85 سنة على فيلم غامض الدوافع لتشارلي تشابلن

«أوقات عصرية» جاء على خلفية انقسام اقتصادي في الولايات المتحدة

من مطلع «أزمنة معاصرة»
من مطلع «أزمنة معاصرة»
TT

85 سنة على فيلم غامض الدوافع لتشارلي تشابلن

من مطلع «أزمنة معاصرة»
من مطلع «أزمنة معاصرة»

في عددها الصادر عن شتاء 1958. كتب مراسل مجلة «سايت أند ساوند» البريطانية (من أقدم مجلات السينما وما زالت مستمرة شهرياً إلى اليوم)، عن لقاء بينه وبين الكوميدي هارولد لويد في مقهى حيث جلس الممثل الأميركي مع زوجته يمضيان وقتاً هادئاً.
في ذلك الحين، كان لويد قد بلغ الـ53 من عمره (1893 - 1971)، وكان قد ظهر في 213 فيلماً ممثلاً، من بينها 191 فيلماً روائياً قصيراً. أوّل أفلامه كان «قصّة الراهب العجوز» (The Old Monk‪’‬s Tale) الذي لم يكن كوميدياً، ودوره فيه كان ثانوياً. آخر أفلامه كان «خطيئة هارول ديدلبوك» (1947)، وكان من بطولته تحت إدارة واحد من أسماء هوليوود المتداولة جيداً آنذاك وهو برستون ستيرجز.‬‬
لذا لم يكن غريباً أن يجد لويد في تلك المقابلة منفساً لتلخيص مهنته لمحدّثه فذكر حقيقة أنّه لم يستخدم ممثلاً بديلاً له، في أي من أفلامه بما في ذلك فيلمه الأشهر «السلامة في الآخر» (Safety Last)، الفيلم الأشهر له الذي أنجزه في عام 1923 والذي تعلّق فيه، فعلياً، من ساعة جدار كبيرة مثبّتة على جدار الطابق الخامس من مبنى نيويوركي وتحته مباشرة جمهور غفير يعتقد غالبه أنّ ذلك الرجل يجهد في سبيل البقاء حياً.
ختم لويد المقابلة القصيرة بعبارة لها مفادها حين قال: «دائماً ما فعلت غير المحتمل، لكنّي لم أفعل المستحيل. لم (ألجأ) إلى السقوط على رصيف ثم الارتداد عالياً إلى غرفة. لقد هدفت إلى ما هو واقعي. كنت الكوميدي الأول لرجل تستطيع أن تثق به. نظارتي الطبية هي كل الحيلة التي استخدمتها. لم أرتد سروالاً غريباً».

ثلاثة عمالقة
كل ما قاله في تلك الخاتمة صحيح، لكنّ العبارة الأخيرة حول عدم ارتدائه «سروالاً غريباً» هو «لطشة» لتشارلي تشابلن الذي بنى مظهره على قبعة وسترة ضيّقة وسروال واسع وحذاء أكبر من قياس قدمه وعصا، لجانب طريقة سير يجر بها قدميه إلا عندما يجد نفسه مُطارداً من قبل شرير أو رجل شرطة.
لكن لويد ليس الوحيد المختلف في هذا الشأن. هناك بستر كيتون الذي، لو عمدنا لتحليل أفلامه إخراجاً وتمثيلاً، يفوز بالمركز الأول بين هؤلاء الثلاثة. من «سبع فرص» (1925) إلى «الجنرال» (1926) ومن «أسبوع واحد» (1920)، إلى «ذا كاميرامان» و«ستيمبوت بل، جونيور» (كلاهما سنة 1928) برهن على موهبة مزدوجة: ممثل كوميدي يُثير كل الضحك الممكن، لكن لا يمكن القبض عليه متلبّساً بمشهد يضحك فيه، ومخرج يصمم أصعب اللقطات ويؤديها (بنفسه بلا دوبلير) محيلاً فيلمه الواحد إلى طبقات من استكشاف قدرات فنية لا يجاورها أي مخرج آخر، بمن في ذلك تشارلي تشابلن ذاته.
على ذلك، لا هارولد لويد ولا بستر كيتون استطاعا البقاء في سدّة الشهرة كما فعل تشابلن وحتى اليوم. وأحد أبرز أفلام تشابلن هو «أوقات عصرية» سنة 1936 الذي يبرهن بدوره عن مساق تاريخي له وللعبقريين الآخرين. ففي ذلك العام مثّل كيتون «الغازي» (The Invador) ومثّل لويد فيلمين هما «ذا ميلكي واي» و«هوليوود بوليڤارد». كل واحد من هذه الأفلام الثلاثة لم يكن نقطة عالية في مسيرة كوميدية وكل واحد منها لم ينجز أي نجاح يوازي نجاح أفلامه السابقة. هذا في حين حقق «أوقات عصرية» نجاحاً فوق المتوقع بالنسبة لفيلم صامت بعد مرور ثماني سنوات على إطلاق هوليوود أفلامها الناطقة الأولى.
«أوقات عصرية» هو جهد تشابلن الأفضل للحديث عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الأميركي في فترة صعبة وجد المجتمع وقد انقسم مرّة واحدة إلى من يملك ومن لا يملك. بعد بداية تشبّه الناس بالغنم عبر مقاربة بصرية للقطتين، نجد تشارلو البسيط والمعدم غير ملائم للعمل يواجه البطالة والسجن. نتعرّف عليه وهو يعمل في أحد المصانع.
يُختار لإجراء تجربة تتيح لصاحب المصنع توفير ساعات الاستراحة عبر الإبقاء على وتيرة العمل بلا انقطاع عن طريق إجبار الموظّفين على تناول الطعام بواسطة آلة خلال عملهم. خلال التجربة تفقد الآلة نظامها المحدد فتزداد سرعتها بحيث تتابع عمليات حشر الطعام في فم تشارلو قبل أن تتعطّل تماماً. صاحب المصنع غير راض عن النتيجة لكن تشارلو يخرج من التجربة وقد أصيب بعارض نفسي. مهمّـتـه قبل الحادثة كانت إحكام اللوالب التي تمر أمامه بسرعة. إذا تأخر عنها وفلتت إحداها يصير من الصعب عليه اللحاق بها لأنّ هناك بعده صف آخر من العمّـال يقفون أمام ذلك الحزام المتحرك بمهام مشابهة. بعد تجربة إطعامه آلياً، يفقد تشارلو اتزانه العقلي حين يتأخر عن اللحاق بأحد اللوالب فينفعل ثم يستدير بالمفتاحين اللذين يحمل كل منهما بيد ويبدأ بقرص ولوي أنوف بعض زملائه ثم يلحق امرأة ترتدي، على صدرها، أزراراً تشبه اللوالب التي كان يعمل عليها. يمسك بآلة لرش الزيت ويبدأ برش الزيت على زملائه. ثم هناك ذلك المشهد الذي بنى عليه صرح ذلك العمل: ها هو يدخل الآلة ذاتها ويمر بين عجلاتها المتحركة فاقداً بدوره الإنسان الذي هو عليه. يُصبح الآلة ذاتها أو جزءاً منها وذلك ببلاغة بصرية دائمة الأثر.

حدث في المخزن
نراه بعد ذلك عاطلاً عن العمل. يسير في شوارع المدينة بلا قصد. تمر به شاحنة صغيرة وعلى مؤخرتها ذلك العلم الأحمر المستخدم للتحذير من حمولتها. العلم يقع أرضاً. يلتقطه تشارلو ويلوّح به ليلفت انتباه السائق غير مدرك أنّ هناك مظاهرة عمّـالية وراءه وسرعان ما تلتحق به كما لو كان هو قائدها. المشهد لا يحتاج إلى تفسير: تشارلو الفقير يحمل علماً أحمر مذكّراً مشاهديه بالعلم الشيوعي الأحمر، حتى وإن لم يكن يقصد حمله ولا قيادة العمال المتظاهرين. تركيب المشهد يدلل على ميول المخرج الساخرة منها والجادة المبطّنة. يلقي البوليس القبض عليه معتقداً أنّه هو قائد المظاهرة. في السجن يختلط عليه الأمر ويتناول كوكايين معتقداً أنّه ملح وبشجاعة غير محسوبة وناتجة عن غيابه عن الإدراك يبطل عملية هروب من السجن فيُطلق سراحه٠
بعد ذلك فصلان، الأول حين يلتقي بفتاة تسرق رغيف خبز فيلقي البوليس القبض عليها لكنها تهرب. تشابلن، الذي وجد عملاً في متجر كبير كحارس ليلي، يدخلها إلى ذلك المتجر بعد الإقفال. يتركها تلهو بالملابس التي لا تستطيع أن تقتنيها ثم يرقص وإياها مستخدماً الزلاجات فوق البلاط الناعم. ثم عوض التصدّي لعصابة تسللت إلى المتجر لسرقته يُطعمهم معرّضاً نفسه، في اليوم التالي، إلى الطرد. مسألة إطعام أفراد العصابة لها دلالتها السياسية أيضاً. هي في مبدأ تتبنى أنّ الجريمة ناتجة عن الفقر ولا شيء سواه. أطعم الجائع تنقذه من الحاجة للسرقة وتؤمّن مجتمعاً آمناً.
في الفصل الرابع والأخير نجده نادلاً في مطعم آخر مزدحم بالزبائن. هنا المرّة الوحيدة التي نسمع فيها صوت تشابلن إذ يغني حفاظاً على عمله بعدما تسبب في الكثير من المتاعب. لكن النهاية حتمية واللقطة الأخيرة له ولفتاته سائران في طريق خارج المدينة إلى جهة غير معلومة٠

خلفية غامضة
في مقابلة أجراها تشابلن مع صحيفة نيويورك تايمز - 2 فبراير (شباط)، 1936. قبل ثلاثة أيام من العرض الأول للفيلم في الولايات المتحدة والعالم - ذكر أنّه استلهم الفكرة ذات مرّة عندما شاهد عمّالاً يخرجون من المصنع ويقومون بتوقيت ساعة خروجهم عبر الساعة المثبّتة بالقرب من باب الخروج: «فكّرت في كيف سيصبح حال العالم إذا ما ازداد الاعتماد على الآلة وما الذي سيحدث إذا ما تصرّف أحدهم خارج تعليمات العصر السائد».
لكن هذا القول مخالف لما أُثبت في أكثر من مرجع آخر. حسب مؤرخين، انطلق تشابلن مع أخيه سيدني، في عام 1931. وكان انتهى من فيلمه الصامت أيضاً «أضواء المدينة»، في رحلة أوروبية وآسيوية ولاتينية دامت عامين. خلالها شهد تشابلن ارتفاع المد الفاشي في ألمانيا وإيطاليا وشاهد الفقر الشديد في دول أميركا اللاتينية والحياة الصعبة لمواطني تلك البلاد الأصليين. ما شاهده جعله يقول في واحدة من مقابلاته آنذاك رغبته بالتوقف عن العمل ريثما يجد «الموضوع الذي له علاقة بالوضع الذي شاهدته».
وهناك أمر آخر يجعل أصول استلهام الفكرة على قدر من الغموض، خصوصاً فيما يتعلّق بالفصل الأول (والأهم) الذي نتابع فيه تشارلو في المصنع. فبعد خروج الفيلم لعروضه الدولية، رفعت شركة اسمها Films Sonores Tobis قضية على تشابلن مطالبة بتعويض، قدره مليون و200 ألف دولار، مفادها أنّه سرق فكرة فيلمه من فيلم أنتجته سنة 1931 بعنوان «الحرية لنا» (Á nous la liberté)، وهو أحد أبرز أفلام المخرج رنيه كلير وفيه مضامين اجتماعية مشابهة لتلك الواردة في «أوقات عصرية»، بل يحتوي كذلك على مشهد داخل مصنع يبدو فيه العمّال وقد باتوا جزءاً من الآلة الرأسمالية التي يعملون لها.

يسار أم يمين؟
بعد الحرب العالمية واصلت الشركة القضية سنة 1947. وحاولت إقحام المخرج الفرنسي كلير في الإعلان عن أنّ تشابلن سرق من فيلمه، لكنّ كلير دافع عن تشابلن قائلاً إنّه سبق وتأثر بأعمال تشابلن وهو «فخور» أن يكون تشابلن «استعار» من فيلمه. في النهاية عرضت شركة «يونايتد آرتستس» منتجة «أوقات عصرية» دفع تعويض متواضع (كما جاء في النص) للشركة الأوروبية للتخلص من «هذا العبث». هذا لم يمنع تشابلن من القول لاحقاً إنّ المسألة برمّتها سياسية، فشركة توبيس ألمانية وهي لم تكن سعيدة بفيلم تشابلن اللاحق «الديكتاتور العظيم» الذي انتقد فيه هتلر (ولو بصورة موازية ومن دون ذكر اسمه) مما جعلها تلاحق القضية كنوع من الانتقام الشخصي. كلام لا يبدو أنّه منطقي على النحو الذي ورد عليه.
لكن «أوقات عصرية» مغمّس بالسياسة في كل اتجاه. على مستوى أول يكشف عن أفكار يسارية - اشتراكية واضحة تقف لجانب الفقير والعامل في مجتمع ينتقل، في ذلك الحين، من عصر آلي إلى عصر آلي أكبر. على مستوى ثانٍ ساهم الفيلم في دخول تشابلن معمعة التيار المكارثي الذي قرر اصطياد اليساريين في هوليوود ونيويورك والمنتمين منهم للحزب الشيوعي على الأخص. وكانت أولى تلك المشاحنات تدخل مكتب هايز (مكتب رقابي على الأخلاقيات والمفادات في الأفلام) مطالباً تشابلن بحذف خمسة مشاهد اعتبرها مشينة: الأول له علاقة بكريات الدم (Pancytopnia)، والثاني له علاقة بطبع كلمة «مخدّر» (Dope) على الشاشة والثالث أصوات تلبّك معوي في البطن في بطن زوجة قسيس والرابع يتعلق بمشاهد تدور في مخزن الملابس والخامس له علاقة بتصوير الأعضاء التناسلية للحيوانات في المشهد النهائي.
في تلخيصه لمطالباته استخدم المكتب كلمة مبتذل لوصف المشاهد والفيلم عموماً. لكن المكتب وإن لم يعمد لاقتراح منع الفيلم إلا أنه وجّه الاهتمام إليه ولاحقاً ما ساعد «أوقات عصرية» على دفع الحملة المكارثية لتبني أن تشابلن هو عنصر يساري يجب استئصاله. تشابلن كان خارج الولايات المتحدة حينها وقرر البقاء في أوروبا مدركاً عاقبة اتهام كهذا.
على ذلك، هناك غموض لا يتلاشى حول مواقف تشابلن السياسية وإذا ما كان بعضها مجرد توظيف لما يود الجمهور أن يرى بطله عليه. في أفلامه، قصيرة وطويلة، سابقة يوفّر مظهره المعتاد كفقير معدم يواجه سُلطة اجتماعية أقوى منه (The Kid على سبيل المثال)، لكنه أيضاً يصوّر نفسه حالماً بالثراء أو ثرياً فعلياً (النصف الثاني من The Gold Rush كما في City Lights مباشرة قبل «أوقات عصرية») هو ثري طيّب يرعى الفقراء ويؤمن حاجياتهم.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».