قوات النظام تستهدف محاصيل زراعية في إدلب

أنقرة تواصل قصف مواقع «قسد» في حلب

رجل قرب منطقة تعرضت لقصف من قوات النظام جنوب إدلب (الشرق الأوسط)
رجل قرب منطقة تعرضت لقصف من قوات النظام جنوب إدلب (الشرق الأوسط)
TT

قوات النظام تستهدف محاصيل زراعية في إدلب

رجل قرب منطقة تعرضت لقصف من قوات النظام جنوب إدلب (الشرق الأوسط)
رجل قرب منطقة تعرضت لقصف من قوات النظام جنوب إدلب (الشرق الأوسط)

تواصل قوات النظام والميليشيات المساندة لها، لليوم الثالث قصفها المكثف بقذائف المدفعية والصواريخ على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية المأهولة بالسكان، في جبل الزاوية، جنوب إدلب، شمال غربي سوريا، وتوقع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، وسط استهداف لمناطق المحاصيل الزراعية.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قصفاً صاروخياً مكثفاً نفذته قوات النظام منذ ساعات الصباح الأولى، مستهدفة مناطق بليون والبارة والفطيرة وسفوهن وفليفل وبينين ومحيط كنصفرة والرويحة ومعراتا، في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ومحيط قرى وبلدات «قليدين والزيارة» بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، ما أدى إلى وقوع قتيل، وحدوث أضرار مادية في الممتلكات من جراء القصف.
وكان «المرصد»، وثق يوم أمس، مقتل عنصر من الفصائل جراء القصف المدفعي الذي نفذته قوات النظام على قرية بلشون بريف إدلب الجنوبي، لافتاً إلى ارتفاع عدد قتلى الفصائل إلى اثنين، حيث كان وثق مقتل عنصر من الفصائل في قرية مشون بجبل الزاوية، بالإضافة لوقوع جريح مدني في بلدة أحسم.
وقال عمر حاج أحمد، وهو ناشط ميداني في ريف إدلب، إن كل القرى والمناطق القريبة من خطوط التماس بين «قوات النظام السوري والفصائل السورية المسلحة» الواقعة جنوب إدلب، تشهد منذ ثلاثة أيام إلى الآن حملة تصعيد بالقصف المدفعي والصاروخي المكثف من قبل مواقع عسكرية تابعة لقوات النظام، وإنه بلغت حصيلة الخسائر البشرية 4 قتلى، وإصابة 11 مدنياً بينهم طفل وطفلة وامرأة بجروح بليغة، وخسائر كبيرة في ممتلكات المدنيين.
ويضيف، أنه «تعمدت أيضاً قوات النظام السوري خلال حملة القصف التي تشهدها المناطق، استهداف الحقول المزروعة بالقمح والشعير والأشجار المثمرة، واشتعال النيران فيها، بهدف منع المزارعين من الوصول إليها والتسبب بأضرار اقتصادية جسيمة»، لافتاً إلى أن النيران التهمت ما يقارب 2000 دونم من القمح والشعير في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، وتضررت مساحات كبيرة من بساتين الزيتون والأشجار المثمرة الأخرى جنوب إدلب، موضحاً أن فرق الإطفاء والدفاع المدني تواجه صعوبة كبيرة في إطفاء الحرائق بسبب نقص المياه وتضرر الطرق نتيجة القصف المتواصل من قبل قوات النظام.
ويتابع، أن فصائل المعارضة السورية المسلحة ردت على مصادر إطلاق النار من قبل قوات النظام، بوابل من صواريخ الغراد وقذائف المدفعية، مستهدفة كلاً من معسكر جورين في شمال غربي حماة وموقع آخر بمحيط مدينة كفرنبل وحرش بينين موقعة قتيلاً من قوات النظام وعدداً من الجرحى بحسب مراصد الفصائل.
من جهته، قال محمد حمادة مدير المكتب الإعلامي في المديرية الثانية لـ«الدفاع المدني السوري» إن «قوات النظام السوري قصفت الحقول الزراعية منذ بداية موسم الحصاد وقطاف الأشجار، لـ«منع المزارعين من جني محاصيلهم، وإجبارهم على النزوح»، لافتاً إلى أنه رغم وقف إطلاق النار شمال غربي سوريا، استجابت فرق الدفاع المدني السوري منذ بداية 2021 حتى الآن لأكثر من «520 هجوماً من قبل النظام وروسيا، تسببت بمقتل 56 شخصاً بينهم 12 طفلاً 9 نساء، فيما أصيب أكثر من 150 شخصاً بينهم 7 أطفال»، وتركزت تلك الهجمات على منازل المدنيين والحقول الزراعية وعدد من المنشآت الحيوية في جنوب إدلب.
إلى ذلك، واصلت القوات التركية قصفها الصاروخي على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في ريف حلب الشمالي.
وشنت القوات التركية، أمس (الاثنين) قصفاً صاروخياً مكثفاً على مواقع في بلدة دير جمال ومحيطها ومناطق أخرى شمال حلب، دون معلومات عن خسائر بشرية.
وبحسب «المرصد» تضم بلدة دير جمال مهجرين من عفرين.
وكانت القوات التركية شنت قصفاً مدفعياً مكثفاً، أول من أمس، على مناطق سيطرة قسد في أطراف قريتي طاطمراش وتنبه كشتعار، وأطراف مدينة تل رفعت شمال حلب. كما قصفت قريتي مرعناز وعقلمية في ناحية شيراوا بريف عفرين شمال غربي حلب.
ولفت المرصد السوري إلى مقتل ضابط برتبة ملازم أول في قوات النظام، جراء قصف مدفعي تركي طال قرية مياسة التابعة لناحية شيراوا بريف مدينة عفرين، ضمن مناطق سيطرة قوات النظام و(قسد).
وأعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان أمس، مقتل 6 من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات (قسد). وقال البيان إن قوات الكوماندوز التركية، قتلت العناصر الستة بعد أن أطلقوا نيراناً استفزازية على منطقتي عمليتي «درع الفرات» و«نبع السلام» شرق وغرب نهر الفرات.
وأشار إلى أن اثنين من العناصر الستة قتلا في منطقة عملية «درع الفرات»، في حلب، والـ4 الآخرين بمنطقة عملية «نبع السلام» شمال شرقي سوريا.
وفي بيان آخر، قالت الوزارة إنه تم ضبط 9 أشخاص أثناء محاولتهم دخول الأراضي التركية بطريقة غير قانونية من سوريا والعراق.
وذكر البيان أن أحد المقبوض عليهم من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.
على صعيد آخر، سيرت القوات التركية والروسية دورية مشتركة في الريف الغربي لمدينة عين العرب (كوباني)، أمس.
وانطلقت الدورية، المؤلفة من 8 عربات عسكرية لكلا الطرفين برفقة مروحيتين روسيتين من قرية آشمة الحدودية مع تركيا، وجابت قرى جارقلي فوقاني وجبنة وبياضية وصولاً إلى قرية زور مغار قبالة جرابلس على الضفة الشرقية لنهر الفرات وتعد آخر قرية بريف عين العرب الغربي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.