الحكومة اليمنية تتمسك بـ«المرجعيات» وتحمّل الانقلابيين مسؤولية استمرار الحرب

جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)
جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اليمنية تتمسك بـ«المرجعيات» وتحمّل الانقلابيين مسؤولية استمرار الحرب

جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)
جندي يمني متأهب في موقع للدفاع عن مأرب التي صعّد الحوثيون الهجوم على مختلف جبهاتها (إ.ب.أ)

جددت الحكومة اليمنية الشرعية تمسكها بخيار السلام المستند إلى المرجعيات الثلاث، محمّلة الميليشيات الحوثية مسؤولية استمرار الحرب وإفشال جهود السلام الأممية والدولية.
وقال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عبد الله علي السعدي، إن خيار الحكومة في بلاده «كان وسيظل هو السلام الشامل والعادل والمستدام للأزمة اليمنية، الذي يقوم على أساس المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية المتفق عليها والمتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها القرار 2216 (2015)».
تصريحات السعدي جاءت في بيان بلاده إلى الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن الدولي التي انعقدت الأربعاء، حيث أوضح أن المشكلة في «عقول الميليشيات الحوثية التي ما زالت متحصنة بالحرب والعنف».
وتابع السعدي بالقول: «قابلت تلك الميليشيات كل جهود السلام التي بذلتها الحكومة اليمنية وجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوث الولايات المتحدة الأميركية إلى اليمن والمبادرة الأخيرة للمملكة العربية السعودية الساعية لإيقاف نزف الدم اليمني وتحقيق السلام، بالتعنّت والرفض والاستمرار في الهجوم الوحشي الخطير في مأرب منذ شهر فبراير (شباط)، التي تحتضن أكثر من مليوني نسمة، واستهداف المدنيين والنازحين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والأسلحة الثقيلة واستهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية».
وأكد مندوب اليمن أنه «لا يمكن لهذه الميليشيات الإرهابية أن تجنح للسلام وهي ما زالت تتلقى الدعم العسكري واللوجيستي والإعلامي من النظام الإيراني المارق، ولن تتوقف عن مغامراتها وطموحاتها الشيطانية طالما تحظى برعاية ودعم ذلك النظام وتهريبه للسلاح لتلك الميليشيات، وآخرها شحنة الأسلحة الكبيرة التي صادرها الأسطول الأميركي الخامس في البحر العربي قبل أيام، التي كانت متجهة من إيران إلى الحوثيين، في استمرار لانتهاك إيران الصارخ لكل قرارات مجلس الأمن، لا سيما القرارين 2216 و2230. وتسعى لإطالة أمد الحرب في اليمن وزعزعة أمن واستقرار المنطقة».
وانتقد السعدي الأداء الدولي أمام كل هذا الهجوم والتصعيد ورفض كل جهود السلام الصادقة من قبل الميليشيات، وقال: «البيانات والإدانات والمواقف الضبابية لم تعد كافية، بل إنها للأسف ترسل رسائل سلبية، وهذا ما رأيناه من قراءة الميليشيات الحوثية لكل هذه الجهود والدعوات».
ودعا مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي، لتحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الهجوم على مأرب، والضغط على الجماعة الحوثية لوقف أعمالها العسكرية والقبول بالمقترحات والمبادرات الهادفة إلى إنهاء الصراع ورفع المعاناة الإنسانية التي تواجه الشعب من خلال البدء بتنفيذ الوقف الشامل لإطلاق النار، والرضوخ للحل السلمي الذي أجمع عليه اليمنيون والمجتمع الدولي والإقليمي.
وجدد السعدي التأكيد على أن الحكومة اليمنية، ومن منطلق المسؤولية تجاه الشعب اليمني، ستظل تمد يدها للسلام وستدعم كل الجهود الدولية، وستتعاطى معها بإيجابية، لا سيما جهود المبعوث الخاص للأمين العام السيد مارتن غريفيث، والمبعوث الأميركي السيد لندركينغ، وجميع الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الشامل والمستدام في اليمن، وفقاً لمرجعيات الحل السياسي المتفق عليها.
وتطرق السفير السعدي إلى المعاناة الإنسانية في بلاده، وقال: «رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والإغاثية، تتضاعف المعاناة في كثير من المناطق اليمنية جراء نهب الميليشيات الحوثية المساعدات الإنسانية وحرمان مستحقيها، ومصادرة مرتبات موظفي القطاع العام وفرض جبايات باهظة على القطاع الخاص في مناطق سيطرتها (...) لتمويل مجهودها الحربي وإطالة أمد حربها العبثية ومفاقمة المعاناة الإنسانية التي تستخدمها تلك الميليشيات لابتزاز المجتمع الدولي ولتحقيق مكاسب سياسية».
وحول هجوم الميليشيات الحوثية على مأرب، أشار السعدي إلى أنه «يضاعف حجم المعاناة الإنسانية بشكل متزايد كل يوم، حيث أجبر هذا الهجوم أكثر من 3030 أسرة على النزوح مجدداً من مخيماتهم الواقعة تحت نيران القصف الحوثي الذي يدمر آبار وخزانات المياه ويحرق الخيام والمنازل ويقتل المدنيين، وأغلبهم من النساء والأطفال، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان وكل القوانين والأعراف الدولية».
وأضاف السعدي: «تدعو الحكومة اليمنية مجلس الأمن الموقر للضغط على الميليشيات الحوثية للكف عن سلوكها العدواني، كما نطالب مجدداً شركاء التنمية والدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المانحة إلى رفع مستوى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن ودعم الاقتصاد اليمني من خلال إدخال وتحويل الأموال المقدمة من المانحين عبر البنك المركزي اليمني، ودعم جهود حكومة الكفاءات السياسية لتنفيذ برنامجها وتحقيق الاستقرار والتعافي الاقتصادي وتحريك عجلة التنمية وتقديم الخدمات لجميع المواطنين».
وأوضح أن الحكومة في بلاده «ما زالت تنتظر كشف نتائج تقرير فريق الخبراء المتعلقة بالتحقيق في الجريمة البشعة والهجوم الإرهابي الذي ارتكبته الميليشيات الحوثية في قصف مطار عدن أثناء وصول أعضاء الحكومة إلى عدن»، داعياً «إلى عدم السماح بإفلات المسؤولين عن هذه الجريمة من المساءلة وكذا إجراء تحقيق شفاف ومستقل لكشف تفاصيل جريمة إحراق الميليشيات الحوثية البشعة للمهاجرين الأفارقة في صنعاء ومحاسبة المتورطين فيها».
كما جدد السعدي التحذير من الكارثة التي سيسببها تسرب النفط أو انفجار الناقلة «صافر» على المستويات البيئية والاقتصادية والإنسانية، داعياً مجلس الأمن لممارسة أقصى درجات الضغط على الميليشيات الحوثية للكف عن استخدام الناقلة كورقة ابتزاز سياسي، والسماح بوصول فريق الأمم المتحدة بشكل عاجل ودون شروط لإجراء التقييم والإصلاحات الضرورية، كي تتجنب اليمن والدول المشاطئة للبحر الأحمر وخطوط الملاحة الدولية كارثة لم يسبق لها مثيل على مستوى الإقليم والعالم، بحسب قوله.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).