الحكومة التونسية «تمتص» غضب المتظاهرين بـ«قروض من دون فوائد»

الحجر الصحي الشامل تسبب في احتجاجات اجتماعية وخرق القيود وتحدّي السلطات

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
TT
20

الحكومة التونسية «تمتص» غضب المتظاهرين بـ«قروض من دون فوائد»

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (رويترز)

في محاولة وصفها مراقبون بأنها «مجرد محاولة لامتصاص» غضب المتضررين من قيود الحجر الصحي، الذي فرضته جائحة «كورونا»، أعلن رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، مساء أول من أمس، عن تخصيص قروض من دون فوائد للمتضررين اقتصادياً من قيود الحجر الصحي الشامل، وتداعيات جائحة كورونا، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الألمانية.
وقال المشيشي في كلمة له، إن الحكومة ستخصص خمسة آلاف قرض بقيمة إجمالية تعادل 25 مليون دينار (1.‏9 مليون دولار)، بشروط ميسرة مع فترة إمهال.
وتسبب الحجر الصحي الشامل، المعلن منذ التاسع من الشهر الحالي، وحتى يوم 16 من الشهر نفسه، في احتجاجات ومظاهرات، وقلاقل من تجار وحرفيين وأصحاب مؤسسات صغرى، وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وتدهور الأوضاع المعيشية لفئات واسعة من محدودي الدخل.
كما أفاد المشيشي بتخصيص مساعدات مالية اجتماعية مباشرة للفئات المتضررة من قيود الحجر الصحي، وتأجيل دفع المؤجرين لمخصصات الصناديق الاجتماعية وإعادة جدولتها. علاوة على تأجيل المستحقات الضريبية على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى نهاية العام الحالي.
وقبل أسبوع بدأت تونس مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في مسعى للتوصل إلى اتفاق حول قرض لتمويل إصلاحات اقتصادية، يتوقع أن تطال الأجور والدعم وتسريح عمال من القطاع العام.
وفرضت قيود الحجر الصحي الشامل، التي بدأ تطبيقها منذ الأحد الماضي للحد من التفشي السريع لفيروس كورونا، والسلالة البريطانية المتحورة، على التجار والعمال باليومية، وأصحاب المقاهي والمطاعم ملازمة البيوت؛ وهو ما تسبب في احتجاجات اجتماعية، في حين اضطر كثيرون إلى خرق القيود وتحدي السلطات، وسط وضع اقتصادي متدهور وغير مسبوق؛ ولذلك يرى عدد من المراقبين أن خطوة الحكومة بتقديم قروض صغيرة من دون فوائد بهدف مساعدة المتضررين اقتصادياً على مجابهة تداعيات الإغلاق والجائحة، قد لا تضمن نهاية الأزمة لقطاعات حيوية أخرى، مثل السياحة
والصناعات التقليدية، التي تتطلع إلى موسم الذروة لأنشطتها في الصيف بهدف تعويض الخسائر الهائلة، إذا لم تسرع الحكومة في حملة التطعيم لمحاصرة الوباء.
بدوره، أشار الرئيس قيس سعيّد، خلال تهنئته التونسيين بعيد الفطر، إلى الظروف الصعبة والإجراءات الاستثنائية التي حتّمتها جائحة كورونا.
وقال سعيد، إنّ هذه الإجراءات التي تمّ اتخاذها نتيجة الوباء «أجبرت التونسيين على التخلي عن بعض العادات والتقاليد، التي دأبوا عليها في رمضان»، مشيراً إلى أنّ جزءاً من الإجراءات «كان مصيباً، وجزءاً آخر دعت تطورات الأوضاع إلى مراجعته».
لكنه أكد في المقابل على ضرورة «توفير الحد الأدنى من ظروف العيش الكريم»، مشيراً في هذا السياق إلى تداعيات عدد من الإجراءات على الفقراء.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.