نواب في كتلة ميقاتي ينفون طرح اسمه لترؤس الحكومة

قبلان يحذّر السلطة من المراهنة على سكوت الناس

TT

نواب في كتلة ميقاتي ينفون طرح اسمه لترؤس الحكومة

يستمر الوضع الحكومي في لبنان على حاله في عطلة عيد الفطر المبارك الذي لم يسجل فيه حتّى أي اتصالات معايدة في صفوف المسؤولين ولا سيما المعنيين منهم، في وقت نفى فيه نواب في كتلة «الوسط المستقل» التي يرأسها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، المعلومات التي أشارت إلى توجّه لتكليفه لرئاسة الحكومة بدلاً من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
وقال النائب في كتلة ميقاتي، علي درويش، إن ميقاتي يدعم الحريري بالتكليف والتأليف، موضحاً أن أي كلام عن تكليف ميقاتي لتشكيل الحكومة غبر دقيق وهو يفكر وطنياً ويرى أن في المرحلة الحالية الحريري هو الأنسب.
ورأى، في حديث تلفزيوني، أن المشكلة الأساسية اليوم تكمن في عملية تشكيل الحكومة وليس في التأليف، مشيراً إلى أن لميقاتي مواقف ثابتة وهو لم يطرح نفسه كرئيس مكلف.
وعن اعتذار الحريري قال درويش: «لا يمكننا إعطاء رأينا في موضوع اعتذار الحريري عن التأليف، لكن الحكومة القادمة هي من أخطر الحكومات لأن كثيراً من الاستحقاقات مُنتظرة منها»، متوقعاً مبادرة إيجابية بعد عيد الفطر المبارك.
وكان قد سبق موقف درويش موقف مماثل من النائب في الكتلة نفسها، نقولا نحاس، مؤكداً أن تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة ليس مطروحاً في الوقت الحالي، ومعتبراً في الوقت عينه أن اسم الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة ليس مهماً لأنّ المطلوب هي الإصلاحات.
أتى ذلك في وقت تستمر فيه المواقف الداعية إلى الإسراع بتشكيل الحكومة للحد قدر الإمكان من الأزمات المتفاقمة التي يعيشها اللبنانيون، وهو ما عبّر عنه أمس المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، محذراً السلطة من المراهنة على سكوت الناس.
وقال في خطبة عيد الفطر المبارك «إن البقاء بلا حكومة يعني إنهاء البلد الذي بات بحاجة ماسة إلى حكومة طوارئ، حكومة توقف هذا الانهيار المرعب، لأنه لا إنقاذ قبل الانتخابات النيابية، التي ستكون مفصلية هذه المرة، وسيختلط فيها الدولي بالإقليمي والمحلي بشكل لا سابق له، فالبلد إقليمياً ودولياً تحت الطاولة وليس فوقها، وحتى لو وُضع فوقها لا تتوقعوا الكثير، لأن لبنان عقدة إقليمية دولية، تتقاطعه أكثر الملفات الحساسة دولياً وإقليمياً».
وفي ظل ترقب خطوة الحكومة المقبلة المرتبطة برفع الدعم عن المواد الغذائية والاستهلاكية، قال قبلان: «كتحذير استباقي، يجب أخذه على محمل الجد، أقول: لا تراهنوا على سكوت الناس، لأنه جمر تحت الرماد. وأنصح السلطة بعدم اللعب برغيف الناس وحاجاتها الأساسية، لأنها آخر مصافي صبر الناس. والوضع الآن حبس أنفاس، وأي خطأ يتعلق بحاجات الناس لن يمر بسلام، فالأمن والسلم الأهلي وعدم الفوضى وحماية البلد يمر جبراً بحاجات الناس وتأمينها. ونصيحتي: لا تحرقوا البلد بحرق أسعار النفط والغاز والدواء والغذاء، لأن أي حماقة في هذا المجال ستحرق البلد بما فيه».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.