تركيا تتوافق مع ألمانيا على سحب «المرتزقة» من ليبيا... باستثناء قواتها

أكدت أنه «لا يحق لدولة ثالثة التدخل» في العلاقات الثنائية مع طرابلس

وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني في برلين أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني في برلين أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا تتوافق مع ألمانيا على سحب «المرتزقة» من ليبيا... باستثناء قواتها

وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني في برلين أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية التركي خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني في برلين أمس (أ.ف.ب)

أكدت تركيا توافقها مع ألمانيا حول ضرورة سحب «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا، لكنها شددت في الوقت ذاته على أن وجودها العسكري هناك «يأتي بموجب مذكرة تفاهم موقعة مع حكومة الوفاق الوطني السابقة»، برئاسة فائز السراج، و«وجوب احترام العلاقات الثنائية التي تربطها مع ليبيا».
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني هايكو ماس في برلين أمس، إن بلاده وألمانيا اتفقتا على ضرورة سحب المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، مؤكدا في الوقت ذاته ضرورة احترام الاتفاقية الثنائية بين أنقرة والحكومة الليبية. في إشارة إلى مذكرة التفاهم للتعاون العسكري والأمني، التي وقعها الرئيس رجب طيب إردوغان مع السراج في إسطنبول في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، والتي أرسلت تركيا بموجبها وحدات من قواتها إلى ليبيا، إلى جانب آلاف المرتزقة من الفصائل المسلحة الموالية لها في سوريا.
وقال جاويش أوغلو إن قوات بلاده في ليبيا «موجودة في ليبيا بموجب اتفاق مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة، وينبغي عدم الخلط بينها وبين (المرتزقة) الأجانب المتمركزين هناك». موضحا أن بلاده تقدم الدعم العسكري والاستشاري إلى ليبيا «بموجب اتفاقية بين دولتين لديهما سيادة»، وأكد في الوقت ذاته ضرورة دعم المسار السياسي المعلن في ليبيا.
وأضاف جاويش أوغلو موضحا أنه زار ليبيا الاثنين الماضي، لافتا إلى أهمية تقديم الدعم إلى حكومة الوحدة الوطنية الجديدة لتحضير ليبيا للانتخابات، وتلبية مطالب الشعب، ودعا مجددا إلى «عدم الخلط بين الوجود الشرعي في ليبيا وبين المقاتلين الإرهابيين الأجانب».
وتابع الوزير التركي موضحا: «هناك الكثير من المقاتلين الأجانب والمرتزقة في ليبيا، ونحن متفقون على ضرورة انسحابهم من هناك، لكن ليس من مصلحة ليبيا إنهاء الدعم الذي تحتاجه، كالتدريب العسكري والدعم الاستشاري، المقدمين من قبل تركيا بموجب اتفاقية بين الدولتين»، معتبرا أن «تدخل أطراف ثالثة في اتفاقيات ثنائية بين بلدين لن يكون نهجا صحيحا».
بدوره، أكد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس على مخرجات مؤتمر برلين، وفي مقدمتها خروج القوات الأجنبية من ليبيا، واصفا التقدم السياسي هناك بالمشجع. وأشار إلى أن تركيا حليف مهم ضمن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأن هناك شراكة مهمة بين ألمانيا وتركيا، وبخاصة في أفغانستان.
في السياق ذاته، ناقش الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اتصال مرئي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليل الأربعاء - الخميس، التطورات في ليبيا، وأكد أن بلاده «ستواصل دعم حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة من أجل استقرار ليبيا»، مشيرا إلى استعداد بلاده للتعاون مع ألمانيا في هذا السياق، بحسب بيان صادر عن الرئاسة التركية.
في السياق ذاته، قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن ميركل أبلغت إردوغان أن انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا «سيكون إشارة مهمة»، في وقت تعهدا فيه بدعم الحكومة الليبية المؤقتة في جهودها لتحسين توفير الإمدادات للسكان، والإعداد للانتخابات بحلول نهاية العام. وأضاف المتحدث أن ميركل أكدت أن البدء سريعاً في انسحاب الجنود الأجانب والمرتزقة سيرسل إشارة مهمة.
وتناولت تقارير أممية عديدة سابقة وجود «مرتزقة» روس وتشاديين وسودانيين وسوريين في ليبيا، إضافة إلى وحدات من الجيش التركي. وسبق أن أكد إردوغان أن تركيا ستبحث سحب قواتها من ليبيا إذا انسحبت القوات الأجنبية الأخرى أولاً. وقال إن أفراد القوات المسلحة التركية نُشروا في ليبيا «فقط من أجل تدريب الوحدات الموالية لحكومة الوفاق الوطني السابقة»، التي كانت تتخذ من طرابلس مقراً لها.
وتعددت مطالب الحكومة الليبية المؤقتة لتركيا بالمساعدة في سحب القوات الأجنبية و«المرتزقة»، حيث أعلنت وزير الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، في مؤتمر صحافي مع نظيرها التركي مولود جاويش أوغلو، عقب مباحثاتهما في طرابلس الاثنين، أن حكومتها كررت مطالبة تركيا بدعمها في إنهاء الوجود العسكري الأجنبي في ليبيا. لكن جاويش أوغلو شدد على ضرورة الالتزام بالاتفاهمات الموقعة مع حكومة السراج.
بدوره، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، خلال لقائه الثلاثاء مع الجنود الأتراك في طرابلس، أن الوجود العسكري التركي في ليبيا «سيستمر من أجل الحفاظ على مصالح الأشقاء الليبيين واستقرارهم، والحفاظ على مصالح بلاده في شرق البحر المتوسط»، مؤكدا أن هذا الوجود شرعي بموجب مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة السراج.
ولاحقا أكد رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، في مقابلة تلفزيونية أول من أمس، أن حكومته حريصة على تنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع تركيا، وفي مقدمتها مذكرتا التفاهم للتعاون العسكري والأمني، وترسيم الحدود البحرية.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.