تجدد السجال {العوني} ـ {القواتي} على خلفية ملف النازحين السوريين

TT

تجدد السجال {العوني} ـ {القواتي} على خلفية ملف النازحين السوريين

لا يكاد السجال بين الحزبين المسيحيين الأكبر في لبنان، «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» يهدأ، حتى يعود ليستعر دون سابق إنذار، وآخر فصوله الخلاف على مقاربة مشاركة النازحين السوريين بالانتخابات الرئاسية السورية.
فرغم اتفاق الطرفين على وجوب إسقاط صفة النازح أو اللاجئ عن كل سوري صوت للرئيس السوري بشار الأسد من منطلق أنه لا يخشى العودة إلى كنف النظام، فإنهما يخوضان معركة أخرى عنوانها شد عصب الشارع قبل عام من الانتخابات النيابية.
وكان رئيس «القوات» سمير جعجع دخل بقوة على خط تحريك هذا الملف من خلال المطالبة قبل ساعات من موعد الانتخابات الرئاسية السورية خارج سوريا بالحصول على «لوائح كاملة بأسماء من سيقترعون للأسد، والطلب منهم مغادرة لبنان فوراً والالتحاق بالمناطق التي يسيطر عليها هذا النظام طالما أنهم سيقترعون له وأنه لا يشكل خطراً عليهم». وشارك أنصار جعجع بأكثر من إشكال في أكثر من منطقة لبنانية حيث تم التصدي لنازحين سوريين حملوا أعلاماً سورية وصور الأسد خلال توجههم لانتخابه ما أثار حفيظة القواتيين ولبنانيين آخرين قالوا إنهم تعرضوا للاستفزاز.
واعترض «العونيون» على التحركات «القواتية» في الشارع، واستهجن الوزير السابق غسان عطا الله، عضو المجلس السياسي في «التيار» ما سماها «همجية» في التعاطي مع الناخبين السوريين، واعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «جعجع عديم الرؤية السياسية منذ 40 عاماً، وهو لطالما حملنا تبعات رهاناته الخاسرة في سبيل سعيه لتحسين وضعه الشخصي ظناً أنه بذلك يشكل زعامة معينة». وتساءل عطا الله: «كيف يمكن أن نفسر لدول العالم أن هناك من تصدى بالقوة وبهمجية لسوريين كل ما فعلوه أنهم أرادوا التوجه إلى صناديق الاقتراع للتعبير عن آرائهم»، وشدد على أن «جعجع هو من تبنى الخطاب العوني من خلال دعوته لإسقاط صفة اللاجئ عمن انتخب الأسد، فنحن طالما طالبنا بإعادة من يؤيدون النظام إلى مناطقه، وندعو اليوم لإصدار بطاقات عمل لكل من انتخبوه مؤخراً ويريدون البقاء في لبنان للعمل».
وبمقابل اتهامات العونيين للقواتيين بالانقلاب على مواقفهم بما يتعلق بملف النازحين، أكدت مصادر قيادية في «القوات» أن «موقف الحزب لم يتغير إنما ما يحصل أن العونيين يقومون كعادتهم بعكس ما يقولون، وإلا لماذا لم ينجزوا عودة النازحين أو ينظموا دخولهم طالما أنه حين اندلعت الثورة في سوريا عام 2011 كان هناك حكومة لون واحد في لبنان جاءت على إثر إسقاط حكومة الحريري من الرابية وتربعت على السلطة حتى عام 2014»، لافتة إلى أنه «في هذه المرحلة تم دخول النازحين السوريين وكان للتيار الوطني الحر عشرة وزراء في هذه الحكومة وكان حلفاء (التيار) ممسكين بمفاصل السلطة ليس فقط على الحدود إنما أيضاً على مستوى القرار السياسي... أضف أنه في عام 2016 أصبح لديهم رئيس الجمهورية وأكثرية نيابية ووزارية ولم يقوموا بأي شيء عملي بإعادة النازحين». وأشارت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بمقابل تلكؤ العونيين، دعونا كـ(قوات) منذ اللحظة الأولى لتنظيم دخول النازحين باعتبار أنه لا يمكن إقفال الباب اللبناني أمام شعب يتم اضطهاده وقتله من قبل النظام السوري، على أن تتم إقامة مخيمات لهم على الحدود اللبنانية السورية برعاية دولية... وكنا منذ البدء ضد دخولهم بطريقة عشوائية كما حصل وعن سابق تصور وتصميم حيث تغلغلوا داخل المناطق بغياب أي إحصاءات رسمية ودقيقة». وأضافت المصادر: «طرحنا بعدها مبادرات عملية لإعادة النازحين، وبالتحديد فور انتهاء الأعمال العسكرية الكبرى بحيث دعونا لعودة فورية للنازحين المؤيدين للنظام السوري باعتبار أن القانون الدولي واضح ويقول إن أي لاجئ لا يعتبر أن حياته لا تزال مهددة من قبل النظام الذي دفعه للنزوح، تسقط عنه صفة اللجوء ويعود إلى حيث أتى. أما بالنسبة للفئة الأخرى من النازحين أي أولئك المعارضين للنظام السوري، فقد سعينا مع المجتمع الدولي وروسيا تحديداً لإقامة منطقة آمنة وعازلة على الحدود من الجهة السورية بانتظار حصول تسوية سياسية ليصار إلى عودتهم إلى مناطقهم». وشددت المصادر على أن لا كباش مع العونيين أو سواهم في هذا الملف، إنما ما بات واضحاً أن «هناك طرفا سياسيا يستخدم هذا الملف لغايات لها علاقة بالنظام السوري والهدف منها تغطية ما يريده هذا النظام لجهة الفرز الديموغرافي. كما أن الدور الذي يتولاه رئيس (التيار الوطني الحر) جبران باسيل واضح لجهة تأمين تغطية مكشوفة لهذا النظام وأهدافه»، وأضافت: «هم لا يريدون عودة النازحين ويستثمرون في هذا الملف وإلا كانوا أعادوهم».



أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.