تقرير أميركي يكشف تورط بنوك لبنانية مع مؤسسة «القرض الحسن»

تقرير أميركي يكشف تورط بنوك لبنانية مع مؤسسة «القرض الحسن»
TT

تقرير أميركي يكشف تورط بنوك لبنانية مع مؤسسة «القرض الحسن»

تقرير أميركي يكشف تورط بنوك لبنانية مع مؤسسة «القرض الحسن»

كشف تقرير أعده باحثون في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، أن العقوبات الجديدة التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية أخيراً على مسؤولين ماليين في «حزب الله» يديرون مؤسسة «القرض الحسن»، جاءت نتيجة ملاحقات على امتداد سنوات عدة لدور تلك المؤسسة. وأضاف التقرير أن نجاح قراصنة معلومات في وقت سابق في نشر قوائم بأسماء أفراد ومؤسسات مصرفية لبنانية وإيرانية، كانت ولا تزال تتعامل مع المؤسسة لتسهيل النفاذ إلى النظام المصرفي العالمي، أسهم بشكل كبير في إعداد قائمة العقوبات الأخيرة للخزانة الأميركية، غير أن التقرير يشير إلى أن العقوبات على مسؤولي «حزب الله» الماليين السبعة، لا تكشف الآلية التي أدار الحزب وإيران من خلالها عملية المبادلات المالية، التي سماها التقرير «نظام الحوالة»، وكيف مكنته تلك الآلية من الالتفاف على العقوبات الأميركية، عبر استخدام النظام المصرفي اللبناني الذي لا يزال جزءاً من آلية النظام المالي العالمي حتى الآن.
ويقول الباحث طوني بدران الذي أسهم بشكل كبير في إعداد التقرير، إن عقوبات «الخزانة» الأميركية هي تكملة للعقوبات التي فرضت عام 2019 على بنك «جمال ترست»، عبر تسمية الأشخاص والوحدة المالية لمؤسسة «القرض الحسن». ويضيف في حوار مع «الشرق الأوسط» أنه رغم شرح عقوبات وزارة الخزانة الأميركية للعلاقة بين «القرض الحسن» والبنوك اللبنانية، فإنها لم تقم بتسميتها ولم توضح كيف خضعت أو تواطأت معها، لاستخدامها من قبل الحزب في تمويه الدور الذي تقوم به المؤسسة للدخول إلى النظام المالي العالمي، من دون أن توضح تلك الآلية خلافاً لما تقوم به فعلياً. ويؤكد بدران أن عقوبات الوزارة لم تقم بكشف تلك العلاقة وشرحها، والأهم من ذلك أن المصارف اللبنانية لديها حسابات متبادلة مع «القرض الحسن» ومع أشخاص فيها، لديهم حسابات متبادلة في تلك المصارف، بهدف القيام بتسوية حسابات لا يعرف مدى حجمها.
وأضاف أن هناك رسائل متبادلة بين مسؤولي المصارف و«القرض الحسن» لتبادل فتح الحسابات التي لا يعرف عددها، ولا يعرف كيف تتم تغطيتها، وهذا النظام يشبه ما سماه التقرير بنظام «الحوالة» الذي يسمح بتحويل الأموال للحزب من أي مكان عبر المصارف اللبنانية وبالعكس، ما يعني تشريع حسابات الحزب في العالم، الأمر الذي أدى إلى توريط المصارف في تلك العمليات.
ويقول بدران إن وزارة الخزانة لا تزال للأسف تحاول الفصل بين المصارف والحزب وتزعم أنها ضحية، علماً بأن المشكلة تكمن في تمكين الحزب من تحويل الأموال، تحت عنوان أن الضغط على النظام المصرفي اللبناني قد يؤدي إلى انهياره، فيما واقع الحال يشير إلى أنه انهار بالفعل. ويضيف أن الوثائق التي كشفتها عملية القرصنة على مؤسسة «القرض الحسن»، تظهر أسماء أفراد وشركات إيرانية خاضعة للعقوبات الأميركية منذ فترة طويلة، على رأسها عيسى طباطبائي، ممثل الإمام الخميني في لبنان منذ السبعينات، وصاحب حساب ومودع رئيسي فيها. وهو ساعد في تأسيس العديد من مؤسسات الحزب بينها لجنة الإغاثة ومؤسسة الشهداء ومستشفى الرسول الأعظم التابع لها، وأشاد أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله به في الذكرى 25 لتأسيس مستشفى «الرسول الأعظم» عام 2018. وهناك شركات إيرانية أخرى بينها شركات «ماهان إير» و«إيران إير» وبنك «صادرات إيران» لديها وكلاء في لبنان وحسابات في مؤسسة «القرض الحسن». وهي شركات خاضعة للعقوبات الأميركية بسبب تورطها في نقل الأسلحة للحزب وغيرها من الميليشيات الخاضعة لإيران، ما مكنها من العمل عبر التسهيلات التي يقدمها أفراد «القرض الحسن»، ونقل ملايين الدولارات.
ويشير تقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إلى أن تصنيفات وزارة الخزانة الأميركية للمصارف اللبنانية والعديد من كيانات «حزب الله» والممولين وغاسلي الأموال تؤكد تواطؤ هذه المصارف في العمليات المالية للحزب، بعد أن أشاد صانعو السياسة الأميركية لسنوات بالبنوك اللبنانية. وأضاف أن هذا النهج لم يمنع «حزب الله» من الوصول إلى البنوك ولا الانهيار المالي في لبنان، طالباً من الإدارة الأميركية عدم تكرار هذا الخطأ.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».