الرئيس اللبناني الأسبق يسعى لقيادة تكتل جديد في ظل الفراغ الرئاسي والتعثر الحكومي

بطرس حرب لـ«الشرق الأوسط»: لن نسهل مهمة معطلي الانتخابات

الرئيس اللبناني الأسبق يسعى لقيادة تكتل جديد في ظل الفراغ الرئاسي والتعثر الحكومي
TT

الرئيس اللبناني الأسبق يسعى لقيادة تكتل جديد في ظل الفراغ الرئاسي والتعثر الحكومي

الرئيس اللبناني الأسبق يسعى لقيادة تكتل جديد في ظل الفراغ الرئاسي والتعثر الحكومي

استحوذ الاجتماع الوزاري الذي عقد في دارة رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان الأسبوع الماضي وضم معظم الوزراء المستقلين ووزراء في قوى 14 آذار على الاهتمامات المحلية، بعد بروز أكثر من مؤشر في الفترة الماضية عن مساع يقوم بها سليمان لقيادة تكتل سياسي جديد لم يحدد بعد إطاره، وما إذا سيكون حزبا أو جبهة سياسية، مع إتمام الفراغ الرئاسي شهره العاشر على التوالي، وتعثر العمل الحكومي.
وعلى الرغم من إصرار سليمان والوزراء المقربين منه على نفي هذه المعلومات، يبدو أن الرئيس الأسبق يتريث في القيام بهذه الخطوة والإعلان عنها حتى تبلور كامل معالمها.
وقالت مصادر وزارية مقربة من سليمان لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يطرح عليها أن تكون «جزءا من تكتل سياسي جديد يريد أن ينشئه، لكنه أعرب أكثر من مرة عن أنه مستمر في العمل السياسي والاجتماعي، وهو لن يترك الثوابت التي أسسها خلال عهده السابق وسيحرص على استمرار الالتزام بها حرصا على المصلحة اللبنانية العليا».
وأكد سليمان في حديث له أخيرا أن الاجتماع الوزاري الذي عقد في دارته «ليس جبهة أو كتلة وزارية وإنما للحفاظ على صلاحيات الرئيس، وردا على الأصوات التي تنادي بعزل الوزراء المستقلين»، وهو ما شدد عليه أيضا وزير الاتصالات بطرس حرب الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الذي تم «ضروري لبحث الوضع المتأزم القائم والآليات البديلة المطروحة لتسيير العمل الحكومي»، نافيا وجود أي مسعى لتشكيل تكتل وزاري جديد أو جبهة سياسية داخل مجلس الوزراء.
ووصف حرب مقاربة الموضوع بأنه يأتي في إطار الرد على تقارب حزب «القوات» و«التيار الوطني الحر» بـ«السخيفة وغير الجدية»، مؤكدا تأييده لأي تقارب كان بين أي من الفرقاء اللبنانيين. وأضاف: «الغاية الأولى والأهم من الاجتماع الوزاري هي البحث في كيفية صب كل الجهود لحل أزمة رئاسة الجمهورية وللتشديد على أننا لن نرضخ لمحاولات معطلي الرئاسة فرض آليات جديدة تسهل عمل الحكومة الذي يتوجب أن يكون بروحية تصريف الأعمال وبالتالي تغطي عملية تعطيلهم».
واعتبر حرب «أننا بصدد وزارة استثنائية في ظرف استثنائي وبالتالي نرفض تحويل الاستثنائي إلى دائم أو طبيعي»، وقال: «نحن سنرفض أي آلية حكومية جديدة تسهل عمل الحكومة لاستمرار المراوحة بالأزمة الرئاسية، كأي آلية تخالف الدستور، خصوصا أن كل الطروحات المطروحة التي يتم التداول بها حاليا كبديل للآلية الحكومية القائمة مخالفة للدستور».
وأشار حرب إلى أن «الرهان الحالي لحل الأزمة الرئاسية هو بتراجع رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، عن تمسكه بشعار (أنا أو لا أحد) ودعم حزب الله له بتدمير النظام اللبناني والانقلاب عليه».
ويحاول رئيس الحكومة تمام سلام ومنذ أكثر من شهر التواصل مع مختلف الفرقاء للتفاهم على آلية جديدة لتسيير عمل الحكومة الذي كبله في الفترة الماضية وإمساك كل من الوزراء الـ24 بحق الفيتو الذي يتيح لكل منهم رفض تمرير أي مرسوم حكومي، ما أدى إلى تراجع كبير في إنتاجية مجلس الوزراء.
ويبدو أن سلام فشل حتى الساعة في مسعاه لتمسك قسم كبير من الوزراء، ومن ضمنهم الوزراء الذين اجتمعوا في دارة سليمان، بالآلية الحالية حرصا منهم على ما يقولون إنها صلاحيات رئيس الجمهورية، وبالتالي يتجه للدعوة قريبا لجلسة جديدة لمجلس الوزراء بعد الإعلان عن توافق كل الأطراف على عدم استخدام حق «الفيتو» بهدف تعطيل العمل الحكومي.
وقالت مصادر الرئيس سلام لـ«الشرق الأوسط» إنه سيتم الإعلان في اليومين المقبلين عن نتيجة المشاورات التي يقودها، نافية نفيا قاطعا أن يكون قد هدد في وقت سابق بعدم الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء في حال لم يتم التوافق على آلية جديدة. وأضافت: «كل ما سعى ويسعى إليه الرئيس سلام هو دفع كل الأطراف لتحمل مسؤولياتهم ولاختبار مدى فداحة الاستمرار بتعطيل عمل مجلس الوزراء».
وشددت وزيرة المهجرين أليس شبطيني، المقربة من الرئيس سليمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن المشكلة التي يعاني منها مجلس الوزراء هي غياب رئيس الجمهورية وليس آلية العمل المتبعة، لافتة إلى أن الآلية الحالية التي تنص على وجوب تحقيق التوافق لإقرار المراسيم «دستورية بامتياز وتعطي الضمانات المطلوبة لحماية المراسيم والقرارات الوزارية باعتبار أن الوزراء الـ24 يوقعون عليها».
وقال سليمان خلال حفل استقبال أقيم للجالية اللبنانية في دولة الإمارات العربية المتحدة إنه «رغم ما حصل وما زال يحصل في المنطقة، تبين أن لبنان يتمتع بمنسوب من الاستقرار العالي جدا بعد 4 سنوات من التوتر في المحيط، وهذه نقاط قوة نستطيع البناء عليها للمستقبل».
وعدد سليمان صفات الرئيس الضعيف الذي يجب برأيه عدم وصوله إلى سدة المسؤولية، معتبرا أن «الرئيس الضعيف هو الذي قوته مستمدة من المحاور ومن الخطوط وليس من شخصيته، وعندما يذهب المحور تذهب قوته معه، أما الرئيس القوي فهو من لديه الشخصية المتجردة الوطنية الملتزمة بلبنان، هذا لا يخشى عليه لأنه يقوى ولا يضعف».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.