حسم الجدل علمياً حول فاعلية الكمامات

دراسة تشدد على تعميمها وضرورة التهوية المكثفة

التزام عالٍ بالكمامات في ألمانيا (إ.ب.أ)
التزام عالٍ بالكمامات في ألمانيا (إ.ب.أ)
TT

حسم الجدل علمياً حول فاعلية الكمامات

التزام عالٍ بالكمامات في ألمانيا (إ.ب.أ)
التزام عالٍ بالكمامات في ألمانيا (إ.ب.أ)

«لا تنس القناع»... على الرغم من أن معظم الناس في الوقت الحاضر يتبعون هذه النصيحة، فإن بعضهم يعبر عن آراء مختلفة حول فاعليتها في الوقاية من فيروس «كورونا» المسبب لمرض «كوفيد - 19»، وهو الأمر الذي حسمته دراسة علمية دولية جاءت نتائجها لصالح القناع، ونُشرت بالعدد الأخير من دورية «ساينس» في الـ20 من مايو (أيار) الحالي.
واستخدم فريق دولي، بقيادة باحثين من معهد ماكس بلانك للكيمياء في ماينز بألمانيا، بيانات الرصد والحسابات النموذجية، لتظهر دراستهم أنه في ظل أي ظروف، وبأي طريقة، تقلل الأقنعة فعلياً من مخاطر إصابة الأفراد والسكان بمرض «كوفيد - 19»، وتساعد في التخفيف من جائحة «كورونا».
ووجد الباحثون أنه في معظم البيئات والمواقف، تقلل الأقنعة -حتى الجراحية البسيطة- بشكل فعال من انتقال الفيروس، ورقم التكاثر الفعال لـ«كوفيد - 19»، وأوصوا بأنه في البيئات ذات التركيزات العالية للفيروسات المنقولة بالهواء، مثل المراكز الطبية والأماكن المغلقة التي يوجد بها كثافة، يجب استخدام أقنعة ذات كفاءة ترشيح أعلى (N95)، ودمجها مع تدابير وقائية أخرى، مثل التهوية المكثفة. وتعد أقنعة الوجه من بين الإجراءات الأكثر بساطة وسهولة في الاستخدام والفاعلية ضد انتقال الأمراض التنفسية المعدية المحمولة جواً، لكن فائدتها ضد «كوفيد - 19» لا تزال قيد المناقشة. وقد وجدت بعض التحقيقات السابقة أن الأقنعة لم تكن فعالة على ما يبدو في ظل ظروف معينة، ووجد آخرون كفاءات عالية، لكن لم يتم تقديم تفسير قاطع لهذه التناقضات.
واستخدم باحثون بألمانيا من معهد ماكس بلانك للكيمياء (MPIC)، والمركز الطبي لجامعة جوهانس جوتنبرج ماينز، وجامعة «شاريتيه - يونيفرسيتات ميديزين» ببرلين، جنباً إلى جنب شركاء من الصين والولايات المتحدة، بيانات المراقبة ونموذجاً كمياً جديداً للتعرض للفيروسات المحمولة جواً، لتوضيح فاعلية أقنعة الوجه، بما فيها الأقنعة الجراحية البسيطة.
يقول يافانغ تشينغ، الباحث بمعهد ماكس بلانك للكيمياء، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمعهد: «بالنسبة للانتقال الجوي لـ(كورونا المستجد)، تثبت دراستنا أن أقنعة الوجه، بما في ذلك الأقنعة الجراحية البسيطة، تتمتع بقدرة عالية على منع انتشار الفيروس، وتوفر دراستنا فهماً ميكانيكياً مفصلاً جديداً لفاعلية الأقنعة لمتوسط عدد السكان، وهو ما يفسر سبب تحقيق المناطق التي تحتوي على نسبة مئوية أعلى من السكان الذين يرتدون أقنعة سيطرة أفضل على الوباء».
ومع ذلك، في البيئات الداخلية الغنية بالفيروسات مع احتمالية عالية للعدوى، يلزم وجود أقنعة أكثر تقدماً (N95) ومعدات واقية أخرى لمنع انتقال العدوى عبر الهواء، ويشير الاعتماد القوي لفاعلية القناع على تركيز الفيروسات المحمولة جواً إلى أهمية الجمع بين الأقنعة والتدابير الوقائية الأخرى، مثل التهوية والتباعد، للحفاظ على احتمالية الإصابة منخفضة.
ويقول كريستيان ويت، رئيس قسم طب الجهاز التنفسي في جامعة «شاريتيه - يونيفرسيتات ميديزين» ببرلين: «يعد الجمع بين الأقنعة عالية الكفاءة والإجراءات الوقائية الأخرى أمراً مهماً بشكل خاص للمستشفيات والمراكز الطبية والبيئات الداخلية الأخرى، حيث يواجه المرضى المعرضون لمخاطر عالية تركيزات عالية من الفيروسات، وستبقى الأقنعة تدبيراً وقائياً مهماً ضد العدوى، حتى بالنسبة للأشخاص الملقحين، خاصة عندما تقل الحماية التي يوفرها التطعيم بمرور الوقت».
ويمكن توظيف الطريقة التي استخدمتها الدراسة لتقييم الحماية ضد مزيد من الطفرات المعدية، حيث إن النهج المستخدم، ونتائج ربط فاعلية التدابير الوقائية باحتمال الإصابة ورقم التكاثر الأساسي، تنطبق على مجموعة واسعة من فيروسات وأمراض الجهاز التنفسي، بما في ذلك فيروسات «كورونا» وفيروسات الأنف والإنفلونزا، ويمكن استخدامها أيضاً لتقييم فاعلية الأقنعة، والتدابير الوقائية الأخرى، ضد طفرات جديدة أكثر عدوى من «كورونا المستجد»، كما يقول هانج سو، قائد مجموعة البحث في معهد ماكس بلانك للكيمياء، الذي يضيف: «توضح الدراسة مدى أهمية الامتثال العالي والاستخدام الصحيح للأقنعة لضمان فاعليتها في تقليل عدد تكاثر فيروس كورونا».
ولتقليل عدد التكاثر من 3 كما لوحظ في الأصل إلى أقل من 1، يجب الامتثال في ارتداء الأقنعة الجراحية بنسبة 60 - 70 في المائة على الأقل، و40 في المائة بالنسبة لأقنعة (N95)، وتزداد الحاجة إلى معدلات أعلى من الامتثال مع مزيد من المتغيرات المعدية التي تعيد التأكيد على أنه يجب دمج الأقنعة مع تدابير وقائية أخرى، مثل التهوية والتباعد، لتقليل احتمالات الإصابة ومعدلات التكاثر بكفاءة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».