبات، ويبدو الآن أن مفاوضات فيينا ستنتقل إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 يونيو (حزيران) الجاري، والتي اعتبرها بعض المسؤولين الغربيين موعداً مستهدفاً لاستكمال المحادثات بسبب تأثيرها المحتمل على موقف إيران. وقال مسؤولون أميركيون إنهم مستعدون لرفع معظم العقوبات عن قطاعات النفط والبتروكيماويات، والشحن الإيرانية، في إطار اتفاق لاستعادة الاتفاق النووي لعام 2015. ولكن حتى الآن، أصرت الولايات المتحدة على أنها ستبقي على عقوبات أخرى لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك على فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني.
وفي سياق متصل، تستعد روسيا لتزويد إيران بنظام أقمار صناعية متقدم، سيمنح طهران قدرة غير مسبوقة على تعقب الأهداف العسكرية المحتملة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وما وراءها، وفقاً لمسؤولين حاليين وسابقين في الولايات المتحدة والشرق الأوسط اطلعوا على تفاصيل الترتيب الأخير، ونشرته صحيفة «واشنطن بوست». ومن المحتمل أن يسلم الروس الخطة للإيرانيين قمراً صناعياً روسي الصنع من نوع (Kanopus - V) مزوداً بكاميرا عالية الدقة، من شأنها أن تعزز بشكل كبير قدرات التجسس الإيرانية، ومما يسمح بالمراقبة المستمرة للمنشآت التي تتراوح من مصافي النفط في الخليج، والقواعد العسكرية الإسرائيلية، إلى الثكنات العراقية التي تضم تلك القوات.
وأشار المسؤولون إلى أن الإيرانيين شاركوا بشكل كبير في عملية الاستحواذ، وأجرى قادة النخبة في الحرس الثوري الإيراني رحلات متعددة إلى روسيا منذ عام 2018، للمساعدة في التفاوض على شروط الاتفاقية، كما أن الخبراء الروس سافروا مؤخراً إلى إيران هذا الربيع للمساعدة في تدريب أطقم أرضية تعمل على تشغيل القمر الصناعي من منشأة تم بناؤها حديثاً بالقرب من مدينة كاراج الشمالية.



روسيا: الملف النووي الإيراني جزء من محادثاتنا مع أميركا

عراقجي يستقبل لافروف في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
عراقجي يستقبل لافروف في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

روسيا: الملف النووي الإيراني جزء من محادثاتنا مع أميركا

عراقجي يستقبل لافروف في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
عراقجي يستقبل لافروف في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

قال «الكرملين»، اليوم الأربعاء، إن المحادثات المستقبلية بين روسيا والولايات المتحدة ستشمل مناقشات حول البرنامج النووي الإيراني، وهو موضوع قال إنه «جرى التطرق إليه»، في جولة أولية من المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، الشهر الماضي.

وعرضت روسيا أن تكون وسيطاً بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك في الوقت الذي تعهّد فيه «الكرملين» ببذل كل ما في وسعه لتسهيل التوصل إلى حل سلمي للخلاف بشأن برنامج طهران النووي.

وذكرت قناة «زفيزدا» الروسية، المملوكة للدولة، نقلاً عن المتحدث باسم «الكرملين» ديمتري بيسكوف، أن الرئيس فلاديمير بوتين وافق على التوسط بين طهران وواشنطن في محادثات بشأن الأسلحة النووية.

ونقلت «رويترز»عن مصدر مطلع، طلب عدم الكشف عن هويته، إن روسيا عرضت أن تؤدي دور الوسيط، لكن لم يُطلَب منها القيام بهذا الدور.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (أ.ف.ب)

يأتي هذا التطور بعد أن أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب تغييرات كبيرة على السياسة الأميركية، في أعقاب تولّيه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي، إذ اتخذ موقفاً تصالحياً أكثر تجاه روسيا، الأمر الذي ترك الحلفاء الغربيين في حالة حذر، في ظل محاولة الرئيس الأميركي التوسط لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا.

وتجد طهران نفسها أمام خيار التفاوض مع ترمب، وسط انتكاسات لنفوذها الإقليمي، وسخط داخلي متزايد؛ بسبب الاقتصاد. ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض مع ترمب، خصوصاً بعد تراجع «محور المقاومة»؛ نتيجة تفكك حلفائها، وسقوط الأسد، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني.

وقال بيسكوف، للصحافيين، الثلاثاء، إن إيران شريكة وحليفة لروسيا، وإن موسكو ستواصل تطوير العلاقات معها. وأضاف: «يعتقد الرئيس بوتين، بل إنه على يقين، أن مشكلة الملف النووي الإيراني يجب حلها بالوسائل السلمية فقط... بالطبع، ستبذل روسيا، بوصفها حليفة لإيران، كل ما في وسعها لتسهيل التوصل إلى حل سلمي للمشكلة».

وزار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف طهران الأسبوع الماضي، بعد أيام من محادثاته مع نظيره الأميركي ماركو روبيو في الرياض.

وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني عباس عراقجي إن «موسكو على يقين بأن التدابير الدبلوماسية لا تزال مطروحة على الطاولة بينما يتعلق بحل المشكلات المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني».

وبعد يوم نفى عراقجي أن تكون طهران تلقت أي رسالة أميركية عبر روسيا أو قطر. وصرَّح بأن نظيره الروسي قدَّم تقريراً مفصلاً حول مفاوضاته مع واشنطن والدول الأخرى في المنطقة، مؤكداً أنه لم يكن هناك أي رسائل منقولة، ولم يكن من المفترض أن يحضر أي رسالة.

وعاود ترمب، الشهر الماضي، تطبيق سياسة «أقصى الضغوط» على إيران؛ في محاولة لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي، لكنه قال أيضاً إنه منفتح على التوصل إلى اتفاق، وإنه مستعد للتحدث إلى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي أغلق الباب بوجه المفاوضات مع إدارة ترمب. 

ومن غير الواضح معرفة كيف ستستقبل طهران أي مبادرة أميركية تصلها عبر موسكو؛ فالتيار المحافظ المتشدد في إيران، الذي يهيمن على مؤسسات قوية مثل «الحرس الثوري» والقضاء، أعلن علناً تأييده رفض خامنئي أي تعامل مع واشنطن. ويبدو أن بزشكيان قد امتثل لتوجيهات خامنئي الجديدة، حيث قال، الأحد: «كنت أعتقد أن المفاوضات هي الخيار الأفضل، لكن المرشد (خامنئي) أوضح أننا لن نتفاوض مع الولايات المتحدة، وسنمضي قدماً وفقاً لتوجيهاته».

وقال برايان هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، يوم الثلاثاء: «ستُجري إدارة ترمب محادثات مع خصومنا وحلفائنا على حد سواء، لكن... من موقع قوة للدفاع عن أمننا القومي».

نفت إيران رغبتها في تطوير سلاح نووي. لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة حذرت من أنها تعمل على تسريع تخصيب اليورانيوم "بشكل كبير" إلى درجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة وهو ما يقترب من المستوى اللازم لإنتاج أسلحة، وهو 90 بالمئة تقريبا.
وتقول الدول الغربية إن لا حاجة لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني، وأنه لم تفعل أي دولة أخرى ذلك دون أن يكون هدفها إنتاج قنابل نووية. وتقول إيران إن برنامجها النووي سلمي.
وقال هيوز «الولايات المتحدة لن تسمح بامتلاك إيران سلاحا نوويا أو بدعمها للإرهاب في الشرق الأوسط وحول العالم».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس إن الوزير ماركو روبيو تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الثلاثاء، ونقل إليه «أنه يتوقع تنسيقا وثيقا في معالجة التهديدات التي تشكلها إيران واقتناص الفرص من أجل منطقة مستقرة».
وتوصلت إيران إلى اتفاق في عام 2015 مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة وهو صفقة رفعت العقوبات عن طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وانسحبت واشنطن من الاتفاق في عام 2018 في رئاسة ترمب الأولى وبدأت إيران في التحلل من التزاماتها النووية.

ترمب يَعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

وأبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن الدولي باستعدادها، إذا لزم الأمر، لتفعيل ما آلية «سناب باك» المنصوص عليها في الاتفاق النووي والتي تتيح العودة السريعة إلى إعادة فرض جميع القرارات الأممية التي جرى تجميدها بموجب الصفقة، وتشمل  عقوبات دولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

ولوح مسؤولون إيرانيون بالإنسحاب من معاهدة حظر الإنتشار النووي وتغيير العقيدة النووية إذا ما أقدمت القوى الأوروبية على تفعيل آلية
ولن يكون بوسع هذه الدول اتخاذ مثل هذا الإجراء في 18 أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل حين ينتهي قرار الأمم المتحدة لعام 2015 بشأن الاتفاق. ووجه ترامب مبعوثه لدى الأمم المتحدة للعمل مع الحلفاء لمعاودة فرض العقوبات والقيود الدولية على إيران.