عاملو أكبر المستشفيات اليمنية ينتفضون ضد التعسفات الحوثية

TT

عاملو أكبر المستشفيات اليمنية ينتفضون ضد التعسفات الحوثية

أفادت مصادر يمنية عاملة في القطاع الطبي بأن العشرات من الأطباء والكادر التمريضي في مستشفى الثورة العام في العاصمة المختطفة صنعاء نفذوا أواخر الأسبوع الماضي مظاهرة احتجاجية جديدة ضد التعسفات الحوثية المتعمدة بحقهم ومستحقاتهم.
وأكدت المصادر في حديثها مع «الشرق الأوسط» أن المظاهرة جابت بعض الشوارع القريبة من المستشفى ثم استقرت أمام بواباته للمطالبة بوقف سرقة النسب المخصصة لهم من عوائد ذلك المرفق الحكومي.
وعبّر المشاركون في المظاهرة، التي فشلت الجماعة في إخمادها، عن رفضهم للممارسات كافة التي ينتهجها بحقهم القيادي الحوثي المدعو علي حجاف، المعين من قبل الجماعة مديراً للمستشفى.
وأشاروا إلى أن الجماعة لم تكتفِ كعادتها منذ سنوات بنهب رواتبهم، بل تجاوزت ذلك وصولاً للتضييق عليهم وأسرهم من خلال سرقة مستحقاتهم المخصصة من عائدات المستشفى.
وعلى الرغم من تهديدات الجماعة لهم بالفصل والاعتقال والإيداع في السجون، فإن كثيراً من المحتجين أكدوا أن انتفاضتهم تلك ستتواصل حتى إطلاق جميع مستحقاتهم المالية ورفع الجور والبطش المتكرر بحقهم.
في غضون ذلك، شكا أطباء وعاملون في مستشفى الثورة العام بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تعرضهم لانتهاكات يومية تمارسها الجماعة ومسلحيها بحقهم، كما طالب مسؤول بنقابة الموظفين في المستشفى جميع الموظفين ورؤساء النقابات وموظفي القطاع الصحي بالتضامن مع مطالبهم ومطالب الموظفين بإطلاق جميع مستحقاتهم دون نقصان.
ودعا جميع المنظمات الدولية والمحلية المعنية بالمجال الصحي والحقوقي إلى إدانة كل الإجراءات الحوثية القمعية الممارسة بحق أطباء وكوادر هيئة مستشفى، الثورة الذين أخرجهم الجوع والحرمان للمطالبة بمستحقاتهم.
وقال إنه سبق أن قمعت الميليشيات خلال الفترة ما بين أغسطس (آب) العام الماضي، وأبريل (نيسان) العام الحالي، عدداً من المظاهرات التي نظمها منتسبو المستشفى، ونفذ بمقابلها مسلحو الجماعة حملات اعتداء واختطاف بحق الأطباء والعاملين الصحيين، في محاولة يائسة منهم لإفشالها.
وعبّر المصدر النقابي عن استنكاره لمواصلة تجاهل الانقلابيين لما يزيد عن 8 مظاهرات ووقفات احتجاجية نفذها العاملون بهيئة المستشفى بصنعاء منذ منتصف العام الماضي حتى اليوم، للمطالبة بصرف مستحقاتهم المخصصة من عائدات المستشفى حتى تعينهم وأسرهم على العيش واستمرار الحياة وتقديم الخدمات للمرضى.
وتحدث المسؤول النقابي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات تتعلق بسلامته، عن سلسلة من الانتهاكات الحوثية التي طالت على مدى فترات ماضية أعضاء ومنتسبي نقابة موظفي هيئة مستشفى الثورة، من بينها الاعتداء والاختطاف والحرمان من أبسط حقوقهم.
وذكر أن مستشفى الثورة بصنعاء يعد من أكبر المشافي الحكومية في اليمن، ويحظى بدعم مالي كبير، إلا أن الجماعة منذ سيطرتها على معظم مناطق البلاد مارست شتى صنوف النهب، وجيرت المرافق الخدمية الحكومية كافة لصالح قياداتها.
ومنذ مطلع العام الحالي، تصاعدت حدة الانتهاكات والجرائم الحوثية بحق مئات الأطباء والعاملين بمستشفى الثورة في صنعاء ومشافي حكومية أخرى بمناطق سيطرة الجماعة، في حين واصل ذلك الصرح الطبي الكبير في العاصمة حصر خدماته فقط، إما على الجرحى والمرضى الحوثيين، أو لمن يدفع مبالغ أكثر من المرضى اليمنيين.
وكانت مصادر طبية بصنعاء كشفت بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن شن الجماعة منتصف أبريل الماضي، حملات اختطاف طالت 12 طبيباً و17 عاملاً صحياً من مشافي الثورة والجمهوري والسبعين بصنعاء، وذلك عقب فشلها بإقناعهم في الالتحاق بجبهات القتال لمداواة جرحاها.
وتأتي تلك الجملة من الممارسات غير القانونية بحق العاملين الصحيين بمدن سيطرة الحوثيين، في وقت لا تزال فيه الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية بذلك المجال تطلق عدة تحذيرات من انهيار الوضع الصحي في اليمن الذي قالت إنه لا يحتمل الانتظار مع دخول الحرب في البلد عامها السابع، ما أثّر على مختلف مناحي الحياة.
وذكرت منسقية الشؤون الإنسانية في اليمن، خلال تغريدات سابقة على منصة التدوين «تويتر» أن 20.1 مليون شخص في اليمن، يحتاجون إلى المساعدة الصحية.
وأكدت أن 51 في المائة فقط من المرافق الصحية تعمل بشكل كامل، وأن 67 مديرية من أصل 333 مديرية، لا يوجد فيها أطباء، وأنه في كل 10 دقائق يموت طفل واحد بسبب أمراض يمكن الوقاية منها.
وبحسب تقديرات سابقة لمنظمة الصحة العالمية، فإن 14.8 مليون يمني لا يحصلون على خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك مليونان من النازحين والمشردين داخلياً، وأن 14.5 مليون شخص لا يمكنهم الحصول على المياه النظيفة الصالحة للشرب والصرف الصحي وخدمات النظافة، بما يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية والملاريا والجرب.
وتتحدث تقارير دولية أخرى أن اليمن لا يزال يشهد نقصاً حاداً في أدوية الأمراض المزمنة كضغط الدم والسكري والسرطان، وكذلك نقص المستلزمات الطبية للحالات الحرجة وأكياس الدم وغيرها من الضروريات كأدوية علاج الملاريا وحمى الضنك وعلاج سوء التغذية مع وجود أكثر من 462 ألف طفل يعاني من سوء التغذية الحاد لدرجة تهدد حياتهم بالخطر.


مقالات ذات صلة

تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

العالم العربي النساء اليمنيات يواجهن صعوبات حياتية كبيرة بسبب الحرب وممارسات الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

تستّر حوثي على عصابات تختطف النساء

بسبب جهود عائلة يمنية أجرت بحثاً واسعاً عن إحدى نسائها المختطفات في محافظة إب، أمكن الكشف عن عصابتين تختطفان 16 امرأة في ظل تستر الجماعة الحوثية على هذه الجرائم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي وزير الدفاع اليمني الفريق ركن محسن الداعري (الشرق الأوسط) play-circle

وزير الدفاع اليمني لـ«الشرق الأوسط»: سنتعامل بحزم مع أي مغامرة حوثية

أكد وزير الدفاع اليمني أن القوات المسلّحة اليمنية وجميع التشكيلات العسكرية في جهوزية عالية للتعامل بصلابة وحزم مع أي اعتداءات أو مغامرات حوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يمنيان ينظفان الزجاج الذي تسببت الغارات الأميركية في تحطيمه أمام متجرهما بصنعاء (أ.ف.ب)

سكان صنعاء يتخوفون من مواجهة طويلة بين واشنطن والحوثيين

أعادت الضربات الأميركية الأخيرة في اليمن تجديد مخاوف السكان من مواجهة طويلة تؤثر على معيشتهم، في ظل إصرار الحوثيين على التصعيد وعدم اكتراثهم بتبعات ممارساتهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم عبد الملك الحوثي لاستعراض القوة أمام الضربات الأميركية (إ.ب.أ)

الحوثيون يختارون التّصعيد رغم وعيد ترمب واستمرار الضربات

اختارت الجماعة الحوثية تمسُّكها بالتصعيد البحري رغم الوعيد والضربات الأميركية المستمرة التي أمر بها ترمب، زاعمة أنها هاجمت حاملة الطائرات «ترومان» مرتين.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الرئيس اليمني رشاد العليمي مع القيادات العسكرية اليمنية خلال الاجتماع (سبأ)

الحكومة اليمنية تطالب بتعاون دولي أوسع لمحاصرة الحوثيين

في وقت تستمر فيه الضربات الأميركية على مواقع حوثية عدة، طالبت الحكومة اليمنية بتبنِّي تعاون دولي أوسع واستراتيجية شاملة لمحاصرة الجماعة وقطع مصادر تمويلهما.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الجيش الأميركي: الحملة ضد الحوثيين مستمرة على مدار الساعة

ألسنة لهب وأعمدة دخان تتصاعد فوق المباني جراء قصف أميركي على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)
ألسنة لهب وأعمدة دخان تتصاعد فوق المباني جراء قصف أميركي على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي: الحملة ضد الحوثيين مستمرة على مدار الساعة

ألسنة لهب وأعمدة دخان تتصاعد فوق المباني جراء قصف أميركي على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)
ألسنة لهب وأعمدة دخان تتصاعد فوق المباني جراء قصف أميركي على صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية مهاجمة إسرائيل بصاروخين باليستيين جرى اعتراضهما، وزعمت مهاجمة القطع البحرية التابعة للولايات المتحدة، في حين أكدت «القيادة المركزية الأميركية» أن الحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب ضد قدرات الجماعة وقادتها مستمرة على مدار الساعة.

وأعلنت الجماعة عن تلقي ضربات أميركية في الحديدة يوم الخميس، بينما أعلنت إسرائيل اعتراض صاروخ أقبل من اليمن في وقت مبكر من صباح الخميس، وتداولت وسائل إعلام إسرائيلية اعتراض آخر مساءً.

ووسط تكتم من الجماعة المدعومة إيرانياً على خسائرها البشرية والعسكرية، تستمر حملة أطلقها ترمب السبت الماضي لاستهداف الحوثيين في اليمن، وتوعدهم بـ«القوة المميتة»، قبل أن يؤكد الأربعاء أنه «سيتم القضاء عليهم تماماً».

وشملت الضربات الأميركية ليل الأربعاء مواقع للجماعة في صنعاء وصعدة والجوف والحديدة، وقالت «القيادة المركزية»، في تغريدة على منصة «إكس» إن الضربات مستمرة على مدار الساعة رغم عدم تسجيل أي غارات في نهار الخميس.

وأقرت الجماعة الحوثية بأن الغارات المسائية استهدفت حي الجراف في صنعاء يوم الأربعاء، وهو منطقة عادة ما يتركز فيها أتباع الحوثيين وبعض قادتهم، كما ضربت غارات عدة لثاني مرة خلال يومين مواقع بمديرية الصفراء في صعدة حيث معقل الجماعة، وموقعاً في مدينة زبيد جنوب الحديدة، زعمت الجماعة أنه محلج للقطن.

وتحدث إعلام الجماعة عن إصابة 7 نساء وطفلين إثر الغارات في حي الجراف، بالإضافة إلى تضرر عدد من المنازل المجاورة. كما زعمت أن الضربات في مدينة الحزم بالجوف «استهدفت مزرعة الشعب للماشية والأغنام؛ ما أدى إلى نفوق عدد منها».

واعترفت الجماعة بتلقي ضربات بمحيط صعدة وفي مواقع بمديرية السوادية بمحافظة البيضاء، دون الحديث عن آثار هذه الضربات التي يقول الجيش الأميركي إنها تستهدف قدرات عسكرية إلى جانب قادة الجماعة.

في غضون ذلك، تبنى المتحدث العسكري الحوثي، يحيى سريع، مهاجمة «مطار بن غوريون» في تل أبيب بصاروخ باليستي، وهو ثاني صاروخ منذ الثلاثاء الماضي، كما زعم أن جماعته هاجمت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع البحرية المرافقة لها لليوم الخامس.

وأوضح سريع في بيان متلفز، الخميس، أن قوات جماعته استهدفت «مطار بن غوريون» في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين2»، زاعماً أنه حقق هدفه. وادعى أن الجماعة صعدت من عمليات استهداف القطع الحربية الأميركية في البحر الأحمر، ومنها حاملة الطائرات «يو إس إس هاري ترومان» بعدد من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة.وتعتقد مصادر يمنية أن تركيز الضربات على معقل الحوثيين يأتي بهدف تدمير المواقع المحصنة في الجبال والكهوف التي حولتها الجماعة إلى قواعد لتخزين الأسلحة خلال السنوات الماضية، إضافة إلى اتخاذها مخابئ من الاستهداف الجوي.

تصدٍّ إسرائيلي

أقر الجيش الإسرائيلي بأنه اعترض صاروخاً أطلقه الحوثيون، في ساعة مبكرة من صباح الخميس، وذكر أن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بإسرائيل بسبب المقذوف. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن دوي صفارات الإنذار سُمع في تل أبيب والقدس.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: «اعترض سلاح الجو صاروخاً أُطلق من اليمن قبل أن يدخل الأراضي الإسرائيلية. ودوت صفارات الإنذار» وفقاً للإجراءات المتبعة. وأفادت «خدمة الإسعاف الإسرائيلية» بأنه لم ترد أنباء عن إصابات خطيرة، وفق ما نقلته «رويترز».

آثار قصف أميركي في صنعاء الخاضعة للحوثيين (أ.ب)

وفي وقت لاحق يوم الخميس، نقلت وسائل إعلام عن الجيش الإسرائيلي سماع دوي صفارات الإنذار في مناطق عدة عقب هجوم صاروخي (آخر) من اليمن، وقالت القناة 12 الإسرائيلية إنه جرى اعتراض الصاروخ قبل دخوله المجال الجوي.

ومع استئناف الجماعة الحوثية هجماتها باتجاه إسرائيل على الرغم من عدم فاعليتها على مستوى التأثير القتالي، يتخوف اليمنيون من عودة تل أبيب إلى ضرباتها الانتقامية ضد المنشآت الحيوية الخاضعة للجماعة، كما حدث خلال 5 موجات سابقة ابتداء من يونيو (حزيران) الماضي.

ومنذ دخول الهدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، كانت الجماعة أعلنت التوقف عن هجماتها البحرية وباتجاه إسرائيل، قبل أن تقفز مجدداً للانخراط في الصراع مع تعثر المرحلة الثانية من الهدنة.

ويزعم الحوثيون أن تصعيدهم البحري والإقليمي هو من أجْل مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتبنوا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وحتى هدنة غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» مهاجمة 211 سفينة.

وأطلقت الجماعة خلال 14 شهراً نحو مائتي صاروخ وطائرة مُسيَّرة باتجاه إسرائيل، دون أن تكون لها نتائج عسكرية مؤثرة، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» لليوم الخامس (رويترز)

وشنت إسرائيل 5 موجات من ضرباتها الجوية ابتداء من 20 يونيو الماضي رداً على الهجمات الحوثية، مستهدفة بنية تحتية؛ بما فيها ميناءا الحديدة ورأس عيسى على البحر الأحمر، وخزانات للوقود ومطار صنعاء، وكان آخر هذه الغارات في 10 يناير الماضي.

وأدت هجمات الحوثيين البحرية إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة، في حين استقبلوا نحو ألف غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير 2024 وحتى سريان الهدنة في غزة، دون أن يؤدي ذلك إلى وقف هجماتهم التي تقول واشنطن إنها مدعومة من إيران.