شعر إبراهيم محمد (35 سنة) موظف بإحدى شركات القطاع الخاص، ومقيم بمنطقة فيصل بالجيزة (غرب القاهرة) أنّ الوقت يداهمه، فاتفق مع زوجته للذهاب إلى منطقة (وسط البلد) عقب تناول الإفطار لشراء ملابس العيد لابنتيه عقب صرف مرتبه الشهري، وبمجرد وصوله وهو وأسرته الصغيرة التي التزمت بارتداء الكمامات فوجئ بتفكير المئات من المواطنين في الأمر ذاته، وبعد مرور ساعتين قضاهما في البحث عما يناسب طفلتيه من ملابس ذات مواصفات وموديلات جديدة بين عدة محال، فوجئ مرة أخرى بتنبيه العاملين بضرورة الانصراف قبل الساعة الحادية عشرة مساءً، تنفيذاً لقرار السلطات الحكومية الذي يهدف إلى الحد من تفشي وباء «كورونا» في مصر، فعاد إبراهيم أدراجه، ولم يشتر أي قطعة على أمل العودة في يوم آخر مبكراً.
ورغم فشل إبراهيم في الشراء في تلك الليلة، فإن ثمة مواطنين تمكنوا من تحقيق هدفهم عبر مرات متتالية في النصف الأول من شهر رمضان، حيث كان الزحام أخف والبضائع أكثر تنوعاً، والاختيار أسهل.
وفي بداية شهر أبريل (نيسان) الماضي، أصدر اللواء محمود شعراوي وزير التنمية المحلية، قراراً بتطبيق المواعيد الصيفية تزامناً مع شهر رمضان، لتفتح المحال والمولات التجارية باستثناء المطاعم والكافيهات والبازارات من 7 صباحا، حتى 11 مساء، وزيادة التوقيت في يومي الخميس والجمعة، وفي أيام الإجازات والأعياد الرسمية للدولة، لتغلق 12 منتصف الليل.
ورصدت «الشرق الأوسط» عبر جولتها بمنطقة وسط القاهرة تجاهل مئات المصريين للإجراءات الاحترازية المرتبطة بوباء «كورونا»، رغم تزايد عدد الإصابات والوفيات به أخيراً بالبلاد، وتتركز ساعات الزحام عقب أذان العشاء، حيث يتسابق المئات والآلاف فيما بينهم خلال 3 ساعات فقط لشراء ملابس العيد، وفق عطية محمود (45 سنة) بائع بمحل ملابس أطفال بشارع محمد فريد بوسط القاهرة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «ارتفاع درجات الحرارة إلى ما يقرب من 40 درجة مئوية نهاراً، مع الصيام، يجبر الكثير من الأسر على النزول من بيوتهم عقب الإفطار مساءً، ومعظمهم يأتون من أماكن وأحياء بعيدة عن وسط القاهرة عبر محطات المترو المحيطة بالمنطقة، لذلك تتكدس المحال والعلامات التجارية بالمشترين».
وبسؤال عطية، عن عدم ارتدائه الكمامة داخل المحل رغم التحذيرات المتكررة من ذروة الموجة الثالثة: «أخرج من جيبه اثنتين منها، قائلاً: لا يمكنني ارتداؤها طوال 14 ساعة يومياً لا سيما أنني لا أحبها تماماً خصوصاً في الأجواء الحارة».
وتتراوح أسعار ملابس الخروج الجديدة للأطفال في المحال المصرية ما بين 150 جنيهاً، وحتى 900 جنيه للقطعة الواحدة (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري)، ويشكو الآباء والأمهات من ارتفاع أسعار هذه الملابس بالعيد التي تتفوق على أسعار ملابس الكبار، فبينما يبلغ متوسط سعر الجاكيت الرجالي أو الفستان نحو 350 أو 400 جنيه، فإن أسعار بعض فساتين وبدل الأطفال تتجاوز في بعض المحال 900 جنيه.
وحذر الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمواجهة فيروس «كورونا»، بمصر من تجاهل تطبيق الإجراءات الاحترازية قائلاً: «ما زلنا في حرب ضارية مع فيروس (كورونا)... وخير أنواع العلاج الوقاية»، مضيفاً في مداخلة تلفزيونية مساء أول من أمس: «في الآونة الأخيرة فقدنا بعض الحذر»، وشدد على أن «الموجة الثالثة أشد الموجات التي مرت بها مصر، بعدما حدث تغير في شكل الأعراض، حيث بدأ ارتفاع درجة حرارة الجسم يستمر لفترات أطول».
وتابع: «فيروس (كورونا) ليس فيروسا صدريا فقط، ولكنه من الممكن أن يصيب المخ والقلب والكلى والجهاز الهضمي والكبد»، مشيراً إلى أن «أي فيروس يصيب الجهاز التنفسي العلوي يؤدي إلى حدوث خلل في السمع وليس فقد حاسة السمع، إضافة إلى فقدان حاسة الشم والتذوق ورشح خلف طبلة الأذن».
وتعد منطقة (وسط البلد) والعتبة وشارع شبرا، من الوجهات المفضلة لعشرات الآلاف من المصريين لشراء الملابس وخصوصا في المناسبات والأعياد، وتشير فاطمة السيد، 24 عاماً بائعة بمحل أحذية بشارع 26 يوليو إلى أن الموسم الجاري كان من بين المواسم الأكثر زحاماً رغم «كورونا»، بسبب قرب اقتران عيد الفطر المبارك مع عيد القيامة، حيث لم يفصل بينهما سوى نحو 10 أيام فقط، إذ يتقاسم المسلمون والمسيحيون المصريون عادة شراء (ملابس العيد)».
وسجلت مصر مساء أول من أمس، 1032 حالة إصابة بفيروس «كورونا»، بجانب 63 حالة وفاة، ليصل إجمالي عدد الإصابات المعلنة في مصر منذ العام الماضي إلى نحو 230 ألف حالة، بينما اقترب إجمالي عدد الوفيات جراء الفيروس من 13 ألفا وخمسمائة حالة.
ويحذر الدكتور عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للصحة والوقاية، من تزايد الإصابات العائلية بالفيروس أخيراً، قائلاً في مداخلة تلفزيونية: «هناك عائلات تصاب بالكامل عن طريق أحد أفرادها الذي ينقل العدوى من الخارج».
مصريون يتجاهلون «تصاعد كورونا» من أجل «ملابس العيد»
غياب للاحترازات وتكدس للمشترين وسط القاهرة
مصريون يتجاهلون «تصاعد كورونا» من أجل «ملابس العيد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة