الرئيس العراقي: الفساد يهدد حاضر البلاد ومستقبلها

صالح بحث مع البرلمان و«النزاهة» و«الادعاء» استرداد الأموال

TT

الرئيس العراقي: الفساد يهدد حاضر البلاد ومستقبلها

وصف الرئيس العراقي برهم صالح ظاهرة الفساد بـ«الآفة» التي تهدد حاضر ومستقبل البلاد، وذلك خلال اجتماع موسع عُقد في قصر السلام ببغداد، عصر أمس، وحضره النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، ورئيس ونائب رئيس كل من لجان النزاهة والقانونية والمالية النيابية، ورؤساء جهاز الادعاء العام، وهيئة النزاهة، وديوان الرقابة المالية.
وذكر بيان لمكتب الرئاسة أن الاجتماع «بحث مشروع قانون استرداد عائدات الفساد، المُقدم من رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب، إذ جرى تأكيد أهمية إقراره وتكامله مع التشريعات القائمة المختصة في مكافحة الفساد، ليضيف زخماً للجهد الوطني القائم، كما جرت الإشارة إلى الدور المهم الذي تقوم به المؤسسة التشريعية في هذا الصدد».
وكان الرئيس صالح قد أعلن قبل عشرة أيام عن مشروع القانون وقدمه وأرسله إلى مجلس النواب للمصادقة عليه في محاولة لمحاربة آفة الفساد التي فتكت بالبلاد منذ عام 2003 ونهبت ثروته. وتقدَّر الأموال المهربة خارج البلاد بنحو 150 مليار دولار. واشترك في صياغة القانون الجديد الذي يتألف من 42 مادة قانونية وينتظر مصادقة البرلمان، مجموعة من الخبراء في القانون ومكافحة الفساد وفي مقدمتهم قاضي النزاهة الأسبق رحيم العكيلي.
وقال صالح، خلال اجتماع أمس، إن «الفساد آفة خطيرة أثّرت على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأوضاع العامة في البلد، وهذا يستوجب وقفة جادة تُشارك فيها جميع المؤسسات الرسمية من أجل كبح هذه الآفة، لأن استمرارها يُمثل تهديداً لحاضر البلد ومستقبله، ويعطل بناء الاقتصاد الوطني». وأضاف أن «مشروع قانون استرداد عائدات الفساد يمثل خطوة تُكمل الدور الأساسي لجهد مؤسسات الدولة ودمج الأدوار والتنسيق بينها في مكافحة الفساد واسترداد عوائد الفساد، إذ يتضمن إجراءات استباقية تهدف لمنع حصول الفساد، وإجراءات لاحقة تعمل على استعادة أموال الفساد وعائداتها، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في مكافحة الفساد».
من جانبه، أكّد النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، «دعم المؤسسة التشريعية للجهود القائمة في مكافحة الفساد». واعتبر في بيان أصدره مكتبه أن قانون الاسترداد «سيمنح الجهات الرقابية والتنفيذية صلاحيات أوسع لمحاسبة المفسدين وملاحقة الأموال المهربة». ودعا الكعبي «اللجان النيابية وأعضاء مجلس النواب إلى ممارسة دورهم الرقابي والتشريعي الموكل إليهم، وهي مهام أخلاقية قبل أن تكون قانونية كونهم ممثلي الشعب، لا سيما خلال هذه الفترة التي يحاول البعض إثارة الرأي العام من خلال تسويق شائعات بأن النواب مشغولون بالدعاية الانتخابية وغير مهتمين بمهامهم النيابية».
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قد شكّل في سبتمبر (أيلول) 2020، لجنة خاصة برئاسة اللواء الحقوقي أحمد أبو رغيف لمحاربة الفساد، تمكنت من إلقاء القبض على عدد غير قليل من المسؤولين المتهمين بالفساد، وكان زعيم حزب «الحل» جمال الكربولي من بين أبرز من أُلقي القبض عليهم وما زال قيد الاحتجاز والتحقيق.
من جهة أخرى، أصدر القضاء العراقي، أمس، حكماً بحق نائب مدير مطار النجف وعضو مجلس المحافظة السابق جواد الكرعاوي. وقال القضاء في بيان: إن «نائب مدير مطار النجف السابق جواد عبد الكاظم، علوان الكرعاوي المعروف بـ(أبو اكثم)، صدر بحقه حكم بالحبس 4 سنوات بجريمة الرشوة في عقد استثمار مطار النجف». وكان الكرعاوي قد اعتُقل في سبتمبر 2020، على خلفية اتهامات بالفساد تتعلق بصفقات عُقدت في أثناء توليه المنصب في مطار النجف.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.