العبث برواية توم كلانسي... {بلا ندم}

انقلب الأبيض إلى أسود وفيتنام صارت روسيا

المخرج سوليما مع مايكل ب. جوردان وقت التصوير
المخرج سوليما مع مايكل ب. جوردان وقت التصوير
TT

العبث برواية توم كلانسي... {بلا ندم}

المخرج سوليما مع مايكل ب. جوردان وقت التصوير
المخرج سوليما مع مايكل ب. جوردان وقت التصوير

يحمل الفيلم الجديد «بلا ندم لتوم كلانسي» (Tom Clancy‪’‬s Without Remorse) اسم الكاتب توم كلانسي في العنوان، لكنه لا يمت على نحو شبه مطلق لروايته الصادرة سنة 1993. كلانسي لن يعترض لأنه توفي سنة 2013. لكن من قرأ تلك الرواية سيدرك الباع الشاسع بين الأصل وبين الفيلم المعروض.
الفيلم من إنتاج «أمازون ستديوز» ويعرض عبر بثّها المباشر للمشتركين حول العالم. كانت اشترت الحقوق قبل نحو عامين بعدما فشلت محاولات إنتاجه سابقاً. ليس أن هوليوود لم تسارع لشراء حقوق رواية كلانسي، بل ابتاعتها بمليونين و500 ألف دولار (رقم عالِ في ذلك الحين، لكن المشروع دخل مراحل إنتاجية غير مكتملة منذ 2006 قبل أن يقع بين يدي شركة أمازون التي طلبت من ستيفانو سوليما (ابن المخرج الإيطالي الراحل سيرجيو سوليما) إخراجه.

الرواية السابعة
«بلا ندم» - الفيلم يختلف كثيراً عن الرواية التي وضعها كلانسي كسابع إصدار له في سلسلة أعماله. يبدأ الفيلم هنا بمعركة شديدة الوطأة بين قوات أميركية خاصة تداهم مقراً عسكرياً في مدينة حلب سنة 2013 لإنقاذ رهينة أميركية. المعلومات المتوفرة عن العملية هي أن على الجيش الأميركي، الذي يتضمن جون كَلي (يؤديه بلا براعة خاصة مايكل ب. جوردان) ورئيسته المباشرة كارن (جودي تيرنر - سميث) وخمسة جنود آخرين يسقط أحدهم قتيلاً ويعود الآخرون إلى الولايات المتحدة سالمين ومعهم الأميركي المحتجز. لكن ما تم اكتشافه خلال العملية هي أن المقاومة التي واجهوها لم تكن سورية بل روسية.
تمر ثلاثة أشهر وها هو جون كَلى يعيش حياة سعيدة مع زوجته الحامل. غير مدرك أن اثنين من رفاقه قُتلا عمداً على أيدي مجهولين تابعين لمجموعة تنفيذ اغتيالات روسية. الدور سريعاً ما يصل إليه وها هي زوجته الحامل تُقتل وهو يُصاب ويُنقل إلى المستشفى.
كل هذا يقع في ربع الساعة الأولى يستوي خلالها الفيلم على طريق الغرام والانتقام. حبه لزوجته يفرض عليه الانتقام من قتلتها والمهمة تأخذه (في نحو ساعة وربع) من مقر وكالة المخابرات الأميركية والبنتاغون إلى مدينة مرمرسك الروسية، حيث تقع المنازلة الأخيرة. سيبلي جون كَلي بلاء حسناً لكنه سينجو لأن جون كَلي سيصبح جاك رايان، عميل الـ«سي آي إيه» للمهام الخاصّة، في روايات توم كلانسي الأخرى.
رواية كلانسي السابعة كانت عودة على بدء بالنسبة لرواياته الأولى في هذا المضمار. أول تلك الروايات كانت «صيد أكتوبر الأحمر» الرواية التي قام (المختفي) جون مكتيرنن بتحقيقها فيلماً سنة 1990 من بطولة أليك بولدوين في دور جاك رايان. بذلك، وبوضوح، تنتقل رواية «بلا ندم» لما قبل التسعينات لتؤسس كيف أصبح جون كَلي عميلاً باسم جاك رايان.
في هذا الشأن، ولمن لم يُشاهد سابقاً أي من أفلام سلسلة جاك رايان هذه (انتقل الدور لهاريسون فورد ثلاث مرّات) لا بد من التذكير بأن كَلي- رايان هو شخصية بيضاء. لكن كَلي الآيل مستقبلاً ليحمل اسم جاك رايان في «بلا ندم» هو شخصية سوداء (أفرو - أميركية).
هذا يقلب المعادلة بأسرها. كلانسي ربما لم يكن عنصرياً لكنه كان يمينياً محافظاً واختار شخصية بطل أبيض ومنحه كل المهارة والفطنة التي يحتاجها رجل في مثل مهامه. في الفيلم الحالي، تم تغيير البطل إلى أفرو أميركي لكي يستفيد الفيلم من صعود نجم مايكل ب. جوردان. ثم لتغيير الطاقم من حوله كما يحلو للسيناريو الذي شارك فيه اثنان هما تايلور شريدان («جحيم أو طوفان» سابقاً) و(الجديد) ول ستابلز.
لكن هذا التغيير ليس الوحيد ولا هو الأول في الأهمية وحده.
رواية توم كلانسي، لكي تمنح شخصية جاك رايان حضورها التاريخي، دارت أحداثها في عام 1970. قبل نحو أربعين سنة من بدء الحرب في سوريا. وقتلة المرأة التي أحب هم عصابة مخدرات أميركية لكن الأوامر تصدر إليه بالتوجه إلى فيتنام لإنقاذ أميركي من براثن الأعداء كما الحال مع رامبو في ثاني أفلامه («دم أول» 2).

تعارض مواقف
ما يقوم به الفيلم، تبعاً لهذا التغيير، هو وضع الحكاية في أجيج حرب المصالح العسكرية والباردة بين الولايات المتحدة وروسيا مع فتح خيوط على عملاء محتملين في الـ«سي آي إيه» وربما سواه. في ذلك يمشي الفيلم في ركب أعمال كلانسي الأخرى التي دارت في ركب تلك الحرب الباردة وعزّزها دوماً بالمعلومات التقنية التي تلزم الكاتب المنصرف، بجل جديَّة، لوضع كتب تشويقية ناجحة. ليس إنه لم يكتب روايات لا علاقة لها بالروس، لكن تلك التي لها علاقة ميّزته بين أترابه كاتباً أول.
بطل الفيلم شخصية تعاني من أنها أمّت حرباً لم ترغب الإدارة الأميركية ربحها!. هذا بدوره مبدأ رامبو المعلن في نهاية الفيلم الأول من «رامبو» الذي يحمل حسنات لا نراها ماثلة هنا. طبعاً يجسّد جوردان هذا القدر من الثورة التي تعتمر نفسيته جيداً، لكن إخراج سوليما لا يرغب في دراسة شخصية ولا حتى وطنية، بل في تنفيذ سلسلة من فصول الأكشن بعضها جيد التنفيذ (وهذا لم يعد ميزة) وبعضها الآخر استرسال يحمل كل التوقعات التي ينتظرها المرء من معارك فئة قليلة تغلب فئة كثيرة.
أحد تلك المشاهد الجيدة هو إسقاط الطائرة الأميركية التي حملت كَلي وفريقه حال اقترابها من البحر الأسود. الروس حذّروها ثم أطلقوا عليها النار فسقطت في اليم. من المفترض أن يغرق الجميع (إذا ما انفجرت بهم الطائرة أساساً) لكن لو فعلوا لانتهى الفيلم باكراً.
في واقعه كل ما نراه في الساعة الأخيرة من الفيلم يعيش في خانة التوقعات. سوليما استجاب فقط لرغبته تحقيق فيلم أكشن قد يكون مؤلّفه السندباد البحري أو صاحب إحدى صالات السينما في منطقة وستوود فيلاج لا فرق.
ضع هذا أمام أعمال كلانسي السابقة المترجمة إلى أفلام نجد أن المحذوف هنا هو أكثر مما يتوخاه معجبو السلسلة.
في «صيد أكتوبر الأحمر» (1990) حافظ المخرج جون مكتيرنن على السؤال المحوري الوارد في رواية توم كلانسي: هل تلك الغواصة الروسية المتجهة صوب الشواطئ الأميركية (بقيادة شون كونيري) تطلب اللجوء فعلاً كما يقول قائدها، أم هي خدعة تمهيداً لضربة عسكرية؟
جاك رايان هناك (كما أداه جيداً أليك بولدوين) يواجه تعنت المخابرات المركزية في الاستجابة لشكوكه من أن هناك لعبة خفية قد تنفجر في وجه الأميركيين إذا صدقوا ادعاء قائد الغواصة وسمحوا للغواصة بالاقتراب من السواحل. سواه يفكر في المكاسب الكبيرة التي ستتحقق إعلامياً وسياسياً وعسكرياً (غواصة روسية بين يدي الخبراء الأميركيين فوزاً ساحقاً). ليس لدى رايان هنا أي دليل على حدسه بأن في الأمر خديعة، لكنه على حق من دون أن يسارع الفيلم إلى إظهار ذلك.
بعد عامين قام مخرج جيد آخر، هو فيليب نويس، بتحقيق «ألعاب وطنية» تنتقل المواجهة لتصبح بين أميركيين (بقيادة هاريسون فورد في دور جاك رايان) وعصبة من منظمة «جيش التحرير الآيرلندي» (يقودها الجيد شون بين). هذا الفيلم ليس بجودة الفيلم السابق، لكنه يستفيد من خبرة المخرج في حماية الأصل الروائي وتقديم قراءة فيلمية ناجحة وأمينة. جاك رايان مع عائلته في لندن يكتشف وجود عمل إرهابي. ينقذ حياة بشر. يعود إلى الولايات المتحدة وفي أعقابه آيرلنديون يطلبون دماءه.
في الفيلم الثالث «خطر واضح وآني» (Clear and Present Danger) الذي أنجزه أيضاً فيليب نويس (1994) تتحول البوصلة إلى عصابات المخدرات اللاتينية. يتحرك رايان (فورد) لمجابهتها في عقر دارها، لكن الكورتل اللاتيني لا تقل مهارة عن الجيش المنظم. طبعاً سينتصر رايان على العصابة الأم. ستختطف العصابة رهينة وسيكون على رايان إنقاذ الرهينة من الأسر وتدمير الأعداء.
ما يجمع بين هذه الأفلام الثلاثة هو أناة المخرجين وصبرهم وقدرتهم على لوي المشاهد المتوقعة لكي تبدو جديدة وغير مسبوقة (على صعوبة ذلك). الرغبة في منح سينما التشويق المادة الأدبية المتوفرة في الكتاب (بصرف النظر عن دوافعها السياسية) ما تستحقه. هذا كله يخالف ما يرد في فيلم سوليما المنشغل بمشاهد الإثارة الحسية وحدها: بطل ذو عضلات ومهارات (يقاتل بفنون الشرق ويجيد استخدام كل سلاح آخر)، يتسلح بحقه في الانتقام، وفي غمار ذلك يكشف بعض ما كان خفياً من أسرار العلاقة بين القتلة وجيوبهم الأميركية.
الفيلم بلا خصوصية. لا محاولة للتميز بل الكثير مما يشبه ما يرد في أفلام بميزانيات أقل. مشاهد القتال تتوالى ومعها موسيقى هادرة (وضعها جون ثور بيرغيسن) وتصوير غير لامع (لفيليب روسلوت) يتعامل مع المشاهد الداكنة بلا تمييز. بعد ربع ساعة الأولى تدرك أن الإنتاج لا يرغب في توم كلانسي إلا من باب الترويج وإنه اكتفى بالحركة ورمى الباقي وغير في التواريخ والأماكن إنما من دون أن يمنحها الحضور الدرامي الصحيح. بعد ربع ساعة أخرى تدرك أن الفيلم هبط من مرتبة الفيلم الذي يمكن تحمله إلى عداد الأفلام التي لا أمل يُرجى لها.


مقالات ذات صلة

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

سينما المخرج إيستوود مع نيكولاس هاولت (وورنر)

كلينت إيستوود ناقد السُلطات والباحث عن عدالة غائبة

ماذا تفعل لو أنك اكتشفت أن الشخص المتهم بجريمة قتل بريء، لكنك لا تستطيع إنقاذه لأنك أنت من ارتكبها؟ لو اعترفت لبرّأت المتهم لكنك ستحلّ مكانه في السجن

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
سينما من «الفستان الأبيض» (أفلام محمد حفظي)

شاشة الناقد: دراما نسوية

في فن صنع الأفلام ليس ضرورياً أن يتقن المخرج الواقع إذا ما كان يتعامل مع قصّة مؤلّفة وخيالية.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز)
يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».