«ملتقى الحوار» الليبي لحسم الخلافات حول «القاعدة الدستورية» للانتخابات

سياسيون يطالبون بضمانات لـ«عدم الانقلاب» على الشرعية

TT

«ملتقى الحوار» الليبي لحسم الخلافات حول «القاعدة الدستورية» للانتخابات

َوسط تمسك الليبيين بضرورة إجراء الانتخابات العامة في موعدها، قالت البعثة الأممية لدى البلاد، أول من أمس، إنها ستعقد اجتماعاً افتراضياً لملتقى الحوار السياسي الليبي، بقصد مناقشة مقترح اللجنة القانونية، وحسم الخلاف بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات، المقررة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ويأتي هذا الاجتماع المرتقب بينما يطالب «حراك الاستفتاء أولاً» بعرض المسودة، التي انتهت اللجنة التأسيسية للدستور من الموافقة عليها قبل أربعة أعوام، على الشعب الليبي للاستفتاء.
وقالت البعثة الأممية إن اجتماع «ملتقى الحوار السياسي» سيعقد الأربعاء والخميس المقبلين، بهدف استكمال مقترح اللجنة القانونية بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية، على النحو الذي اتفقت عليه اللجنة المنبثقة عن الملتقى خلال اجتماعها بتونس في السابع من أبريل (نيسان) الماضي، وأثناء المشاورات التي جرت لاحقاً بتيسير من البعثة الأممية.
وأضافت البعثة في بيانها أنه سوف تتم إحالة نتائج مداولات الملتقى حول هذا المقترح إلى مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» للنظر فيها، مع التنويه إلى وجوب مراعاة الموعد النهائي للإطار الدستوري والانتخابي، المحدد في مطلع يوليو (تموز) المقبل، على النحو الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن (2570)، بقصد تمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من المضي قدماً في الإعداد للاقتراع المقبل.
ودفاعاً عن فكرة «الاستفتاء أولاً» قال عمر النعاس، عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، أمس، إن «السيادة للشعب ولا سيادة للبعثة»، وتابع متسائلاً: «هل أصبحت ليبيا ومستقبل الشعب رهينة في يد البعثة الأممية؟... مستقبل ليبيا يرسمه الشعب وفق الدستور الذي يصنعه، وعلينا النضال من أجل تمكين الشعب من تقرير مصيره بنفسه».
غير أن عضو اللجنة القانونية بملتقى الحوار السياسي، آمال بوقعقيص، ذهبت مع آخرين إلى المطالبة بضرورة توفر ضمانات لعدم القفز على الشرعية، وقالت بهذا الخصوص: «قد يحالفنا الحظ، ونتمكن من تحقيق إجراء الانتخابات، لكن في غمرة النشوة بهذا الاستحقاق أغفلنا التخطيط لمسارين هامين: أولهما تأمين ضمانات قبول الأطراف المتنافسة بنتائج الصندوق الانتخابي، بعد أن رأينا سابقا انقلاباً مخزياً على نتائج حقيقية نظيفة».
أما المسار الثاني، الذي تساءلت عنه بوقعقيص، فيتعلق بـ«مدى توفر ضمانات تحقيق انتخابات نزيهة، لا يتم سرقة صناديقها من قوى الأمر الواقع، التي تمتلك السلاح على الأرض ويتم تزوير نتائجها»، وعبرت عن خشيتها من «أن تتلاعب هذه القوى بهذه الصناديق من أجل إنجاح أتباع جهات مسلحة لتبقى ليبيا رهينة يتوارثونها». مستدركة: «مهما قيل عن مجلس النواب الحالي فهو ليس رهين البندقية، وبالتالي فإن الأمر يستدعي التفكير في خطة محكمة. لكن ليس الانتخابات بوحدها ستغير الحال، إذ ثمة مخاطر أسوأ بكثير قد تكلفنا المستقبل القريب والبعيد».
وقبل 7 أعوام شهدت ليبيا انقساماً حاداً بسبب حصول محسوبين على التيار الإسلامي على نسبة 30 في المائة فقط من مقاعد مجلس النواب، الذي أجريت انتخاباته في عام 2014، مما تسبب في اندلاع اشتباكات قادها ائتلاف «فجر ليبيا».
ونشرت البعثة الأممية المقترح، الذي اتفقت عليه اللجنة القانونية المنبثقة عن الملتقى خلال اجتماعها في تونس الشهر الماضي، والذي ستناقشه اللجنة الأسبوع المقبل، وتضمنت عرض نصوصه على تعديل «الإعلان الدستوري»، بما يسمح بتأجيل طرح مشروع الدستور للاستفتاء إلى ما بعد تشكيل السلطة التشريعية الجديدة المنتخبة طبقا للقاعدة الدستورية، على أن تلزم هذه السلطة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لاستكمال الاستفتاء على المشروع، وذلك قبل انتهاء ولايتها.
ووفقاً للمقترح يتولى مجلس نواب، المنتخب بالاقتراع العام السري الحر، السلطة التشريعية في البلاد، ويناط به انتخاب رئيس الدولة سواء بـ«الانتخاب المباشر» أو «غير المباشر»، بحسب المحددات المتفق عليها.
ووضع المقترح شرطاً لترشح لرئاسة الدولة، والإجراءات التي يجب اتباعها حال خلو المنصب بسبب الاستقالة، أو الوفاة أو العجز الدائم، أو أي سبب آخر.
وحدد شروط انتخاب رئيس البلاد بالطريق المباشر، بحيث ينتخب بالاقتراع العام السري الحر المباشر، وبالأغلبية المطلقة لأصوات المقترعين. وفي حالة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلوبة في الجولة الأولى، تنظم جولة ثانية خلال أسبوعين من تاريخ إعلان النتائج النهائية للجولة الأولى. ويشارك في هذه الجولة المترشحان الحائزان على أكثر عدد من الأصوات.
أما فيما يتعلق بالانتخاب غير المباشر، فأسند المقترح لمجلس النواب انتخاب رئيس الدولة بالانتخاب السري. ويشترط في كل مترشح أن يحصل على تزكيتين من كل دائرة انتخابية وعددها (13)، ويعتبر المترشح المتحصل على أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب فائزاً بالانتخابات في الجولة الأولى، وإذا لم يفز أي من المترشحين في الجولة الأولى، تنظم جولة ثانية في أجل أقصاه سبعة أيام، يشارك فيها المرشحان اللذان حصلا على أكبر عدد من الأصوات في الجولة الأولى.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.