قمة افتراضية لمحاربة استخدام الشبكات الإلكترونية لأغراض الإرهاب والتطرف

بمبادرة فرنسية ـ نيوزيلندية

TT

قمة افتراضية لمحاربة استخدام الشبكات الإلكترونية لأغراض الإرهاب والتطرف

في 15 مايو (أيار) من عام 2019 أطلقت جاسيندا أردرن، رئيسة حكومة نيوزيلندا، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ما سُمي «نداء كرايستشيرش» عقب العمليتين الإرهابيتين اللتين شهدتهما نيوزيلندا ضد مسجدين في مدينة كرايستشيرش، في 15 مارس (آذار) من العام المذكور واللتين أوقعتا 51 قتيلاً و49 جريحاً. والقاتل برنتون تاران، الذي ارتكب هذه المجزرة والمنتمي إلى تنظيم عنصري معادٍ للمسلمين، لم يكتفِ بجريمته بل عمد إلى استخدام آلة تصوير لدى قيامه بها وبث صورها على وسائل التواصل الاجتماعي. وتعد هذه المقتلة أكبر جريمة جماعية عرفتها نيوزيلندا منذ عام 1809. وفي ندائهما، شدد المسؤولان على الحاجة إلى محاربة المضامين المتطرفة التي تحثّ على الإرهاب والعنف والكراهية على شبكة الإنترنت وعلى شبكات التواصل الاجتماعي. عامان انقضيا على هذا النداء. وبهذه المناسبة، دعا ماكرون وأردرن قادة الدول الـ52 التي وقّعت على «نداء كرايستشيرش» إضافة إلى مسؤولي المنصات الإلكترونية العشر الكبرى وممثلين عن المجتمع المدني عبر العالم، إلى قمة افتراضية، التأمت مساء أمس عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» للنظر فيما تحقق من جانب المنصات الإلكترونية لجهة منع بث هذه المضامين وتقييم التقدم الذي تم إحرازه. وهذا التحرك الهادف إلى منع نشر الصور أو المحتوى الذي تنتجه الجماعات الإرهابية في أثناء ارتكابها جرائمها، أفضى إلى إصلاح ما يسمى «منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب» الذي أسسته في البداية «فيسبوك» و«مايكروسوفت» و«تويتر» و«يوتيوب» وكلها شركات أميركية. ولاحقاً، تحول المنتدى، بفعل ضغوط الجهات الموقِّعة على النداء، إلى موقع للتبادل بين الحكومات والجهات الفاعلة على الإنترنت في ميدان محاربة المحتويات العنيفة والمتطرفة على الإنترنت.
في معرض تقديمها لهذه القمة بداية الأسبوع المنتهي، أعربت مصادر قصر الإليزيه عن ترحيبها بانضمام الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً إلى النداء الذي رفضت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب السير به مخافة أن يشكّل عقوبة للشركات الأميركية وأن يحدّ من حرية التعبير التي يضمنها الدستور الأميركي. إلا أن الحكومة الأميركية السابقة، رغم ذلك، أعربت عن تأييدها لمبادرة الرئيس الفرنسي ورئيسة حكومة نيوزيلندا. وقالت جين بساكي، الناطقة باسم البيت الأبيض، بهذه المناسبة، إن «مواجهة استخدام الإرهابيين والمتطرفين لشبكة الإنترنت من أجل الدفع إلى التطرف وتطويع الأنصار تشكّل أولوية مهمة للولايات المتحدة الأميركية، والانضمام إلى تحالف الحكومات وشركات الإنترنت التي أسهمت في المبادرة من شأنه أن يعزز العمل الجماعي». ورغم ذلك، أكد البيت الأبيض أنه «مستمر في الدفاع عن حرية التعبير، وأن واشنطن، رغم التحاقها بـ(نداء كرايستشيرش)، لن تعمد إلى اتخاذ تدابير من شأنها انتهاك الحريات الأساسية والجمعيات التي يضمنها التعديل الأول للدستور الأميركي وكذلك لن تمس الحياة الخاصة» للمواطنين الأميركيين.
وعدّت مصادر الإليزيه التهديد الذي تمثّله المضامين الإرهابية وتلكم التي تروّج للحقد والكراهية «مشكلةً عالمية تتطلب رداً منسقاً بين الحكومات المعنية كافة وبين شركات الإنترنت ومنظمات المجتمع المدني التي تدفع كلها باتجاه استخدام حر وآمن» للشبكة العنكبوتية. وفي صيغته الحالية، يضم «النداء» ما لا يقل عن 52 بلداً إضافةً إلى المفوضية الأوروبية وعشر شركات إنترنت ومنصات إلكترونية كبرى فضلاً عن عشرات جمعيات المجتمع المدني. ومن المنتظر أن تسهم القمة في التوافق على تدابير إضافية ومعالجة الخلل الذي ما زال يظهر على شبكة الإنترنت التي ما زالت، بجميع مكوناتها بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي، الميدان الأفضل الذي يستخدمه المتطرفون من كل الألوان لبث أفكارهم والترويج لها. وتسبق هذه القمة الافتراضية قمتان ليومي الاثنين والثلاثاء القادمين: أولاهما مخصصة لمواكبة المرحلة الانتقالية في السودان، والأخرى لمساعدة الدول الأفريقية المتأثرة بتبعات وباء «كوفيد – 19»، وهاتان القمتان ستلتئمان بحضور مجموعة كبيرة من القادة الأفارقة ورؤساء دول وحكومات معنية إنْ بالسودان وإنْ بأفريقيا بشكل عام إضافةً إلى المؤسسات المالية الدولية والإقليمية.


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».