«كوفيد ـ 25»... مشاهد افتراضية مستلهمة من «كابوس الجائحة»

الفنان المصري يوسف الشريف
الفنان المصري يوسف الشريف
TT

«كوفيد ـ 25»... مشاهد افتراضية مستلهمة من «كابوس الجائحة»

الفنان المصري يوسف الشريف
الفنان المصري يوسف الشريف

واكبت الحلقات الأولى من عرض مسلسل «كوفيد – 25» للفنان المصري يوسف الشريف حالة من الجدل الواسع، ما جعله يتصدر «ترند» موقع «تويتر» قبل أيام، بعدما كشفت الحلقات منذ بداياتها عن لغز فيروس جديد يضرب العالم ويصيبه بالجنون.
تدور أحداث المسلسل في سياق درامي افتراضي، يتخيل العالم وقد تعافى من «كوفيد – 19» ليدخل في نفق كابوس جديد وهو «كوفيد – 25»، يظهر الدكتور ياسين المصري في أول مشاهد المسلسل، وهو يُحذر متابعيه في بث حي على صفحته الشخصية من ظاهرة جديدة بدأت تسود العالم.
وتبدأ أحداث المسلسل في الربط بين الحدث العالمي الجديد، وهو انتشار هذا الفيروس الغامض، وبين الخلفيات الذاتية للبطل، الذي فقد ابنه خلال وباء كورونا، وترك عمله كجراح مخ وأعصاب بعد خطأ طبي، فتتأثر حياته المهنية والأسرية على السواء، ويتفرغ بعدها لفيديوهات «يوتيوب»، ليُصبح أحد «المؤثرين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتعرض لتنمر عدد كبير من المتابعين بعد اتهامه بالسعي وراء «الترند» بفيديوهاته وادعاءاته بأن هناك فيروساً جديداً.
ومسلسل «كوفيد – 25» من بطولة الفنان يوسف الشريف، وآيتن عامر، وإدوارد، وأمير صلاح الدين، وهو من تأليف إنجي علاء، زوجة الفنان يوسف الشريف، وإخراج أحمد جلال، وإنتاج تامر مرسي، وبدأ عرض المسلسل مع بداية النصف الثاني من شهر رمضان الكريم، حيث يبلغ عدد حلقاته 15 حلقة فقط.
يتحدث المسلسل عن فيروس «كورونا» وتبعاته بلغة الماضي، باعتباره «فيروساً» مر على العالم وانقضى، إلا أنه يُدخل المشاهدين في كابوس جديد وهو «كوفيد – 25» عبر مشاهد مُتخيلة مخيفة لأطفال وسيدات ورجال أصيبوا بتلف عصبي كامل، وفقدوا سيطرتهم على حركتهم وبدأوا في إشاعة الهلع في محيطهم، كأن يُضرموا حرائق، أو يتسببوا في قتل مرضى، أو كما ظهر في مشهد طويل لطائرة يفقد قائدها القدرة على قيادتها بعد إصابته بعدوى الفيروس، ليكتشف بطل المسلسل أن عدوى الفيروس تنتقل عبر النظر في عين أي مُصاب بالفيروس، عبر الطاقة الكهرومغناطيسية الصادرة عنها، ليدعو كل من يُقابله لاتباع «الإجراءات الاحترازية» بارتداء نظارات أو تغطية العين بأي شيء منعا لانتشار العدوى، و«عزل» المصابين و«المُخالطين»، ولعل هذا المنحى الذي يستعير الكثير من مفردات وباء «كورونا» الذي ما زلنا نعيش أيامه، أسهم في زيادة الانتقادات للمسلسل، لا سيما أنه يُذاع في وقت لم يتعافَ فيه العالم بعد من ذعر «كورونا» ولا تبعاته، ليأتي هذا المسلسل لينذر بوباء جديد.
ويرى الناقد الفني المصري أندرو محسن، أن الفكرة التي يطرحها المسلسل بهذه الصورة «متواضعة وغير مقنعة بما يكفي»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «من المفترض أن أحداث المسلسل تدور عام 2025. أي بعد أربعة أعوام من الآن، ونحن لا نزال نعاني من أحداث الجائحة التي ترجح معظم المؤشرات أنها مستمرة معنا على الأقل لسنة مقبلة، ما يعني أن الخيال الذي يبنيه المسلسل يفترض انتهاء جائحة كورونا وأنها صارت من الماضي، وهذا بعيد تماماً عن المنطق»، ويضيف أندرو: «كان يمكن التفاعل مع خيال المسلسل إذا لم نكن نمر بجائحة فعلاً، وكان الوباء الذي يتحدث عنه المسلسل وقع بعد سنوات طويلة من انتهاء جائحة كورونا تماماً، أو حتى قبل حدوث كورونا من الأساس، لكن تقديمه بهذه الصورة يجعل فكرة المسلسل أقرب للاستسهال، والمُتاجرة باسم فيروس (كوفيد - 19) الذي يشغل الجميع، ونعيشه جميعاً، علاوة على أن كلمة كوفيد تُطلق على فيروس يصيب الجهاز التنفسي بشكل أساسي، وليس كما يُحيل العنوان لفيروس يُصيب المخ، ما يُرجح أنه يستغل اسم الوباء الحالي ويُتاجر به من أجل تحقيق شعبية».
كما ينتقد أندرو محسن الاستغراق في استخدام التفاصيل العلمية والطبية في المسلسل كالحديث عن العدوى بالطاقة الكهرومغناطيسية، أو الإحالة لجدل تحضير الفيروسات المعملية، وغيرها من التفاصيل التي لا يوجد لها داعٍ درامي: «في فيلم (العمى) المأخوذ عن رواية جوزيه ساراماغو، على سبيل المثال، انشغل العمل بالحالة السوداوية التي تسبب فيها عمى السكان جميعاً، دون أن يتورط في تسمية أسباب طبية وعلمية وراء ذلك، فيما تورط المسلسل هنا في الكثير من التفاصيل الطبية والعلمية التي بدت ساذجة وغير منطقية».
ويشير الناقد المصري إلى أن أعمال الفنان يوسف الشريف تكررت فيها فكرة الاقتباس من أعمال أجنبية: «عادة تكون أفكار تم تناولها، وتقوم أعماله بإعادة معالجتها بحيث تبدو كفكرة جديدة، كما في مسلسل (كوفيد – 25) الذي ثمة ربط بينه وبين عدد من الأعمال التي تناولت فكرة الفيروسات الغامضة، والعدوى التي تنتقل عبر العيون، كما في فيلمي (بيرد بوكس) و(ذا هابينينج)».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».