مصر تخصص 500 مليون دولار مساهمة في إعمار غزة

الرئيسان المصري والفرنسي في باريس أمس خلال قمة بشأن فلسطين بحضور افتراضي للعاهل الأردني (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والفرنسي في باريس أمس خلال قمة بشأن فلسطين بحضور افتراضي للعاهل الأردني (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تخصص 500 مليون دولار مساهمة في إعمار غزة

الرئيسان المصري والفرنسي في باريس أمس خلال قمة بشأن فلسطين بحضور افتراضي للعاهل الأردني (الرئاسة المصرية)
الرئيسان المصري والفرنسي في باريس أمس خلال قمة بشأن فلسطين بحضور افتراضي للعاهل الأردني (الرئاسة المصرية)

أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، عن تقديم بلاده «500 مليون دولار كمبادرة تُخصَّص لصالح عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة، مع قيام الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك في تنفيذ عملية إعادة الإعمار».
وأجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، أمس (الثلاثاء)، مباحثات عبر الفيديو مع عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، قال قصر الإليزيه إنها سعياً لوساطة في التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين «مع هدف تحقيق وقف إطلاق نار سريع وتجنّب توسع النزاع».
وأعلن الديوان الملكي الأردني بدوره في بيان، أن الملك أكد «ضرورة حماية الفلسطينيين ووقف جميع الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في القدس، وإنهاء العدوان على غزة». كما أكد أنه «لا بد من وضع حد للانتهاكات والاستفزازات الإسرائيلية المتكررة التي قادت إلى التصعيد وتفاقم الأوضاع». ودعا العاهل الأردني إلى «بلورة جهد دولي فاعل يوقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية، ويدفع باتجاه تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين».
ودعا السيسي، خلال مشاركته أمس، إلى «تكثيف جهود المجتمع الدولي بكامله، لحث إسرائيل على التوقف عن التصعيد الحالي مع الفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك لإتاحة الفرصة أمام استعادة الهدوء، ولبدء الجهود الدولية في تقديم أوجه الدعم المختلفة والمساعدات للفلسطينيين».
وقدّر الرئيس المصري، أنه «لا سبيل لإنهاء الدائرة المفرغة من العنف المزمن واشتعال الموقف بالأراضي الفلسطينية إلا بإيجاد حل جذري للقضية يُفضي إلى إقامة دولة فلسطينية يعيش ويتمتع بداخلها شعبها بكامل حقوقه المشروعة كسائر شعوب العالم»، مشدداً على «خطورة تداعيات محاولات تغيير الوضع الديموغرافي لمدينة القدس وهي المحاولات التي تستوجب الوقف الفوري».
ووفق بيان رئاسي مصري، فإن السيسي، أكد «أهمية هذه القمة وتوقيتها، والتي تهدف إلى بلورة تحرك دولي مشترك من الدول الثلاث لوقف العنف ولاحتواء التصعيد الخطير الذي أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني والمعيشي داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى تداعياته السلبية على السلم والأمن الإقليميين».
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي، إنه «تم التوافق بين الزعماء (في مصر، وفرنسا، والأردن)، على تركيز جهودهم ومساعيهم السياسية المشتركة على إجراء الاتصالات والمشاورات مع الشركاء الدوليين، من أجل التوصل إلى وقف العنف والتصعيد العسكري في الأراضي الفلسطينية». على صعيد متصل، أفادت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد، بأن مصر أرسلت «65 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى فلسطين لدعم الأشقاء المصابين في قطاع غزة، بالتزامن مع تطورات الوضع الراهن هناك، وفقاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية». وتشمل شحنة المساعدات الطبية، مستلزمات جراحية، ومستلزمات جراحات الحروق والتجميل، ومكافحة العدوى، بالإضافة إلى مستلزمات التشغيل للأقسام الداخلية والطوارئ، ومستلزمات الأشعة والكسور، وآلات جراحية للعمليات الكبرى والصغرى، بالإضافة إلى ماسكات أكسجين، وأجهزة تنفس صناعي، وأجهزة تخدير، وأسطوانات أكسجين، وسرنجات ومضخات للمحاليل.
وتم تجهيز مستشفيات (بئر العبد النموذجي، والعريش العام، والشيخ زويد المركزي) بمحافظة شمال سيناء، لاستقبال المصابين من دولة فلسطين عبر معبر رفح البري، بطاقة استيعابية تبلغ 288 سريراً داخلياً، و81 سرير رعاية مركزة، و233 طبيباً، بالإضافة إلى 44 جهاز تنفس صناعي، فضلاً عن مستشفيات أخرى في الإسماعيلية والقاهرة، وكذلك «الدفع بـ165 سيارة إسعاف مجهزة بعناية مركزة وجهاز تنفس صناعي بالإضافة إلى أدوية ومستلزمات طبية»، حسب وزيرة الصحة.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».