دُرة: المخرجون يظلمونني فنياً في أدوار محددة

الفنانة التونسية تفضّل العمل الجماعي على حساب البطولة المطلقة

دُرة في لقطة من مسلسل «بين السما والأرض»
دُرة في لقطة من مسلسل «بين السما والأرض»
TT

دُرة: المخرجون يظلمونني فنياً في أدوار محددة

دُرة في لقطة من مسلسل «بين السما والأرض»
دُرة في لقطة من مسلسل «بين السما والأرض»

القاهرة: داليا ماهر

قالت الفنانة التونسية دُرة إنها تتعرض لظلم فني بسبب حصر المخرجين والمنتجين لها في أدوار محددة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدة في حوارها مع «الشرق الأوسط»: أنها تحفزت للمشاركة في مسلسل «بين السما والأرض» الذي عرض بالنصف الأول من موسم رمضان، لتجنبه المط أو التطويل، مشيرة إلى أن شخصية «علا» لم تكن بأحداث الفيلم الأصلي، مما شجعها لتجسيدها بالعمل.
وكشفت الفنانة التونسية عن تفضيلها البطولة الجماعية أكثر من البطولة المطلقة، إذ ترى الأولى بمثابة مباراة تنافسية فنية بين فريق العمل، ووصفت التعاون الفني مع الفنان المصري هاني سلامة بـ«الرائع» بسبب اهتمامه بالتفاصيل على حد تعبيرها.
في البداية، تحدثت درة عن سبب قبولها بطولة «مسلسل بين السما والأرض» أمام النجم هاني سلامة قائلة: «عوامل كثيرة كانت سبباً في حماسي له، من بينها عدد حلقاته القصيرة، حيث ضمن لي ذلك عدم وجود مط أو تطويل بسياق العمل، بالإضافة إلى احتواء المسلسل على شخصيات وأحداث غنية ومميزة، وكذلك لأنه عمل اجتماعي وأنا شخصياً أحب هذا النوع من الأعمال، لا سيما أن دوري لم يكن موجوداً بالفيلم الأصلي، بل شخصية جديدة تماماً، وأيضاً لأن السيناريو مأخوذ عن فيلم للأديب العالمي نجيب محفوظ الذي يستهويني شخصياً وأقرأ له كثيراً.
وكشفت درة تعمدها الظهور بشكل بسيط وعدم المبالغة في الماكياج، لانتمائها للطبقة فوق المتوسطة، حيث لم اعتمد على شكلي وقدمت دور المحجبة بشكل يناسب الشخصية واعتمدت في ذلك على قربي من بعض الفتيات المحجبات وطوّعت نفسي حسب أهواء الشخصية، فهي تشبه فتيات حقيقيات.
وعن تعاونها مع الفنان هاني سلامة تقول: «أحب العمل معه فهو فنان رائع يعرف كيف يختار أدواره بعناية شديدة وبيننا كيمياء مشتركة منذ تقديم فيلم (الأولى في الغرام) ومسلسل (نصيبي وقسمتك) ونتشابه سوياً في العمل والاهتمام بالتفاصيل».
وأشارت درة إلى تفضيلها العمل الجماعي على حساب البطولة المطلقة: «قدمت البطولة الجماعية وكذلك المطلقة على غرار مسلسلي (في الشارع اللي ورانا)، و(بلا دليل) لكنني لا أسعى لها بأي شكل لأنها مسؤولية، وأخاف منها كثيراً، وأحب البطولة الجماعية أكثر لتوزيع حجم المسؤولية على جميع فريق العمل بعيداً عن تحمل نجاح العمل من عدمه في شخص البطل وبالنهاية السيناريو هو المحدد الأول للموافقة على كليهما».
وترى الفنانة التونسية أن لديها الكثير لم تقدمه بعد على الشاشة، وخصوصاً بعد حصرها في أدوار معينة قائلة: «أدواري في المجمل لم تساعدني حتى الآن على إثبات موهبتي بشكل كبير، فرغم مشاركتي في بعض الأعمال التي ساعدتني على ذلك مثل (سجن النساء)، و(موجة حارة)، و(العار)، والتي تمكنت من خلالها من الوصول للجميع، وأعتبرها علامة في مشواري، فإنني في الوقت نفسه أشعر بظلم كبير بسبب حصر المخرجين والمنتجين لي في أدوار محددة».
وعن أحدث أعمالها السينمائية «الكاهن» تقول: «انتهيت من تصوير دوري به وهو فيلم أكشن، وأراهن عليه وأعتبره اختياراً مثالياً بالنسبة لي للعودة إلى السينما، إذ إنني أقدم به دوراً مختلفاً لم يسبق لي تقديمه من قبل، فهو لا يعتمد على شكلي مطلقاً، بل على إحساسي، وهذا الدور محوري، ومحرك رئيسي للأحداث، وأنتظر عرضه في موسم الصيف المقبل، وهو من تأليف محمد ناير وإخراج عثمان أبو لبن وبطولة مجموعة كبيرة من النجوم على رأسهم محمود حميدة، وحسين فهمي وجمال سليمان وإياد نصار وفتحي عبد الوهاب.
وتؤكد درة حرصها على الوجود دائماً بالتلفزيون والسينما بقدر متساوٍ قائلة: «النجاح في السينما والتلفزيون ليس سهلاً، ولكنني أحرص على المشاركة في كليهما، وهذا يحتاج إلى مجهود كبير، ورغم ذلك فأنا لا أعترف بمقولة أن التلفزيون يأخذ من بريق فنان السينما، فهي جملة باتت قديمة، وتعكس الواقع الحالي وخصوصاً مع اتجاه نجوم السينما إلى التلفزيون بالسنوات الأخيرة.
وتعزي قلة أعمالها الفنية التونسية قائلة: «إقامتي شبه الدائمة في مصر جعلتني مُقلة في الظهور فنياً بوطني، بسبب ارتباطات الأسرة والعمل بالقاهرة، ولكن إذا جاءني عرض مميز سأوافق عليه فوراً».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».