«بغداديات»... مزاد لمقتنيات رائدي العمارة العراقية محمد مكية وسعيد علي مظلوم

تقيمه دار {بونامز} في لندن الشهر المقبل

«الأمومة» لجواد سليم
«الأمومة» لجواد سليم
TT

«بغداديات»... مزاد لمقتنيات رائدي العمارة العراقية محمد مكية وسعيد علي مظلوم

«الأمومة» لجواد سليم
«الأمومة» لجواد سليم

«بغداديات» عنوان يختزل في أحرف محدودة المناخ الحضاري والثقافي لمدينة عريقة شامخة، ويقدم لمزاد فني استثنائي يحمل نفحات من تاريخها الحديث.
المزاد تقيمه دار بونامز في لندن يوم الثاني من شهر يونيو (حزيران) المقبل، ويجمع بشكل فريد بين شخصيات عملاقة في مجالات الفن والعمارة الحديثة في العراق، فهو مزاد لمقتنيات اثنين من رواد العمارة العراقية الحديثة لا تزال البنايات التي صمماها تتنفس حباً للعراق وحضارته: أولهما أبو العمارة العراقية محمد مكية الذي كتب في وصيته الأخيرة: «أوصيكم ببغداد... بغداد أيها الأحبة جوهرة من جواهر العصر، قد تمرض، تتعب، تئن، لكنها لا تشيخ... فزمن المدن العظيمة مغاير لتفسيرنا للزمن». ذلك الحب صاحب مكية في كل تصاميمه المعمارية، وبرهن عليه أيضاً من خلال حبه لمنتجات الفنانين العراقيين المعاصرين من جيله. المزاد يعرض كذلك مقتنيات لمعماري رائد آخر، سعيد علي مظلوم، من الجيل الأول لرواد العمارة العراقية الحديثة. كلاهما (مكية ومظلوم) درس في إنجلترا، وعاد للعراق محملاً بأفكار وأحلام بعمارة مختلفة تأخذ من الحديث وتحترم تراث بلدهما العراق. وقد جمع مكية ومظلوم خلال حياتهما مجموعة متميزة من أعمال الفنانين العراقيين من جيلهما والأجيال التالية. واليوم، عبر هذا المزاد اللندني، تعود تلك الأعمال إلى السوق الفنية لتبحث عن مقتنين جدد.
في تقديمها لكتالوغ المزاد، تقول خبيرة الفن العراقي ندى الشبوط إن المجموعة الفنية المعروضة تعبر عن «الصداقات والتقطعات» التي ميزت أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي في العراق، وحولتها لعقود من الوعي الفني المتزايد الذي ظهر في عدد كبير من المحادثات بين الفنانين والمهندسين المعماريين والشعراء والمفكرين الآخرين، وتضيف: «كان سعيد علي مظلوم (مع شقيقه مدحت) ومحمد مكية جزءاً من هذه المحادثات؛ كلاهما درس الهندسة المعمارية في ليفربول، وكانا مهتمين جداً بالفنون. وبعد عودتهم إلى العراق في الأربعينيات، أصبحا نشيطين للغاية في المشهد الفني. وانضم الأخوان مظلوم إلى جمعية أصدقاء الفن (أول مجموعة فنية في العراق)، حيث انخرطوا مع كثير من الحداثيين الرئيسيين في العراق، مثل جواد سليم وحافظ الدروبي».
يعرف البيان الصحافي لدار بونامز بأهم رواد الحقبة التي صنعت فيها مجموعة الأعمال الفنية، ومنهم جواد سليم وضياء عزاوي وكاظم حيدر وشاكر حسن آل سعيد وفائق حسن الذين تعكس أعمالهم لمحات عميقة في قصة الفن العراقي الحديث.
وتقيم الدار معرضاً قصيراً لتلك الأعمال، وهي فرصة لمن يرغب في الشراء، أو من يرغب فقط في رؤية الأعمال قبل بيعها والانغماس في نفحات فنية من تاريخ الفن العراقي الحديث.
يعبر نيما ساغارتشي، مدير قسم الفن الإسلامي وفنون الشرق الأوسط بالدار، عن المزاد بقوله: «إذا كان من الممكن اختصار روح الفن العراقي الحديث في مجموعة واحدة، فها هي أمامنا. الأعمال هنا تمتد من السنوات الأولى للفن الحديث في العراق إلى مراحل تطوره الأخيرة»، ويؤكد أن أهمية المعرض تنبع من أنه شهادة ليس فقط على إبداعات الفنانين، بل أيضاً شهادة على الرؤية البعيدة والعاطفة والرعاية التي قدمها مكية ومظلوم للحركة الفنية الحديثة في العراق.
وبحسب مقدمة كتالوغ المزاد، فإنه خلال فترة الستينيات، أسس مكية مع سعيد علي مظلوم وهنري زفوبودال «غاليري الواسطي» التجاري، حيث لعبت المساحة دوراً محورياً في تقديم الفنانين، وتسهيل المعارض العامة، وتوسيع المشاركة في سوق الفن. ونظم الغاليري معارض فردية مهمة وأولى لفنانين مثل كاظم حيدر وضياء العزاوي. وبعد مغادرة العراق عام 1971، واصل مكية مشاركته مع الفنانين العراقيين، من خلال إنشاء «كوفة غاليري» في لندن.
وتتصدر المزاد عدد من المنحوتات المتفردة لرائد الفن الحديث بالعراق جواد سليم، أهمها: «الأم والطفل» (60 ألفاً - 100 ألف جنيه إسترليني)، و«الأمومة» (40 ألفاً إلى 60 ألفاً)، و«امرأة واقفة» (12 ألفاً إلى 20 ألف جنيه إسترليني).
«الأم والطفل» نفذها سليم عند عودته للعراق بعد انتهاء دراسته بكلية «سليد» للفنون التابعة لجامعة «يونيفرسيتي كوليدج أوف لندن»، حيث تعلم على يد النحات البريطاني الشهير هنري مور. ويعبر سليم عن مفهوم الأمومة عبر العلاقة بين الكتلة الصغيرة والكبيرة، حيث عكس من خلالهما مفهوم الحماية والرعاية. الطريف أن المنحوتة كانت اللعبة المفضلة لابنة النحات مريم في طفولتها، وعند رحيل العائلة المفاجئ إلى لندن في عام 1971 لم تستطع نقل التمثال معها إلى لندن، وقامت والدتها بإعطاء المنحوتة لسعيد علي مظلوم.
من أهم القطع المعروضة في المزاد:
-- لوحة «نساء ينتظرن» لجواد سليم، رسمها في عام 1943، وأهداها لصديقه سعيد علي مظلوم، وهي تعبر عن واقع النساء واعتمادهن على الرجال.
-- «ملحمة الشهيد» لكاظم حيدر، من مجموعة سعيد علي مظلوم (سعر تقديري 100 ألف إلى 150 ألف جنيه إسترليني).
-- «بائعات اللبن» لفائق حسن (سعر تقديري ما بين 25 ألفاً و50 ألف جنيه إسترليني).
-- «حب الوطن من الإيمان» لشاكر حسن آل سعيد (سعر تقديري ما بين 60 ألفاً و100 ألف جنيه إسترليني).
-- «يا علي» لضياء العزاوي (سعر تقديري ما بين 40 ألفاً و60 ألف جنيه إسترليني).



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».