كيف غيّر «كورونا» مشهد المسرح البريطاني؟

TT

كيف غيّر «كورونا» مشهد المسرح البريطاني؟

بعد أن مرّ بحالة من التوقف استمرت لعدة أشهر، بدأ القطاع الثقافي البريطاني يعود إلى الحياة من جديد، ولكن ببطء.
في السياق، قال جوليان بيرد، الذي ينتمي لـ«اتحاد مسارح لندن»، قبيل إعادة فتح أول المسارح في مايو (أيار) الحالي، إنّ ذلك «بداية التعافي».
ويُسمح حالياً للمسارح ودور العرض في إنجلترا بإعادة استقبال الجماهير، سواء كان ذلك في أماكن مغلقة أو مفتوحة، بشرط أن تستخدم نصف طاقتها الاستيعابية الفعلية فقط، لكي يسمح ذلك بتحقيق التباعد بين الأشخاص.
وأضاف بيرد: «ذلك يعني أنّ الأعمال ذات الإنتاج الأصغر حجماً فقط، هي التي ستُشاهد في البداية. أمّا بالنسبة للعروض الكبيرة التي تُعرض في (ويست إند) بلندن، فإنّ عرضها أمام هذا العدد القليل من الجمهور لن يكون مربحاً بالقدر الكافي».
ولن تُشاهد الأعمال المسرحية الموسيقية، مثل «ماري بوبينز» و«هاميلتون» من جديد إلا في وقت لاحق من الصيف. وبعد تخفيف القيود بصورة أكبر، وهو الأمر المقرر في 21 من يونيو (حزيران) المقبل، يأمل المشاركون في هذه العروض في أن يتم بعد ذلك تخفيف قواعد التباعد والسماح بحضور كمّ أكبر من الجماهير من جديد.
وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، قال، يوم الجمعة الماضي، إنّه لا يزال واثقاً في أنّ الإغلاق العام بإنجلترا سينتهي في الـ21 من يونيو، كما هو مقرر، رغم الارتفاع السريع لحالات الإصابة بسلالة رُصدت أولاً في الهند.
ووفقاً لوكالة «بلومبرغ» للأنباء، قال «مكتب الإحصاء الوطني البريطاني» إنّ «هناك مؤشرات أولية لزيادة محتملة» لحالات الإصابة بفيروس «كورونا» في إنجلترا في الأسبوع المنتهي في 15 مايو. كما أعلنت هيئة الصحة في إنجلترا أيضاً أنّها تحقّق بشأن سلالة منفصلة ذات «مظهر تحور غير عادي».
وأثار ذلك مخاوف من أن خطط إعادة الفتح في بريطانيا قد تصبح محل شك، غير أنّ جونسون قال إنّه «حتى اللحظة الراهنة، لا أرى أي شيء يجعلني أفكر أنه يتعين علينا أن نحيد عن خريطة الطريق».
ومن جانبه، يقول بيرد إنّ الأسابيع القليلة المقبلة ستكون صعبة من الناحية المالية، حيث إنه ما زال يتعين دفع الإيجارات والرسوم الأخرى، حتى في ظل انخفاض أعداد الحاضرين من الجمهور، مضيفاً: «إلّا أنّ الأمر سيؤدي إلى عودة كثير من الأفراد إلى العمل - فهناك الكثير من العاملين بصورة مستقلة وممثلون وموسيقيون».
ومن المحتمل أن تكون بعض أعمال الإنتاج الرئيسية أصغر من ذي قبل، بعد تفشي الفيروس. وحسب تقرير ورد في صحيفة «الغارديان»، سيتعين على مسرحية موسيقية للمؤلف الموسيقي الشهير، أندرو لويد ويبر، على سبيل المثال، أن تكتفي بعدد أقل بكثير من الموسيقيين، مما كان الوضع عليه قبل تفشي الوباء.
وأكد لويد ويبر في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، أنّه من الضروري جداً أن تتمكن الصناعة من إعادة الفتح بصورة كاملة، في 21 من يونيو. وقال إنّه لم يتمكن من فتح أي من مؤسساته خلال المرحلة الأولى من تخفيف القيود، لأسباب تتعلق بالتكلفة.
وسيتعين أيضاً على شبكة «تيت»، التي تضم متحف «تيت مودرن» المعروف للفن الحديث العالمي، ومتحف «تيت بريطانيا» الشهير في لندن، قبول إجراءات التخفيض الشديد لأعداد الزوار.
وفي الوقت نفسه، من المحتمل أن يكون تأثير الوباء محسوساً في البرامج الثقافية على المدى الطويل، ولكن ليس بصورة سلبية فقط.
فقد أعلن مسرح «يانغ فيك» في لندن أنّه سيستمر بالبث المباشر لمسرحياته في المستقبل.
ويشار إلى أنّ «تغيير المصير»، وهي نسخة مسرحية من قصيدة للشاعر والروائي الحائز على «جائزة بوكر»، بن أوكري - وقائمة على نص مصري عمره 4000 عام - ستكون أول مسرحية تُعرض أمام الجمهور عبر الإنترنت وفي المسرح.
ويتوقع بيرد، وهو من خبراء المسرح، أن تزداد العروض من هذا النوع على المدى الطويل، موضحاً أنّ «البث المباشر عبر الإنترنت يتيح الأعمال المسرحية أمام المزيد من الأفراد».
ويقول بيرد إنّه يمكن للجماهير الذين لا يتوجهون إلى المسارح الكبرى أو الذين لا يمكنهم الحضور لأسباب مالية أو صحية، أن يشاركوا في التجربة - حتى لو لم تحلّ محل تجربة الحياة الواقعية.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.