رئيس «يونيتاد» لـ«الشرق الأوسط»: «داعش» دولة لا إسلامية... وما زال يشكل خطراً

كريم خان قال في حوار موسع إن الجماعة استهدفت محو مجموعات بأكملها

كريم خان في زيارة ميدانية لمدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)
كريم خان في زيارة ميدانية لمدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)
TT

رئيس «يونيتاد» لـ«الشرق الأوسط»: «داعش» دولة لا إسلامية... وما زال يشكل خطراً

كريم خان في زيارة ميدانية لمدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)
كريم خان في زيارة ميدانية لمدينة الموصل عام 2019 (الأمم المتحدة)

في السادس عشر من يونيو (حزيران) 2021، يفتح رجل القانون الدولي البريطاني الجنسية الباكستاني الأصل كريم خان صفحة جديدة من حياته، ويبدأ ممارسة مهامه بصفته ثالث مدع عام للمحكمة الجنائية الدولية التي تأسست قبل 18 عاماً.
وحتى يأتي ذلك اليوم، فإن تركيز الرجل الذي يعيش عامه الحادي والخمسين ينصب على استكمال مهامه، بصفته مستشاراً خاصاً ورئيساً لفريق «يونيتاد» الأممي، وهو اختصار للاسم الرسمي «فريق التحقيق التابع للأمم المتحدة لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب (داعش)». ويقول: «سأستمر في العمل بأقصى قدر ممكن من الفاعلية حتى نهاية ولايتي، وسأتعامل مع مسؤوليات المحكمة الجنائية الدولية بمجرد أن أتولى تلك المسؤوليات بشكل رسمي».
وقد أطل خان يوم أمس، عبر الفيديو، ليعلن لأول مرة منذ ظهور «داعش» أن ما ارتكبه التنظيم الإرهابي ضد الإيزيديين «جريمة إبادة جماعية»، والفرق بين تحديد هذه الجريمة ومرات أخرى سابقة يتمثل في أن التسمية وردت بصبغة قانونية، وبعد استكمال التحقيقات والقرائن والدلائل، وتثبيت الشهادات بشكل رسمي.
وأجرت «الشرق الأوسط» حديثاً هاتفياً مع رئيس «يونيتاد»، أوضح خلاله أهمية الجانب القانوني، إلى جانب جملة من المسائل الأخرى المتعلقة بتأسيس الفريق وتحدياته وآماله، فضلاً عن رؤية المحامي الذي كان البارحة يحيط مجلس الأمن بتقرير أداء الفريق الذي لم يتولَّ قبل ثلاثة أعوام قيادته وحسب، بل أسسه منذ خروج القرار الأممي (2379) سنة 2018، وحوله من حبر وورق وخمسة موظفين إلى خلية نحل تفوق 200 موظف في 4 مكاتب، أحدها في نيويورك والأخرى في العراق.
وقبل إكمال جوانب الحديث، تجدر الإشارة إلى أمرين لافتين: تكرار كريم خان وصف «داعش» بالدولة «اللاإسلامية»، وأيضاً ضرورة التنبه إلى أن جرائم «داعش» ارتكبت خلال أعوام، والتحقيق في الجريمة الواحدة يحتاج جهداً كبيراً، مستدلاً بقضية المحكمة الخاصة بمقتل رفيق الحريري.
«كنت في لندن حين تلقيت رسالة من الأمين العام بشأن تعييني، ولكن بالطبع قبل ذلك كنت سُئلت عما إذا كنت على استعداد لقبول هذا التكليف، وقلت: نعم. وكما تعلم قبل تولي هذه المهمة في رئاسة فريق التحقيق، كنت أعمل عملاً خاصاً، وهو ما يعني كثيراً من الحرية التي يتيحها العمل الخاص، ونوعية حياة جيدة».
بصوت هادئ أجاب خان عن سؤال حول كيفية تلقيه النبأ، وسبب اختياره طريقاً ليست سهلة، قياساً بالحياة التي كانت تشغل المحامي المعروف عالمياً. وتابع: «لقد فكرت في الأمر من وجهة نظري، بصفتي مسلماً أولاً، وشعرت أن لديّ مسؤولية إضافية تدفعني لأن أترك جودة الحياة تلك قليلاً، كي أتولى هذه المهمة، وأن أقف وأقول بصوتٍ عالٍ إن هذا غير إسلامي، وهذا ليست (الدولة الإسلامية)؛ هذا الأمر كان بمثابة دافع إضافي بشكل شخصي لي».

دولة «لا إسلامية»
«ما رأيناه مع هذه الدولة (اللاإسلامية)، المسماة «داعش»، بين عامي 2014 و2017، كان (نموذجاً للإجرام) في العراق، وأيضاً في المنطقة»، يقول خان موضحاً: «إن الضحايا والناجين -سواء إن كانوا عرباً أو أكراداً أو شيعة أو سنة أو الكاكائيين أو الشبك أو مسيحيين أو تركمان- سلبت حقوقهم على يد (داعش)، ودمرت حياتهم، وأُخضع كثير منهم للعبودية والاغتصاب. أيضاً طفولة صغار السن تعرضت للسرقة من قبل (داعش) الذين جندوا الأطفال إجبارياً بطريقة شنيعة بشعة».
ويؤكد أن الفريق مفوض من قبل مجلس الأمن من أجل «إجراء تحقيقات مستقلة محايدة لتحديد الأفراد الذين كانوا أعضاء في (داعش)، والمسؤولين جنائياً عن أفعال قد تشكل جرائم دولية بمقتضى القانون الجنائي الدولي، وهي: الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب. نحن ننظر إلى تحديد الأفراد الأكثر مسؤولية، والقضايا التي نبنيها تستند إلى أدلة موثوقة... مجلس الأمن لعب دوراً مهماً في تعزيز المساءلة عن جرائم (داعش) من خلال تفويض فريق التحقيق للقيام بذلك».
وأضاف: «لذلك أعتقد أن تفويض فريق التحقيق لتعزيز المساءلة عن الجرائم المرتكبة من جانب تنظيم داعش (يونيتاد) من قبل مجلس الأمن كان ضرورياً، وأعتقد أن الفريق عمل بشكل رائع، وبدعم كامل من حكومة العراق، على مدى السنوات الثلاث الماضية، منذ أن تم تعييني رئيساً لفريق التحقيق. ولقد بدأت العمل في العراق في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2018، مع خمسة موظفين، وبات لدينا الآن أكثر من 200 موظف، ولدينا أربعة مكاتب في بغداد وأربيل ودهوك، بالإضافة لنيويورك، ونمضي قدماً في التحقيق في تلك الجرائم بهدف الوصول للمساءلة».
وأشار إلى أن «ذلك العمل يشمل جميع من ارتكبت ضدهم تلك الجرائم، دون تفرقة بين انتماءاتهم. لذا فإن رحلة العمل مستمرة، ولكني أعتقد أننا قطعنا شوطاً كبيراً. وهنا، تجدر الإشارة إلى الدور الكبير للأمم المتحدة في إثبات أن المساءلة يمكن أن تكون أكثر من مجرد حلم بعيد، بل يمكن إحقاقها بصفتها حجر أساس ضروري للسلام والاستقرار، بالإضافة لكونها حقاً للضحايا والناجين».

ماذا عن التحديات؟
«التحديات بالطبع على مستويات كثيرة»، يقول خان موضحاً: «وصلت العراق أحمل قرار مجلس الأمن، ثم كان علينا أن نبدأ من الصفر. لذلك بدأت بمفردي مع بضعة أشخاص، ثم قمت ببناء هذا الفريق بنفسي. كما ذكرت، وصلت إلى العراق في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2018، مع خمسة موظفين، وكان علينا بناء كل شيء؛ كان علينا بناء مكتب، كان علينا بناء علاقات مع السلطات العراقية، ثم كان علينا التعامل مع ما خلفته فوضى إجرام (داعش)؛ أعني أن (داعش) ارتكب جرائم ليس ليوم واحد. إذا جازت المقارنة، يمكن النظر إلى محكمة رفيق الحريري، وما اقتضته من وقت وجهد كبير للتحقيق في جريمة واحدة ارتكبت خلال يوم واحد، بينما احتلت (داعش) مساحات شاسعة من الأراضي توازي حجم المملكة المتحدة على مدار الأعوام 2014 و2015 و2016 و2017. ويمكنك أن تتخيل كل يوم الجرائم التي ارتكبها (داعش)».
ويتابع حديثه قائلاً: «لذلك كان يتعين على الفريق تحديد الأولويات، للتأكد من أنه يمكننا العمل بكفاءة وإحداث أثر (...) لقد فعلنا ذلك من خلال تحديد أولويات للتحقيق، وأيضاً حرصنا على التحدث إلى المجتمعات، والانخراط في الحوار، وبناء الثقة مع المجتمع العراقي».
وهنا تجدر الإشادة بالعراقيين، إذ يعتقد رئيس «يونيتاد» أن «الشعب العراقي ككل شعب رائع؛ أعني أنهم عانوا كثيراً... من جرائم نظام صدام حسين، ثم وطأة حرب الخليج الأولى وحرب الخليج الثانية، وأخيراً عانوا (داعش). وعلى الرغم من وطأة كل تلك المعاناة، فإن لديهم هذه الصلابة في المواصلة والتمسك بالحياة. عندما التقيت بآية الله السيد السيستاني، وقيادات المجمع الفقهي السني، وأيضاً الكاردينال ساكو من المجتمع المسيحي، وسائر القادة الدينيين، كنا نبحث عن الأرضية المشتركة التي اتفق فيها الجميع على أن جرائم (داعش) ليست من الدين في شيء، وهو ما حدث فعلاً».
وزاد: «إن إنفاذ القانون، وحماية الحقوق، وقدسية الحياة، هي مبادئ يجب أن تربط جميع المجتمعات وجميع الأديان معاً. وعلينا أن نستمر على هذا المسار لأن لدينا الآن أساساً جيداً، ولكن لا يزال هناك كثير من العمل يتعين القيام به».

حاجة الأداء الأفضل
سألت «الشرق الأوسط» عن أفضل ما يحسن أداء الفريق، فأجاب خان: «حسناً، أعتقد أولاً أنني سأبدأ بشكل مختلف قليلاً، إذا جاز لي ذلك: هناك شكر واجب لمجلس الأمن، ولكثير من الدول التي تدعم فريق التحقيق (يونيتاد)، فنحن لدينا تحالف واسع من الداعمين دولياً، وأيضاً إقليمياً، ويشمل ذلك كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وفنلندا والسويد والدنمارك والاتحاد الأوروبي، وأيضاً من الأردن والسعودية والإمارات. من المهم أن نفهم أنه في مجال العلاقات الدولية، يحتاج الأمر إلى العمل بشكل متواصل والمثابرة. نحتاج إلى مواصلة هذا العمل لأن (داعش) ما زال يشكل تهديداً مستمراً، في العراق كما في المنطقة، وأيضاً في أجزاء أخرى من العالم. ولذلك فإن الدعم السياسي يجب أن يستمر. ومع ذلك، أعتقد أن الدعم الذي يتلقاه فريق التحقيق حتى الآن جيد جداً».
وأكد أن الأمر الآخر المهم جداً هو الجانب التشريعي، مبيناً أنه «حتى الآن، لا يوجد قانون في العراق يتيح محاكمة جرائم (داعش)، بصفتها تشكل جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب»، مشدداً على أن هذا «أمر ضروري لتحقيق المساءلة التي نعمل من أجلها (...) هناك مشروع قانون أمام البرلمان العراقي قدمه الرئيس برهم صالح، وهناك دعم ممتاز من حكومة إقليم كردستان، ورئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني، لتمرير قانون هناك أيضاً. لذلك آمل أن يسمح الإطار القانوني في العراق في القريب العاجل بمحاكمة هذه الجرائم الفظيعة التي ارتكبت من قبل (داعش)، مع تحري تصنيفها بالوصف القانوني الصحيح، ليس فقط بصفتها إرهاباً، بل بصفتها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، حسب ما تظهره الأدلة».

ما الفرق بين «الإرهاب» و«الإبادة»؟
«الإرهاب منتشر في كل مكان في العالم، ويجب إدانته أينما كان: حادث بالي مثلاً أو مانشستر، وكثير من الأحداث المنفردة في كل مدينة من مدن العالم الآن»، يقول خان مضيفاً: «للأسف، هذا هو الإرهاب والعنف المتعارف عليه، وعادة ما يكون متقطعاً. ولكن الجرائم التي ارتكبت من قبل (داعش) في العراق -وأيضاً في أماكن أخرى- أركانها مختلفة، وهذه التفرقة مهمة للغاية من أجل حقوق الضحايا والناجين الذين طالتهم تلك الجرائم».
والفرق بين الإبادة الجماعية وأي جريمة أخرى، بحسب رجل القانون الدولي، أننا «يجب أن نثبت وجود نية لتدمير كلي أو جزئي لمجتمع ما؛ أعتقد أنه من المهم جداً معرفة أن بعض أفعال (داعش) استُلهمت ليس لإحداث ضرر عشوائي فحسب، ولكن لمحو وجود مجموعات بعينها من على وجه الأرض، بشكل كلي أو بشكل جزئي. فعندما تكون هنالك جرائم تستهدف المجتمع المسيحي أو الإيزيدي أو الشيعي أو غيرهم، فهذا الوصف القانوني أمر مهم»، مستطرداً: «إذا نظرت إلى جريمة الاضطهاد على أنها جريمة ضد الإنسانية، فإننا نرى أنه حتى العشائر السنية التي تم استهدافها ربما تكون استهدفت من قبل (داعش) لأنهم يرفضون (البيعة) للخليفة المزيف، الشخص المزيف (البغدادي) كما حدث في الموصل، لذا فالقصد والنية وسياق ارتكاب تلك الجرائم مهم جداً، وهو يختلف عن الإرهاب الذي يستهدف ضحاياه بشكل عشوائي».
واستفاض خان في الشرح، قائلاً إن تنظيم «داعش سيطر على منطقة معينة، والجريمة ضد الإنسانية والهجوم واسع النطاق أو المنهجي ضد السكان المدنيين بشكل خاص لم يكن ليوم واحد، بل لعدة سنوات، من 2014 حتى 2017، واقترف كل أنواع الفظائع، من صلب الناس، وحرقهم أحياءً، وإغراقهم، واغتصابهم، إلى جانب إجبار الأطفال القُصر على القتل والإعدام».
وشدد رئيس «يونيتاد» على أنه «يجب تصنيف هذه الجرائم بشكل صحيح، على أنها جرائم ضد الإنسانية أو إبادة جماعية، أو جرائم حرب، وقد ظهرت جوانب مختلفة من الإجرام هنا. أعتقد أنه من المهم أيضاً بالنسبة لنا أن نظهر أن هذه دولة (لا إسلامية)، وأن ما فعلوه لا يتعارض مع اتفاقيات جنيف أو أنظمة الكراهية أو اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948 فحسب، بل يتعارض أيضاً مع تعاليم القرآن الكريم. فربما أنت تعرف جيداً كم هي جميلة سورة البقرة التي تقول (لا إكراه في الدين). ومع ذلك، فإن ما يسمى (الدولة الإسلامية) كانت تمارس مثل هذه القيم غير الإسلامية، فقد عرفوا أنفسهم من خلال الإكراه (...) ما ارتكبه (داعش) هو إحدى فترات التاريخ المظلمة، وليس له علاقة بالإسلام، وهذا واضح مثل وضوح الليل عن النهار. ولذلك، فإن محاسبة من ارتكبوا تلك الفظائع باسم الدين هو أمر مهم، لتفرقتهم عن هذا الدين الذي يدعون الانتساب إليه. لذا، فإن الحقيقة هي أن هذه الآيديولوجية هي نسخة ملتوية من الإسلام، تسعى إلى استغلال دين اسمه يدل على السلام، وهذا ما يعنيه الإسلام: السلام والاستسلام لمشيئة الله».

طموح «يونيتاد»
بسؤاله عن التحقيقات خارج إطار العراق، الدولة الأبرز التي تنصب فيها غالبية التحقيقات، أجاب رئيس «يونيتاد»: «حسناً، تفويضنا من مجلس الأمن هو أننا نركز تحقيقاتنا المادية في العراق، ولكن لدينا القرار (2379) الذي ينص أيضاً على مسؤولية فريق التحقيق في تعزيز المساءلة، ودعم التحقيق حول جرائم (داعش) في جميع أنحاء العالم. ونعلم أن (داعش) في كل مكان؛ لقد رأينا ذلك في أفغانستان، وفي النيجر، وفي منطقة الساحل بأفريقيا، وفي ليبيا، وغيرها من المناطق. أعتقد أن كل الدول تحتاج إلى أن تتوحد في مواجهة (داعش)، وما دام أن آيديولوجية التطرف هذه تنمو وتتلقى الدعم، فلا أحد في مأمن».
وأضاف: «سنكون بأمان عندما نعود للاعتدال، كما قال نبي الإسلام، فالطريق الوسط هو أفضل طريق: كن معتدلاً، اترك حرية العبادة... السماح للكنائس والمساجد والمعابد اليهودية، فدور العبادة كلها يجب أن تكون محمية؛ هذه هي تعاليم الإسلام. وهذا نقيض ما كان يفعله (داعش). فبدلاً من حماية المساجد والكنائس والمعابد، يقوم (داعش) بتدمير المساجد والمعابد والكنائس»، وتابع خان: «هذا هو السبب في أن فكرة التطرف هذه خطيرة للغاية، ويجب ألا ننتظر حتى تقع مدينة أخرى مثل الموصل في أيدي تنظيم (الدولة اللاإسلامية)؛ يجب أن ندرك أن جميع الدول في خطر، وأن السبيل لمواجهة (داعش) هو الاعتدال، والاحترام وسيادة القانون؛ وهي القيم التي تربط البشرية جمعاء».
ويرى المحامي الدولي أن ما يطمح إليه فريق «يونيتاد» هو القيام ولو بدور صغير «في سبيل هذه الغاية الكبرى، في محاولة الدفاع عن مبادئ تلك الوحدة الإنسانية، وذلك استناداً إلى بعض المبادئ القانونية الأساسية التي تربطنا معاً، الدول والشعوب.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.