مثلت الصور التي وزعها مكتب القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني حسن إيرلو المنتحل صفة السفير في صنعاء، وهو يتفقد أعمال صيانة في أحد المستشفيات، دلائل جديدة على مدى سلطته، وأنه بات يتصرف، وفقاً لناشطين ومحللين يمنيين، بصفته «حاكماً فعلياً» للجماعة في صنعاء، خصوصاً أن زيارته المستشفى جرت دون وجود ممثلين من قادة الجماعة إلى جواره.
ويرى يمنيون أن الخطوة جاءت لتكشف عن أن إيرلو بات يتصرف على أنه المسؤول الأول في مناطق سيطرة الميليشيات، بعد أن كانت طهران تتحكم في القرار العسكري من خلال ضباطها الموجودين على الأرض وسياسياً من خلال ميليشيات «حزب الله» اللبناني.
الخبر الذي وزعه مكتب الجنرال إيرلو وأظهره كأنه رئيس حكومة يؤدي وظيفة اعتيادية، أورد أنه «قام بزيارة المستشفى الجمهوري بصنعاء وطاف رفقة مسؤولي المستشفى للاطلاع على العمل في قسم العمليات» وأن الزيارة أتت بعد تقديم إيراني مزعوم لترميم وصيانة قسم العمليات في المستشفى.
وفي حين يشهد القطاع الصحي في اليمن تدهوراً كبيراً في الخدمات ونقصاً في الأدوية والمحاليل الطبية، تتولى المنظمات الأممية واللجنة الدولية للصليب الأحمر إدارة كثير من المستشفيات في اليمن وتوفر لها الوقود والحوافز والأدوية، بينما هذه المرة الأولى التي تتحدث فيها إيران عن تقديم دعم من هذا النوع.
مصادر أخرى ذكرت أن القيادي في «الحرس الثوري» زار جرحى إيرانيين أصيبوا خلال المواجهات مع قوات الحكومة الشرعية في غرب مأرب؛ إذ إن الميليشيات ومنذ أعوام عدة خصصت «المستشفى الجمهوري» لمقاتليها، ومنعت استقبال أي مريض أو مصاب مدني، حتى في ظل وباء «كورونا» وإصابة المئات يومياً دون أن يجدوا مكاناً للعلاج ولا أن يستطيعوا دفع تكاليف المستشفيات الخاصة.
وفي حين تتكهن المصادر بأن خبر الزيارة جاء للتغطية على هذا الأمر، فإنه مع ذلك لا يقدم تبريراً مقنعاً لغياب أي ممثل عن حكومة الميليشيات إلى جوار إيرلو.
وإذا تأكد فعلاً أن إيران مولت ترميم قسم في المستشفى، فذلك سيكون أول دعم غير عسكري تقدمه لميليشيات الحوثي منذ بداية الحرب ليضاف إلى شحنة المياه التي قدمتها مع بداية الحرب وكانت محل سخرية اليمنيين بمن فيهم أنصار الجماعة الانقلابية.
ويقول أحد السياسيين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن إيرلو، إلى جانب لقاءاته شبه اليومية مع السياسيين وزعماء القبائل والمسؤولين في حكومة الميليشيات، يقوم بزيارة المؤسسات الحكومية ويناقش أوضاعها كأنه رئيس الحكومة، مضيفاً أن «النافذين والناشطين وحتى زعماء القبائل يلتقونه بشكل مستمر من أجل قضاء منفعة أو وساطة لدى أي مسؤول حوثي».
وفي مارس (آذار) الماضي، أحيا إيرلو ذكرى مصرع حسين الحوثي مؤسس الميليشيات الحوثية. وقال إن مشروعه «يرسم مسارات النهوض» ليجعل اليمنيين منخرطين فيما يسمى «محور المقاومة ومواجهة الاستكبار»، وهو المسمى الذي تقوده طهران ليضم أدواتها في المنطقة. كما لم تفته الإشارة إلى أن حسين الحوثي كان يعدّ «ثورة الخميني من أعظم الثورات»؛ وفق قوله.
وباستعراض سريع لمواقف القيادي في «الحرس الثوري» من دعوات السلام، سيتضح أنه الموجه في كل شيء، فعقب إطلاق المبادرة السعودية بشأن وقف الحرب في اليمن، رد المتحدث باسم ميليشيات الحوثي عبد السلام فليتة المعروف باسم محمد عبد السلام، مطالباً برفع القيود عن دخول سفن الوقود التابعة لشركته وقادة الميليشيات، وقال إن جماعته لا تقبل مقايضة ميناء الحديدة ومطار صنعاء بأي شروط عسكرية أو سياسية.
لكن بعد تصريحات فليتة بيوم واحد غرد إيرلو، وقال إن المبادرة المطلوبة هي وقف الحرب بشكل كامل، ورفع الحصار عن الحوثيين بشكل كامل، وسحب قوات التحالف، ووقف الدعم عن الشرعية. ولهذا عاد فليتة ليكرر مطالب إيرلو، عندما قال إن أي دعوة للسلام لا تعدها جماعته جادة ما لم تتضمن رفع الحصار عنها كلياً.
ومنذ تهريبه إلى صنعاء، حرص القيادي في «الحرس الثوري» إيرلو على التعامل على أنه صاحب السلطة المطلقة، حيث أشرف على إحياء الميليشيات الذكرى السنوية للحرب، واستخدم مقر وزارة الخارجية في صنعاء للقاء ممثلين عن منظمات دولية، فضلاً عن أنه يعلن مواقف سياسية من مختلف القضايا التي تخص اليمن، دون الحاجة لإحالة هذا الأمر إلى قيادة الميليشيات كي تحافظ على ادعائها بالاستقلالية.
تحركات إيرلو في صنعاء تدفع يمنيين إلى اتهامه بالسيطرة على قرارات الانقلابيين
تحركات إيرلو في صنعاء تدفع يمنيين إلى اتهامه بالسيطرة على قرارات الانقلابيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة