إنهاء عملية «برخان» الفرنسية ينطوي على مخاطر في الساحل الأفريقي

TT

إنهاء عملية «برخان» الفرنسية ينطوي على مخاطر في الساحل الأفريقي

بعد ثماني سنوات من وجودها المستمر في منطقة الساحل الأفريقي، حيث ينتشر اليوم 5100 من عسكرييها، تريد فرنسا الآن إنهاء عملية برخان والانتقال من مكافحة التنظيمات المسلحة والإرهابية إلى الدعم والمرافقة، وهي طريقة لتقليل المخاطر وإجبار دول المنطقة على تحمل مزيد من المسؤولية عن أمنها. وأكدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، الجمعة، أن الالتزام العسكري الفرنسي «سيظل كبيراً جداً». وأضافت: «علينا محاربة المجموعات الإرهابية ومواصلة هذا العمل الذي سيسمح للقوات المسلحة لـ(دول) منطقة الساحل بأن تكون في وضع يمكنها من الرد والتصدي». ويفضل ماكرون المشاركة في ائتلاف دولي يدعم القوات المحلية، وهو رهان دونه مخاطر مع جيوش لا تزال ضعيفة ومهمة صعبة لحشد التأييد الأوروبي. وتمثل خطة العمل الجديدة قبل كل شيء اختباراً للجيوش المحلية التي ستجد نفسها في طليعة الجهد الأمني. رغم جهود التدريب الكبيرة في السنوات الأخيرة، فإن القوات المسلحة لمالي والنيجر وبوركينا فاسو، وهي من بين أفقر البلدان في العالم، لا تزال تعاني نقصاً في التدريب والتجهيز وتستهدفها هجمات جهادية متكررة. كما أن تلك الجيوش متهمة بارتكاب انتهاكات ضد السكان المحليين.
وينتظر ماكرون نقاشات نهاية يونيو (حزيران) مع شركائه الأوروبيين والجزائر والأمم المتحدة، لتقديم تفاصيل حول خطة العمل الجديدة.
لكن وفق المشروع المدروس، تعتزم فرنسا مغادرة قواعد في شمال مالي (في مناطق تيساليت وكيدال وتمبكتو) بحلول نهاية عام 2021، لتركيز وجودها على طريق غاو وميناكا، أي قرب ما يسمى منطقة «المثلث الحدودي» بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكذلك في نيامي عاصمة النيجر. وسيجري خفض العديد من العسكريين الفرنسيين تدريجياً، ليصل العدد إلى نحو 3500 في غضون سنة ثم 2500 بحلول عام 2023، وفق مصدر مطلع على الملف، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية. ومن المقرر إبقاء قوات النخبة من فرقة «سابر» الفرنسية لمواصلة ملاحقة قادة المسلحين والمتمردين.
وبدأ التحول في الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل العام الماضي، مع تشكيل مجموعة «تاكوبا» من القوات الخاصة الأوروبية بمبادرة من باريس، بهدف توفير فرق صغيرة من الضباط لدعم الوحدات المالية في القتال. وهذا البرنامج يقوم على شراكة عسكرية مماثلة لفرق المرشدين الغربيين التي تم نشرها في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لدعم القوات الأفغانية.
تتركز «تاكوبا» في منطقتي غاو وميناكا الماليتين، وتضم الآن 600 عنصر نصفهم فرنسيون، بالإضافة إلى عشرات من الإستونيين والتشيكيين ونحو 140 سويدياً. وتعهدت إيطاليا بالمساهمة بما يصل إلى 200 عنصر، ووعدت الدنمارك بمائة، فيما أبدت دول أخرى، بينها اليونان والمجر وصربيا، اهتمامها.
لكن بعد الانقلاب الثاني في مالي في مايو (أيار)، جمّدت فرنسا عملياتها المشتركة مع القوات المالية، بما في ذلك مع قوة «تاكوبا». ومن المرجح أن يؤدي التعليق إلى ثني الدول الأوروبية عن المساهمة إذا استمر فترة طويلة.
ترى فرنسا أنها ستنجح في جمع عدد متزايد من المساهمين، وقد أكد مسؤول عسكري أن «الأوروبيين صاروا أكثر إدراكاً للرهانات الأمنية في منطقة الساحل، لا سيما فيما يتعلق بالهجرة».
لكن التدخلات العسكرية حساسة سياسياً في معظم الدول الأوروبية التي تحتاج إلى موافقة من برلماناتها، وقد تفرض أحياناً قيوداً على المهام الموكلة إلى قواتها. وثمة سؤال آخر يتعلق باحتمال مشاركة البريطانيين الذين قدموا حتى الآن دعماً قيماً لبرخان مع مفرزة من مروحيات «شينوك» الثقيلة. وأكدت بارلي، الجمعة، أنه «حان الوقت لأن القوات المسلحة لمنطقة الساحل أصبحت الآن تتمتع بقدرة أكبر على مواجهة أعدائها»، في إشارة إلى «عمليات كبيرة في الخريف والشتاء شكلت خلالها الجيوش الفرنسية والساحلية مجموعة من آلاف العناصر الذين قاتلوا معاً». وتعتبر باريس أن الكرة صارت في ملعب الشركاء المحليين.
في هذا الصدد، قال ضابط فرنسي رفيع إنه من الآن فصاعداً «سيكون من الضروري أن يبلغنا الماليون والنيجيريون والبوركينيون والقوة المشتركة لمجموعة الساحل (موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد) بعدد الوحدات التي يمكنهم نشرها، حتى نتمكن من تحديد احتياجات الدعم في القتال».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.