لائحة هدايا الأعراس في لبنان تتحول إلى تبرعات للمؤسسات الخيرية

TT

لائحة هدايا الأعراس في لبنان تتحول إلى تبرعات للمؤسسات الخيرية

منذ سنوات قليلة كان العرسان في لبنان يولون لائحة هدايا حفل الزفاف اهتماماً خاصاً. فكانت بالنسبة للعروسين بمثابة «القجة» التي يوفيان من أموالها ديونهما أو جزءاً كبيراً من كلفة حفل الزفاف. وكانت هذه اللوائح يجري فتح حساب لها في أحد المصارف، فيتم ذكر رقمه التسلسلي على بطاقة دعوة العرس. يتهافت المدعوون إلى الزفاف من أصدقاء وأقرباء، ويقدمون - كلٌ حسب ميزانيته - مبالغ مالية عبر الحساب البنكي، كتهنئة للعروسين.
ولكن بُعيد الأزمة الاقتصادية التي داهمت جيوب اللبنانيين اتخذت هذه اللوائح منحى آخر. فصارت تطبعها دمغة إنسانية، بعد أن قررت شريحة من العرسان، التبرع بالمبالغ إلى مؤسسات خيرية.
فمفهوم مساندة الآخر والوقوف إلى جانبه في ظل ظروف قاسية، توسع لدى شريحة من الشباب اللبناني. فكان لا بدّ من التخلي عن إيقاع حياة مرفهة اتبعوه في الماضي. فهم اكتشفوا أثر الأزمة الاقتصادية وتداعيات الوباء، أنّها مجرد مظاهر سطحية، في استطاعتهم الاستغناء عنها، بعد أن أعادوا ترتيب أولياتهم.
وبين ليلة وضحاها تغيرت ملامح حفلات الزفاف، خصوصاً في ظل تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي. فغاب عنها حشود المدعوين والحفلات الضخمة، وكذلك التنافس عبر وسائل التواصل الاجتماعي على نشر صور تظهر فخامة هذه المشهدية.
ولامس هذا التغيير لوائح الهدايا بحيث أصبحت مؤسسات خيرية كالصليب الأحمر اللبناني، وجمعية المقاصد، ودور العجزة، ومراكز أمراض سرطان الأطفال، وغيرها هي المستفيدة منها. وتقول آيا القرى، صاحبة شركة «essence – ciel» لتنظيم حفلات الزفاف في لبنان، إنّ هذه الطريقة أصبحت نزعة رائجة اليوم في البلاد، بعد أن كانت تقتصر في الماضي على أعداد قليلة من المحتفلين بزفافهم. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «أعتقد أنّ كل شيء في حياتنا اليومية تغير، وبات يميل إلى البساطة بحيث صار إنسانياً أكثر. فبعد الثورة والأزمة الاقتصادية والجائحة وانفجار بيروت، تبدلت مفاهيم كثيرة لدى شبابنا. لمسوا قيماً اجتماعية وصحية لم يفكروا فيها من قبل. وهناك العديد من الزبائن الذين يتعاملون معي، يتجهون اليوم إلى تقديم المبالغ التي يحصدونها عبر لائحة هدايا حفلات الزفاف إلى مؤسسات خيرية. والحساب المصرفي الذي كانوا يفتحونه في الماضي للاستفادة الشخصية، صار يسجل باسم هذه الجمعية أو تلك المؤسسة، كي تتحول المبالغ المالية مباشرة إليها».
وترى آيا، وهي من أشهر صاحبات الشركات المنظمة لحفلات الزفاف في لبنان، أنّ هناك فئات اجتماعية مختلفة تركن إلى هذه الوسيلة اليوم. وتوضح «لا شك أنّ الأشخاص الميسورين يأتون في طليعة المتبرعين بمبالغ لائحة هدايا زفافهم. ولكن هناك أيضاً في المقابل كثراً ممن يتبعون هذا الإجراء على الرغم من وضعهم الاجتماعي المتوسط. كما أنّ شريحة كبيرة من العرسان المرتاحين مادياً، والمستقرين خارج لبنان، يعتمدونها لأنّهم يعتبرون هذه المبالغ هي بمثابة تبرعات، من الأفضل تقديمها للآخر، من باب الوقوف إلى جانبه في ظل ظروف قاسية».
وكانت صناعة حفلات الزفاف قد شهدت تراجعاً كبيراً خلال فترة الجائحة والأزمة الاقتصادية التي أصابت لبنان. وتعلق آيا في سياق حديثها «في السنتين الأخيرتين شهد هذا القطاع ليس تراجعاً فحسب، بل انهياراً هائلاً. حالياً نلمس تقدماً وعودة لا بأس بها لنبض حياة طبيعي ننتظره منذ فترة طويلة. والأشخاص الذين أجلوا حفلات أعراسهم في العام الماضي، عادوا اليوم لإحيائها، ولكن ضمن شروط فرضتها علينا الجائحة من ناحية والأزمة الاقتصادية من ناحية أخرى. وهناك شعور بالخجل لدى اللبناني الميسور من القيام باستعراضات تصب في خانة المشهدية المرفهة، كما في الماضي. فهو يعرف في قرارة نفسه أنّ الناس لن ترحمه، وستنعته بالبطر إذا ما بالغ».
وحسب آيا، فإنّ هذا الاستثمار آخذ بالتغير والتوجه نحو الأبسط، تماماً كما يحصل لدى الأوروبيين. وستقتصر حفلات الأعراس على حضور نحو 120 شخصاً بدلاً 500 وما فوق. أما الأجواء العامة، فستدور بشكل أقرب إلى الواقع. وتعلق «أتفهم سعادة العروسين ورغبتهما في أن يحمل هذا اليوم كل ما يحلمان به من فرحة يشاركهما بها المقربون، ولكن باتوا جميعاً يعرفون أنّ الأولويات تغيرت والهوامش قلّت».
من ناحيتها، تؤكد باميلا منصور مهنا، منظمة حفلات أعراس معروفة في لبنان وخارجه، من خلال شركتها «Mine weddings&events»، أنّ عدداً لا بأس به من اللبنانيين يتبرعون بلوائح هدايا الزفاف إلى مؤسسات خيرية. وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «إنها موجودة حالياً، عند عدد من زبائني، ولكن ليس بالعدد الكبير، أتمنى أن يكبر حجمها مع الوقت؛ لأنها ضرورة لتلك المؤسسات الخيرية وتسهم في نموها. فحفلات الزفاف اليوم تأخذ منحى يميل إلى الاختصار أكثر من الماضي. وهي مجرد حفلات صغيرة يتم دعوة المقربين من العرسان إليها، وتجري غالبيتها في الهواء الطلق. كما أنّ بعض المحتفلين بهذه المناسبة صاروا يفضلون اقامتها في بيوتهم كما في الماضي، لتوفير كلفة إيجار مكان الحفل، خصوصاً إذا كانوا يملكون مساحات خضراء. فهم يعرفون تماما أنّ هناك شريحة من اللبنانيين تعاني من الفقر والجوع، وليس من المقبول أن يتمادوا في صرف مبالغ ضخمة على مظاهر قد تخدش مشاعر الآخر».
وتؤكد باميلا، أنّ لبنان يأتي في مقدمة البلدان المشهورة في تنظيم حفلات الزفاف في العالم، وأنّها شخصياً تستعين بجميع كادراتها من مزيني شعر ومصممي أزياء وخبراء تجميل، وتنظيم ديكورات فيرافقونها إلى الخارج لتنفيذ حفلة زفاف. وتتابع «بعض اللبنانيين اعتمدوا قسمة الحق بالنسبة للائحة الهدايا بحيث يتبرعون بقسم منها ويحتفظون بالقسم الآخر. وآخرون اعتمدوا لوائح تقليدية بحيث يفتحون حسابات خاصة في محلات تجارية معينة، يستفيدون من أغراضها لتجهيز منازلهم».
ويرى عبد الله الذي اعتمد تحويل مبالغ لائحة هدايا زفافه إلى جمعية المقاصد الخيرية، أنّ فرحته بعرسه ستكون مضاعفة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «سأحتفل وأنا سعيد باكتمال فرحتي وارتباطي مع حبيبتي من ناحية وبمساعدتي للجمعية من ناحية ثانية. فأكون راضياً على نفسي وأشعر بالسلام؛ لأنّ العطاء ينعكس إيجاباً على صاحبه».
أمّا نتالي التي تحتفل بزواجها في الشهر المقبل، فتقول لـ«الشرق الأوسط»، «لم أتفاجأ بالأمر عندما عرض علي خطيبي هذا الموضوع. فشجعته على ذلك، سيما أنّ أهلي باركوا لنا هذه الخطوة، واعتبروها فأل خير لحياة طويلة نمضيها معاً، وقد استهللناها بخطوة شجاعة وإنسانية».



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.