بري يتحدث عن «نصف تقدّم» حكومياً والباقي ينتظر باسيل

أكد أن البرلمان باقٍ حتى آخر يوم من ولايته

بري والحريري خلال لقائهما الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)
بري والحريري خلال لقائهما الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)
TT

بري يتحدث عن «نصف تقدّم» حكومياً والباقي ينتظر باسيل

بري والحريري خلال لقائهما الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)
بري والحريري خلال لقائهما الأسبوع الماضي (الوكالة الوطنية)

لم يعد من أوراق ضاغطة لدى باريس تعوّل عليها لإخراج أزمة تأليف الحكومة اللبنانية من المراوحة التي تتخبط فيها وتؤخر تشكيلها، سوى الرهان على المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والتي تحظى بدعم باتريك دوريل، مستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم ينفك - كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط» - عن التواصل مع جميع الأطراف المحلية الرئيسة المعنية بتأليفها في محاولة أخيرة، داعياً للسير فيها لتأخير السقوط النهائي للبنان.
الأسبوع الطالع بدءاً من اليوم (الاثنين) سيكون حاسماً لأنه لم يعد من مبرر للتأخير، فيما يقترب لبنان من الانفجار الشامل في ظل تدهور الوضع المعيشي والاجتماعي. ويؤكد المصدر أن مبادرة بري لا تزال «قائمة وماشية»، وأن الأيام المقبلة كفيلة بتوضيح المواقف بعيداً من المناورة، وعندها يعرف اللبنانيون «العنزة من أم القرون» ويتبين لهم من يعرقل تأليفها في حال أصر البعض على شروطه رافضاً سحبها من التداول.
ويكشف المصدر نفسه أن بري يتحرك بصمت باتجاه الأطراف المعنية، واضعاً إياها أمام مسؤولياتها للانتقال بالبلد من التأزُّم إلى الانفراج، ويقول: «لقد تحقق الآن أكثر من نصف تقدم ويبقى المطلوب التجاوب للوصول إلى النصف الآخر لتوفير الشروط لتسهيل ولادة الحكومة».
ومع أنه يفضّل عدم الدخول في التفاصيل التي يعود لبري وحده الكشف عنها رغم أنه يُنقل عنه قوله: «ما تقول فول قبل ما يصير في المكيول»، وبالتالي من غير الجائز التسرّع في حرق المراحل.
ويلفت إلى أن بري بادر فور انتهاء اجتماعه بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الأسبوع الماضي، إلى الاتصال بمعاونه السياسي النائب علي حسن خليل وأوعز له التواصل مع حسين خليل، المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، لترتيب لقاء عاجل مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لأن ضيق الوقت لم يعد يسمح بالانتظار وأن الضرورة تقضي بضرب الحديد وهو حامٍ.
ويؤكد المصدر النيابي أن لقاء الخليلين بباسيل لم يكن سلبياً في المطلق، وأن الأخير طلب التمهُّل ريثما يتمكن من مراجعة رئيس الجمهورية ميشال عون للتباحث معه في نقطتين بقيتا عالقتين، رافضاً تسليط الضوء على مضامينهما، لكن الجواب جاء ليلاً بعد انفضاض اللقاء، ولم يكن إيجابياً كما كنا نتوقع.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن باسيل لم يعط جوابه بعد التشاور مع عون كما أعلم الخليلين وإنما من خلال تواصله مع دوريل الذي كان على تشاور مع بري، وكانت المفاجأة بقول باسيل لمستشار الرئيس الفرنسي بأن النائب خليل لم يطرح عليه تفاصيل العرض الذي كان توصّل إليه رئيس المجلس مع الرئيس المكلّف.
وبحسب المعلومات، فإن بري فوجئ بما نقله إليه دوريل بالنيابة عن باسيل، والذي جاء مخالفاً لجدول الأعمال الذي ناقشه مع الخليلين عندما اجتمع بهما في بعبدا والذي يتضمن بنداً واحداً بقي محصوراً بما توصّل إليه بري في اجتماعه بالحريري والذي كان وراء مبادرة رئيس المجلس إلى معاودة تشغيل محركاته انطلاقاً من أن اتفاقهما يشكل أرضية سياسية مشتركة لإزالة العقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة.
لذلك، فإن الاتصالات مفتوحة بين بري والحريري وتكاد تكون يومية، وبالتالي فإن العرض الذي طرحه النائب خليل على باسيل يحظى بموافقة الرئيس المكلف الذي لم يعد لديه ما يقوله بعد أن تفاهم على الصيغة - المخرج للإسراع بتشكيل الحكومة.
ونقل المصدر النيابي عن بري قوله بأنه لا يعمل في الخفاء وبأن النائب خليل حمل الصيغة التي أعدها رئيس المجلس بالاتفاق مع الحريري للوقوف على رأيه، خصوصاً أنها ليست قابلة للنقض من قبل الرئيس المكلف وبات ينتظر الجواب النهائي من باسيل.
وبالنسبة إلى تلويح «التيار الوطني الحر» باستقالة نوابه من البرلمان، اعتبر المصدر النيابي أن التهديد أو التهويل بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لن يُصرف سياسياً في مكان، وأن البرلمان باقٍ حتى آخر يوم من ولايته، وأكد أن باسيل تبلغ هذا الموقف من الخليلين اللذين أبلغاه صراحة بأن الاستقالة من النيابة تفتح الباب أمام إجراء انتخابات فرعية لملء المقاعد التي شغرت باستقالة النواب.
ولفت إلى أن الخليلين أكدا له أن حركة «أمل» و«حزب الله» لن يتضامنا مع النواب المستقيلين بتقديم استقالة نوابهما من البرلمان، وقال إن الحكومة المستقيلة ترفض حتى الساعة دعوة الهيئات الناخبة للاشتراك في الانتخابات الفرعية لملء الشغور المترتب على استقالة 8 نواب ووفاة نائبين اثنين، فكيف ستكون حالها مع ازدياد عدد النواب المستقيلين؟
وأكد أن عدم إجراء انتخابات فرعية لانتخاب 10 نواب خلفاً للذين شغرت مقاعدهم يشكّل مخالفة دستورية، وأن من يقف وراء تأخير إنجازها سيلاحق دستورياً حتى بعد خروجه من السلطة أو إعفائه من مسؤولياته، وقال إن بري لمح مراراً وتكراراً على رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب ووزير الداخلية المستقيل العميد محمد فهمي بضرورة الدعوة للانتخابات الفرعية لكن مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لم يوقّع من قبل عون.
وشدد على أن الوضع المأزوم في البلد يفرض على جميع المسؤولين بلا استثناء أن يجتمعوا اليوم قبل الغد لانتشاله من قعر الهاوية ولن يتحقق إلا بتشكيل حكومة بمواصفات المبادرة الفرنسية، وقال إن هناك ضرورة لإزالة العقبات التي تؤخرها والتي تمهّد الطريق أمام معاودة التواصل بين عون والحريري لأن من دونهما لن تتشكل الحكومة.
ورأى المصدر أنه لا جدوى من دعوة الكتل النيابية للاجتماع بذريعة البحث بالوضع الحكومي ما دام البرلمان قد اجتمع في حضور النواب الأعضاء في هذه الكتل وقال كلمته بتجديد تكليفه الحريري بتشكيل الحكومة، وبالتالي لم يعد من مبرر لاجتماعها.
وعليه، سأل مصدر سياسي عما إذا كان باسيل وبالنيابة عن عون يصر على أن يكون مرشحه هو الفراغ الذي يأخذ البلد إلى المجهول أم أنه سيقرر ولو بصورة استثنائية تجاوبه مع مبادرة بري الذي ينتظر منه الجواب الذي يعطي فيه الأولوية لتشكيل الحكومة لإنقاذ ما تبقى من ولاية عون، هذا إذا كان ممكناً إنقاذه، خصوصاً أن لا طائل من الرهانات على ما ستسفر عنه المفاوضات الجارية في الإقليم أو تلك التي تستضيفها فيينا بين واشنطن وطهران حول الملف النووي باعتبار أن المشكلة اللبنانية داخلية بامتياز وأن الانتظار قد يطول ولبنان بات مهدداً بانحلاله لئلا نقول إن وجوده في خطر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.