مخاوف من فقدان مهارات عملية بسبب الحجر الطويل

البقاء ضمن مجموعات كبيرة يحسّن القوة الإدراكية

إغلاق الهند أفقد كثيراً من العمال أشغالهم اليومية (أ.ف.ب)
إغلاق الهند أفقد كثيراً من العمال أشغالهم اليومية (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من فقدان مهارات عملية بسبب الحجر الطويل

إغلاق الهند أفقد كثيراً من العمال أشغالهم اليومية (أ.ف.ب)
إغلاق الهند أفقد كثيراً من العمال أشغالهم اليومية (أ.ف.ب)

بينما تقوم الكثير من الدول بصورة مؤقتة بتخفيف القيود التي تفرضها لمكافحة تفشي فيروس كورونا المستجد، يشعر بعض الناس بالقلق حيال الإجابة على بعض التساؤلات مثل: «هل صارت مهاراتي الاجتماعية متواضعة بسبب فترات الحجر الصحي الطويلة وقرارات الإغلاق التي تم فرضها؟ هل انتهت علاقاتي وصداقاتي؟ وهل سأستمر في الحفاظ على مجموعة الأصدقاء القديمة التي كانت لدي وسأعود إليها؟ وهل تمزقت دوائري الاجتماعية أم تقلصت؟».
ويقول المحلل الألماني أندرياس كلوت في تحقيق نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، إنه من أجل الحصول على منظور علمي، تم طرح هذه الأسئلة على روبن دنبار، وهو عالم أنثروبولوجيا وعالم نفس تطوري بريطاني. ويقول كلوت إن دنبار اكتشف وجود نسبة مستقرة بصورة ملحوظة لدى جميع أنواع الرئيسيات، تربط بين حجم قشرتها المخية الحديثة ومجموعاتها الاجتماعية: فكلما كان الدماغ أكبر، زاد حجم المجتمع.
ويبدو ذلك منطقياً، حيث يتطلب البقاء ضمن مجموعات كميات كبيرة جداً من القوة الإدراكية. وصار ذلك معروفاً بصورة مثيرة للجدل باسم «فرضية الدماغ الاجتماعي» أو «فرضية الذكاء الميكافيلي (الانتهازي)»، وهي فرضية تبدو مشؤومة تماماً. إلا أن الأبحاث الأخرى تؤكد على أن إدراكنا يجعل «لدينا سلوكيات إيجابية تجاه المجتمع» أيضاً، ويجعلنا نولي اهتماماً بالآخرين، بحسب كلوت. ويقول المحلل الألماني، إنه من هنا تأتي مشاعر الاستمالة الوفيرة التي تقوم بها الرئيسيات من أجل تدفق مادة الـ«إندورفين». ويعني ذلك بالنسبة لنا عادة، «العناق». وتقول وكالة «بلومبرغ» إن أحد الفروق البسيطة في نظرية دنبار هو أن مجموعات الرئيسيات تأتي ضمن فئات مختلفة. فالبشر، على سبيل المثال، يميلون إلى أن يكونوا قريبين من عدد من الأشخاص الآخرين يقدر بخمسة فقط.
كما أنهم يشكلون «مجموعات» تضم نحو 40 فرداً - مثلما يحدث في حفلات الصيد أو بين المجموعات أو الفرق على سبيل المثال - و«القبائل» الأكبر كثيراً، والتي يقدر عددها بالآلاف. إلا أن متوسط حجم «المجتمع» البشري دائماً ما كان، نحو 150 فرداً. ومن المدهش مدى استقرار ما يسمى بـ«عدد دنبار»، وهو يصف متوسط الحد الأقصى لمجموعات الصيادين، والقرى في العصور الوسطى، ومجتمعات الألعاب عبر الإنترنت، وقوائم بطاقات عيد الميلاد (الكريسماس) والتجمعات في المعابد، وغيرها، بحسب المحلل الألماني. وعندما تتجاوز المجموعات البشرية العدد - كما هو الحال عندما يزيد عدد العاملين في الشركات على 150 موظفاً - عادة ما يصير إدراكنا الفطري غير كافٍ ونحتاج إلى البيروقراطية لتنظيم أنفسنا.
وفي عام 2009، عندما كانت شبكات التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت ما زالت جديدة بالنسبة للكثيرين منا، كان كلوت يتساءل عما إذا كان من الممكن أن تزيد التكنولوجيا من «عدد دنبار»، لذلك طلب من إدارة «فيسبوك» معالجة بعض البيانات. وبعد الفحص، تبين أن الإجابة هي «لا». فموقع «فيسبوك» - وما شابه من مواقع التواصل الاجتماعي - قد يتيح لنا إدارة ما هي في الواقع قائمة موسعة من المعارف. إلا أن تلك المواقع لا يمكنها رفع الحد الأقصى للعلاقات الجيدة التي نحافظ عليها، لأن ذلك يبدو أنه أمر بيولوجي، بحسب كلوت.
ولكن ماذا عن وباء كورونا وكل عمليات الإغلاق التي جعلها ضرورية؟ يقول كلوت إن مثل تلك الفترات غير الطبيعية من العزلة الاجتماعية، يجب أن تؤدي إلى تدمير نفسية الرئيسيات، مضيفاً: «أشك في إمكانية نجاة القردة في ظل فترة طويلة من الحجر الصحي. فقرود الـ«بونوبو» تحتاج إلى تحفيز جنسي مستمر للحفاظ على الانسجام والتماسك الجماعي بين أفرادها. وتقوم أنواع أخرى من الرئيسيات بالقليل من ذلك، إلا أن الرئيسيات من أمثال الشمبانزي العادي، والليمور، أو البابون، تصاب بالضيق والوهن في ظل عدم وجود اتصال اجتماعي بين أفرادها، وتتفكك مجتمعاتها.
ويقول المحلل الألماني إن القردة ليس لديها بالطبع تطبيقات إلكترونية مثل «زووم»، على عكس ما هو متاح للبشر. ومع ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لدينا تعد في أحسن الأحوال بدائل غير مكتملة وجزئية للتواصل الاجتماعي بين الأفراد. حيث من الممكن عند استخدام تطبيق مثل «زووم»، رؤية أعين الأشخاص، ولكن ليس من الممكن تحديد ما الذي يحدقون فيه، وهي إشارة مهمة في ديناميكيات المجموعات. ويمكن لشخص واحد فقط أن يتحدث في الوقت نفسه، مع عدم وجود إمكانية للعناق أو الوخز.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.