إيلي صعب يدخل سباق مستحضرات التجميل

بيوت أزياء عالمية تحارب سوداوية الجائحة بالماكياج

دار «هيرميس» دخلت مجال الماكياج بثقة متسلحة بسمعتها العالمية
دار «هيرميس» دخلت مجال الماكياج بثقة متسلحة بسمعتها العالمية
TT

إيلي صعب يدخل سباق مستحضرات التجميل

دار «هيرميس» دخلت مجال الماكياج بثقة متسلحة بسمعتها العالمية
دار «هيرميس» دخلت مجال الماكياج بثقة متسلحة بسمعتها العالمية

ليس صدفة أن تُطلق دور عالمية كانت إلى الأمس القريب متخصصة في الـ«هوت كوتور»، ولأول مرة، مستحضرات ماكياج في عز جائحة كورونا.
البداية كانت مع «غوتشي» و«هيرميس» لتنتقل العدوى إلى دار «فالنتينو»، ومؤخراً إيلي صعب، في إشارة إلى أنّ صناعة الجمال التي تقدر بالمليارات، لم تتأثر بالجائحة، بل على العكس انتعشت، وزادت مبيعاتها على مواقع التسوق الإلكتروني؛ ما يؤكد الاعتقاد القديم أنّها في أوقات الأزمات والحروب تُصبح الملاذ من القُبح، وأحياناً سلاحاً نفسياً فعالاً، كما كان الحال بالنسبة لأحمر الشفاه خلال الحرب العالمية الثانية.
فهذا القلم الصغير مثلاً كان جزءاً لا يتجزأ من الجهود الحربية، من جهة رفع معنويات المرأة التي وجدت نفسها فجأة تقوم بأعمال كانت حكراً على الرجال وتتطلب بعض الخشونة، ومن جهة ثانية رسم صورة جميلة تُحفز الجنود على الصمود والقتال. واستُعمل أيضاً لاستفزاز هتلر الذي كان يكره من يستخدمه، وهو ما كان بمثابة هدية إضافية للحلفاء.
غني عن القول أن تشبيه الجائحة بالحرب مناسب في ظل ما نعيشه حالياً من وضع مضطرب؛ بل ربما تكون حرباً أخطر؛ لأنّ العدو غير مرئي ويتمحور بشكل مفاجئ ومخيف، وكل ما خلفته هذه الجائحة من حجر صحي ومنع السفر إلى عدم القدرة على ملاقاة الأحبة من دون شرط أو قيد، أصاب العديد منا بسوداوية تتطلب ألواناً تُحسن المزاج وترفع المعنويات.
من هذا المنظور، فإنّ دخول أسماء مثل إيلي صعب وغيره عالم الجمال، ولأول مرة، ليس غريباً. أولاً للبقاء في الواجهة، وثانياً لكسب زبائن جدد لا يستطيعون سبيلاً إلى حقيبة تقدر بـ6000 دولار، أو حتى إلى إيشارب من الكشمير بألف دولار. فستان سهرة أو زفاف من إيلي صعب مثلاً يقدر بعشرات الآلاف من الدولارات، ولا شك أنه يدغدغ أحلام أي فتاة شابة تطمح لأن تدخل نادي الأناقة.
وبما أنّ العين بصيرة واليد قصيرة بالنسبة للغالبية، فإنّ أي مستحضر، سواءً كان ظل جفون أو أحمر شفاه سيبقى البديل الذي يُشعرها بالسعادة ويغذي رغبتها في دخول نادي الترف. الشيء نفسه يمكن أن يقال على «هيرميس» أو «فالنتينو»، وقبلهم «جيورجيو أرماني» و«دولتشي أند غابانا».
وأكثر ما يُحسب على هذه الصناعة في عصر «كورونا» أنّها، وعلى الرغم من تهديدات الكمامة التي تخفي نصف الوجه بالقضاء على أحمر الشفاه، ظلت متفاعلة على وسائل التواصل وعلى منصات مثل «تيك توك» و«إنستغرام»، سواءً من خلال إعطاء دروس تجميل مجانية أو كشف أسرار وحيل النجوم. أمر فتح العيون على أنّ الجمال يمكن أن يُكتسب بفضل تقنيات بسيطة من دون الخضوع إلى مشرط جراح أو حتى الاعتماد على الجينات الوراثية. لكن يبقى الغريب في هذه الخطوة، بالنسبة لإيلي صعب و«فالنتينو» و«هيرميس» أنّ سوق الجمال يزدحم بالأسماء المتخصصة في هذا المجال. الجواب الجاهز أنّ كل هؤلاء يراهنون ليس على حُلم الأزياء الرفيعة وعلى رنين أسمائهم فحسب لتسويقها، بل أيضاً على تغير ثقافة الشراء مستقبلاً.
يشرح إيلي صعب خطوته قائلاً، إنّها ناجمة عن رغبته في منح المرأة «منتجات بسيطة، لكنها تلائم حياة كل واحدة وتُعزز إحساسها بالثقة والأناقة في كل دقيقة من يومها». وسواءً كانت الغاية تجارية أم لا، فإنّ الحقيقة أن حجم الإقبال سيعتمد على إخلاص كل فتاة للماركة التي تحلم بها، وما تعنيه لها من ناحية جمال الأزياء وجودة الإكسسوارات أو من ناحية الحرفية.
«دار هيرميس» التي لا تزال تُسجل الأرباح وتشهد ارتفاعاً في مبيعاتها حتى قبل أن تخطو هذه الخطوة، قررت إنتاج هذه المستحضرات في معاملها الخاصة وتحت إشرافها؛ حتى تحترم كل معايير الدار المعروفة بالحرفية العالية. آخرون طبقوا مقولة «أعط الخبز لخبازه» مثل إيلي صعب الذي تعاون مع «لوريال». فهذه الشركة تراهن على سمعته وعشق المرأة لأسلوبه الرومانسي، بينما يحتاج هو إلى خبرتها وباعها الطويل في صناعة الجمال. وليس ببعيد أن تجربة بيوت أخرى تعاونت مع هذه الشركة الفرنسية، مثل دار «سان لوران» التي لا تزال تحقق ما يقدر بمليار يورو سنوياً من وراء مستحضرات التجميل، تشجع على التعامل معها.
بيد أنّه لا بد من الإشارة إلى أنّ هذا الانتعاش في مبيعات مستحضرات الماكياج لا يعني أنّ مواقع التسوق الإلكتروني ومساهمتها في تحريك عمليات البيع، عوضت عن الخسارة التي تسبب فيها إغلاق المحال الكبيرة؛ إذ لا يزال شراء أحمر شفاه أو ظلال جفون يحتاج إلى تجربته في المحل بحُكم أنّ اللون الواحد منه يأتي بدرجات مختلفة، لكنّه يعني فقط أنّ التجميل لتحسين المزاج أصبح هدفاً لا يقدر بثمن. فالحرب هذه المرة ذاتية على الاكتئاب.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».