ابتكارات جديدة تدخل قائمة السحور المصرية

بيض ملفوف بالجمبري وفلافل محشوة بالبسطرمة

ابتكارات جديدة في عالم الطهي على مائدة رمضان
ابتكارات جديدة في عالم الطهي على مائدة رمضان
TT

ابتكارات جديدة تدخل قائمة السحور المصرية

ابتكارات جديدة في عالم الطهي على مائدة رمضان
ابتكارات جديدة في عالم الطهي على مائدة رمضان

إن لم يحالفك الحظ بزيارة القاهرة خلال شهر رمضان، فأنت لم تعرف الأجواء الرمضانية بعد؛ ما يميز المحروسة أنها لا تهدأ من الإفطار حتى السحور، تضج بالحياة، الأنوار في كل الشوارع، بل والأزقة، وكما تتنوع مظاهر البهجة تتعدد الأطباق والأكلات، لكن الشعبي منها يتصدر، ليس على سفرة الإفطار فحسب، بل السحور الذي بات له طقوس خاصة.
قبل أعوام قريبة، كان السحور المصري لا يُقدم سوى في قلب القاهرة، وتحديداً بمنطقة الحسين، وهناك ترى وتستنشق هواءً مُشبعاً برائحة الفول الطازج المُجهز في القِدر التقليدية، والفلافل التي تفوح منها رائحة حشوة البصل والتوابل والكزبرة، وبعد وجبة مصرية أصيلة، فملاذك صحن من الزبادي المُجهز في فخار على طريقة المرأة المصرية.
رغم روعة المشهد، فإن الحديث عن السحور في 2021 لا يمكن أن يقف عند حدود قلب القاهرة، بينما أطراف المدينة وضعت لمستها، بثقافتها ومعاييرها الاجتماعية الأكثر عصرية، فانطلقت مطاعم لها طابع مصري، بداية من الاسم وصولاً إلى قائمة الطعام.
ويبدو أن «كورونا» كان تميمة الحظ، بعد أن بات التواجد في مكان مزدحم مخاطرة، من هنا انتعشت مطاعم السحور البعيدة عن الزحام، ولأنها تجارب شابة، جاءت أفكارها طازجة، فتحول السحور إلى «تقاليع» تلعب على وتر التغيير وحب التجربة، فظهرت أطباق «البيض بالجمبري» و«الفول بالكبدة الاسكندراني»، بل وجابت الأطباق مواقع التواصل الاجتماعي، لتظن للوهلة الأولى أنها محاول دعائية للإعلان عن مطعم جديدة، لكن بعد أن ذهبت «الشرق الأوسط» إلى مطعم «وح وح» تأكدنا أن السحور في مصر قرر أن يكسر القوالب ويضع اتجاهاً عصرياً قادراً على منافسة المطاعم التقليدية.
يقول إمام الدسوقي، مدير مطعم «وح وح» بمنطقة التجمع الخامس بشرق القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، «فكرة المطعم تقوم على سمة التوليفات العصرية في تجهيز الوجبات؛ لذلك كان للسحور نصيب من هذا التطوير».
وعن أغرب الأكلات التي يقدمها المطعم، يقول إمام «البيض الأومليت الملفوف بحشوة الجمبري السوتيه، هو في الأصل طبق فرنسي، ربما يكون غريباً على المتذوق المصري، لا سيما على السحور، لكن المطعم يقوم في الأساس على التجربة وتقديم الأطباق الفريدة، فهي وسيلتنا للمنافسة».
البيض بالجمبري، لم يكن الطبق الوحيد غير المألوف في قائمة السحور، بينما هناك طبق الفول بالسجق الشرقي أو الكبدة، مع حبات الفلافل المحشوة بكل الأصناف، فمن يميل إلى المطبخ التقليدي سيجد أمامه الفلافل المحشوة بالبصل والتوابل، أما من يبحث عن التميز سيجد الفلافل المصرية بلمسة إيطالية متمثلة في رشة من الجبن الموتزاريلا.
وعن رد فعل رواد المطعم على الأصناف المبتكرة التي يقدمها، يقول إمام «الأكل اختراع وفكر وتطور، ليس أدل على ذلك من إقبال الزبون على تجربة الأصناف الجديدة»، ويردف «هذا لا يعني أن طبق الفول مع زيت الزيتون والليمون اختفى، بينما يميل الزبون إلى المزج».
الابتكار لا يعني المبالغة في الأسعار، هكذا يرى مدير مطعم «وح وح»، ويقول «صحيح أن المطعم في القاهرة الجديدة، لكننا مطعم يقدم نفسه تحت شعار (الشعبي) وهنا نعني الانتشار، ولن يتحقق ذلك إلا بتقديم الأصناف المبتكرة بأسعار في متناول اليد، سحور فاخر لدينا لا يكلف 4 أشخاص أكثر من 150 جنيهاً (10 دولارات أميركية).
ومن محاولة شابة ضجت لها مواقع التواصل الاجتماعي، إلى المطاعم الفاخرة التي لا يدخلها سوى المنتمين لعلية القوم، بل وبحجز مسبق، انتقلت «الشرق الأوسط» لتعرف إلى أين وصل السحور في مصر.
على باب مطعم «بلكونة» الذي تمتلكه الإعلامية المصرية بسمة وهبة، اصطففنا أملاً في الحصول على مقعد، فهذا النموذج لا يمثل الطبقة المترفة فحسب، بينما كانت له حادثة شهيرة منذ عامين، حين شارك أحد زبائنه فاتورة الحساب الباهظة، واشتهر وقتها ما يُعرف بـ«البيض المدحرج» (بيض مسلوق ثم يُقلى في الزبد)، وصارت ضجة بسبب الأسعار المبالغ فيها، على الرغم من أن ما يقدمه المطعم على السحور يمكن أن تجده على أي عربة في شوارع القاهرة. لكن «رب ضارة نافعة»، فهذه الحادثة ساهمت في شهرة المطعم وهو ما دفع الزبائن للاصطفاف في انتظار السماح لهم بالدخول والاستمتاع بوجبة سحور فاخرة وسط أجواء رمضانية لا تختلف عن مطاعم الحسين وغيرها.
وعن وجبة السحور، يطلعنا هشام وهبة، العضو المنتدب للشركة السعودية لإدارة مطاعم «بلكونة»، وعضو مجلس إدارة غرفة المنشآت السياحية، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «المصريون لا يعرفون النوم خلال الشهر الفضيل، فمن الإفطار وحتى السحور وهم بانتظار أجواء من البهجة والاحتفال، ليس من خلال الأنوار والديكورات التي تعد لغة صامتة، لكن بالغة التأثير، بينما ما يُقدم لهم، وخاصة على السحور يجب أن يتميز بالمذاق الشهي والابتكار».
ويضيف «صحيح أننا نقدم الأشكال التقليدية من السحور المكون من الفول بكل أشكاله والفلافل والبيض وشرائح الجبن المصاحبة لمكعبات الطماطم، لكن نضع لمساتنا في الجودة والابتكار، قدمنا هذا العام على سبيل المثال فلافل على شكل أصابع محشوة بالبسطرمة، وهي وصفة ربما نتميز بها عن بقية المطاعم، فضلاً عن تقديم الزبادي المجهز يدوياً لإضفاء أجواء البيت المصري».
لا تعتمد المطاعم في مصر على قائمة الأطباق فحسب، بينما ثمة أجواء تحمل رسائل للعين واللاوعي، فحتى المطاعم الفاخرة مثلاً تقدم الأرجيلة التي اعتدنا رؤيتها في القاهرة على المقاهي، ويقول وهبة «الساعات من الإفطار إلى السحور هي متنفس الصائمين؛ لذلك، لا مانع من تقديم الأرجيلة والمشروبات الرمضانية حتى يأتي وقت السحور وتخرج الأطباق الشهية، وبين المبتكر والتقليدي يجد كل زبون ضالته، دون الحاجة إلى استقلال سيارته حتى وسط القاهرة، بينما يمكن أن يستمتع بعيداً عن الزحام».
صحيح أن وضع الوباء في مصر محموم، لا سيما بعد الإعلان عن الموجة الثالثة التي تتصاعد بلا هوادة، لكن المطاعم تحتضن زبائنها وسط إجراءات احترازية جادة، يدلل على ذلك وهبه قائلاً «المطعم فتح أبوابه للزبائن، لكن طبق شروط وزارة الصحة».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.