صدام جديد لتركيا مع النمسا على خلفية انتقاد خطابات إردوغان

واشنطن تقترح على أنقرة بديلاً لمنظومة «إس ـ 400»

TT

صدام جديد لتركيا مع النمسا على خلفية انتقاد خطابات إردوغان

رفضت تركيا خريطة وضعتها الحكومة النمساوية لتحديد مواقع المساجد والمؤسسات الإسلامية في البلاد، تحت اسم «الخريطة الوطنية للإسلام»، في خطوة رأت هيئات إسلامية أنها تساهم في وصم المسلمين في البلاد، وتحميلها الرئيس رجب طيب إردوغان المسؤولية عن تصاعد التطرف في أوروبا بسبب «خطاباته العدائية».
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، إن «عرض وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، خلال مؤتمر صحافي، الخريطة التي أعدها مركز توثيق الإسلام السياسي، والتي تتضمن قائمة بالجمعيات الإسلامية في النمسا، وزعمها أن أعمال الشغب في فيينا نجمت عن خطابات رئيس بلادنا بعيدة عن الواقع وغير مقبولة».
وأضاف أن هذه السياسات المعادية للأجانب، والعنصرية، والمناهضة للإسلام، تسمم التماسك والمشاركة الاجتماعية في النمسا. وعد المتحدث التركي، في بيان أصدره ليل الجمعة - السبت، أن على النمسا تبني سياسة مسؤولة، بدلاً من إعداد سجل للمسلمين.
ونشر موقع الحكومة النمساوية ما يسمى «الخريطة الوطنية للإسلام» التي تحدد أسماء ومواقع أكثر من 600 مسجد ومؤسسة وجمعية، إضافة إلى مسؤوليها وتوجهاتهم الآيديولوجية، والتي أعدت بالتعاون مع جامعة فيينا ومركز توثيق الإسلام السياسي، في خطوة أثارت قلق مسلمي النمسا، وعدوها نية لوصمهم وعدهم خطراً، وأكدوا أنها ستؤجج العنصرية في البلاد.
ونأى حزب الخضر، الشريك في الائتلاف الحكومي مع الحزب الحاكم من يمين الوسط، بنفسه عن المبادرة الحكومية. وقالت وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، إن الغرض من الخريطة ليس وضع المسلمين بشكل عام في موضع الشك، وإنما هدفها مواجهة العقائد السياسية، وليس الدين. وتزايدت حوادث الاعتداءات اللفظية والجسدية ضد المسلمين في النمسا منذ تنفيذ هجوم أسفر عن مقتل 4 أشخاص في فيينا، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان الأول من نوعه الذي ينفذ في النمسا.
وقال المجلس التمثيلي للمسلمين في النمسا إن الخريطة تظهر نية الحكومة الواضحة لوصم جميع المسلمين بصفتهم خطراً محتملاً، واشتكى من تزايد العنصرية ضد المسلمين الذين يصل عددهم إلى نحو 700 ألف شخص على الأقل من إجمالي عدد السكان البالغ 8 ملايين و773 ألف نسمة، بحسب إحصاءات رسمية.
وفي شأن آخر، اقترحت الولايات المتحدة على تركيا تقديم بديل لمنظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس - 400» لإنهاء الخلاف بينهما في هذا الصدد. وقالت نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، إن الولايات المتحدة قدمت لتركيا بديلاً عن منظومة الصواريخ الروسية «إس - 400» المضادة للطائرات، لكن لم تحدده. وقالت شيرمان، في مقابلة مع قناة «سي إن إن تورك»، على هامش زيارة لتركيا، إن «حصول أنقرة على المنظومة الروسية يطرح مشكلة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)... لقد قدمنا بديلاً، وهم (تركيا) يعرفون بالضبط ما يجب القيام به؛ آمل أن نتمكن من إيجاد طريق مشترك».
وأعلنت الولايات المتحدة مراراً رفضها الشديد لاقتناء تركيا منظمة «إس - 400» الروسية للدفاع الجوي التي تسلمتها في يوليو (تموز) 2019، ولم تقم بتفعيلها حتى الآن، معتبرة أن مثل هذه العمليات تتناقض مع التزامات الجانب التركي في إطار الناتو، وفرضت عقوبات على رئيس مستشارية الصناعات العسكرية بالرئاسة التركية إسماعيل دمير، و3 من مساعديه، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات (كاتسا)، كما هددت أنقرة باتخاذ إجراءات جديدة ضدها، بعد أن سبق أن أوقفت مشاركتها في برنامج يشرف عليه الناتو لإنتاج وتطوير مقاتلات «إف - 35» الأميركية، ومنعتها من اقتناء 100 طائرة منها. في المقابل، تتمسك تركيا بالمنظومة الروسية، وتؤكد أن تشغيلها سيكون مستقلاً عن المنظومة الدفاعية للناتو، ولن يؤثر عليها. وأكدت استعدادها لاقتناء منظومة «باتريوت» الأميركية أيضاً، لكنها تشترط أن يكون السعر مناسباً، وأن يتم نقل تكنولوجيا التصنيع إليها. وبحث المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالن، مع شيرمان في إسطنبول، أمس (السبت)، العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، فضلاً عن أجندة أعمال قمة زعماء الناتو، المقررة في 14 يونيو (حزيران) المقبل، والقضايا التي سيتناولها اللقاء المنتظر على هامش القمة بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والأميركي جو بايدن.
واتفق الجانبان على ضرورة استمرار التعاون بين البلدين في القضايا الإقليمية، مثل سوريا وأفغانستان وليبيا وإقليم قره باغ وأوكرانيا، في سبيل ضمان الأمن والاستقرار. كما رحبا باتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» الذي تم التوصل إليه بوساطة مصر. وبدأت شيرمان زيارة لتركيا الخميس الماضي، التقت خلالها نائب وزير الخارجية التركي سادات أونال، في أنقرة، حيث جرى بحث العلاقات بين أنقرة وواشنطن، والقضايا الإقليمية، وفي مقدمتها سوريا وليبيا وأفغانستان.
وقالت شيرمان، عبر «تويتر»، إنها أكدت خلال المباحثات مع نظيرها التركي أهمية قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في تركيا.


مقالات ذات صلة

مقتل شاب في جبال الألب بصاعقة برق

أوروبا جبال الألب (رويترز)

مقتل شاب في جبال الألب بصاعقة برق

أعلنت الشرطة، اليوم الاثنين، مقتل سائح في جبال الألب النمساوية، بسبب صاعقة برق.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي ووزير خارجية جمهورية النمسا ألكسندر شالنبرغ (واس)

وزير الخارجية السعودي ونظيره النمساوي يبحثان تعزيز علاقات البلدين

 التقى الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، اليوم، وزير خارجية جمهورية النمسا ألكسندر شالنبرغ، وذلك على هامش الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي.

«الشرق الأوسط» (دافوس)
أوروبا رئيسة مولدافيا مايا ساندو تستقبل الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين ورئيسة سلوفينيا ناتاشا بيرك موسار والكلب «كودروت»

كلب رئيسة مولدافيا يعض رئيس النمسا خلال زيارة رسمية (فيديو)

هاجم الكلب «كودروت» الذي تبنته رئيسة مولدافيا مايا ساندو قبل بضعة أشهر، الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين عندما حاول مداعبته.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس ووزيرة الدفاع السويسرية فيولا أمهيرد (وسط) ووزيرة الدفاع النمساوية كلاوديا تانر خلال لقائهم اليوم في برن عاصمة سويسرا (إ.ب.أ)

سويسرا والنمسا الحياديتان ستنضمان إلى نظام الدفاع الجوي الأوروبي المشترك

وقعت وزيرتا الدفاع السويسرية والنمساوية إعلانات نوايا للانضمام إلى جهد الدفاع الجوي الأوروبي المشترك «درع السماء» الذي اقترحته ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (بيرن)
يوميات الشرق سيارة تابعة للشرطة النمساوية (رويترز)

النمسا تقرر مصادرة وبيع سيارات السائقين الذين يتجاوزون السرعة المحددة

تستعد النمسا لتضييق الخناق على السائقين المتهورين عبر مصادرة سياراتهم وبيعها في مزاد علني.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.