نشاط صناع الدراما في «السوشيال ميديا» يُقلق الصحافة الفنية

نشاط صناع الدراما في «السوشيال ميديا» يُقلق الصحافة الفنية
TT

نشاط صناع الدراما في «السوشيال ميديا» يُقلق الصحافة الفنية

نشاط صناع الدراما في «السوشيال ميديا» يُقلق الصحافة الفنية

ازداد خلال الفترة الأخيرة استخدام الفنانين وصُناع الدراما لحساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، في الترويج لأعمالهم، ونشر أخبارهم، ما دفع المشتغلين بالصحافة والإعلام الفني إلى نقل بعض أخبار الفن والدراما من هذه الصفحات.
وحقاً، نجد الآن أخباراً من قبيل نشر الفنان على حسابه الشخصي صورة من عمل جديد مثلاً، أو أن ثمة خلافاً بينه وبين فنان آخر أو شركة إنتاج. بل إن عدداً من مواقع التواصل كانت سبباً في كشف خلافات بين الفنانين في بعض الأعمال الدرامية خلال رمضان، وتحوّلت إلى ساحة للسجال بين الفنانين، نقلت عنها المواقع الإلكترونية والصحف ووسائل الإعلام، وبذا غدت الحسابات الشخصية لصُناع الدراما مصدراً للأخبار، وسط تساؤل حول تهديد هذه الحسابات لعمل الصحافة والإعلام الفني؟
خبراء وإعلاميون أكدوا أهمية مواقع التواصل في الترويج للأعمال الدرامية والفنانين، لكنهم يتخوفون في الوقت نفسه من تأثير ذلك على الصحافة الفنية. في حين رأى فنانون أن لكل وسيلة دورها، ولا يمكن الاستغناء عن الصحافة والإعلام الفني.
الفنان والممثل الكويتي طارق العلي، الذي يمتلك حساباً على «إنستغرام» يتابعه 2.8 مليون متابع، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مواقع التواصل شيء حديث لا بد من التعامل معه، فهي وسيلة للتفاعل مع الجمهور؛ لكنّ هذا لا يُغني عن الصحافة والإعلام الفني». في حين رأت الناقدة الصحافية المصرية نجلاء أبو النجا خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «الصحافة الفنية تعاني... وأن التواصل المباشر مع الفنان أصبح قليلاً، لأنه يفضل التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، التي صارت المكان المفضل لصُناع الدراما لنشر أخبارهم».
محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في مواقع التواصل وتكنولوجيا المعلومات، يعتقد من جانبه أن «اعتماد الفنانين على السوشيال ميديا نابع من رغبتهم في أن يكونوا موجودين في سوق الفن والدراما»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «منتجي الدراما أصبحوا يقيّمون الفنانين بعدد متابعيهم على مواقع التواصل، وهو ما عزّز من المفهوم الخاطئ لمواقع التواصل عند الفنانين أنفسهم، فزاد اهتمامهم بجمع المتابعين، وعلامات الإعجاب. وهكذا، غدت هذه المواقع والحسابات الشخصية منصة دعائية للأعمال الدرامية، إما بتكليف من منتج العمل لدى البعض، وإما لاقتناع البعض الآخر بأن تأثيرها أكبر من تأثير الإعلام الفني، الذي تراجع دوره في الفترة الأخيرة».
جدير بالذكر أن الممثلة الأميركية ماغي بيرا، المقيمة في نيويورك، ومؤسسة موقع «أكتور آيسثيتيك Actor Aesthetic» التعليمي المتخصص في الفن، نشرت خلال مايو (أيار) الماضي، تقريراً حول أهمية «السوشيال ميديا» للفنانين. وذكرت في التقرير أن «اعتماد الفنانين والمخرجين والمنتجين وكتاب الدراما على مواقع التواصل الاجتماعي بات أكبر من أي وقت مضى، والنتيجة ممتازة». وأشارت إلى أنه «عندما يرغب مخرج أو منتج في العمل مع ممثل بعينه، فأول ما يفعله، هو البحث عن اسمه على محرك البحث (غوغل). ولأن حسابات التواصل الاجتماعي عادةً ما تكون النتيجة الأولى في عملية البحث، بات لزاماً على الفنان أن يهتم بها لبناء اسمه».
هذا ما يؤكده أيضاً خبراء موقع «باك ستيدج»، وهو موقع أميركي تأسس عام 1960 كساحة لتوظيف الفنانين. وقال مخرج «الكاستتينغ» بينتون وايتلي، في تقرير نشره الموقع في يوليو (تموز) الماضي، إنه «عندما يأتي إليَّ ممثل لم أكن قد التقيته من قبل، فأول ما أفعله هو وضع اسمه على محرك البحث وعلى (فيسبوك)، كي أعرف عنه أكثر. فمواقع التواصل هي الوسيلة التي يسوّق بها الممثل والفنان نفسه الآن».
عودة إلى محمد فتحي الذي يرى أن «ثقافة الترند أسهمت بشكل كبير في حالة الضعف التي يعاني منها الإعلام الفني»، ويشير إلى أن «الفنانين وصُناع الدراما باتوا يلجأون لإثارة الجدل أملاً في لفت انتباه وسائل الإعلام، التي تلهث خلف الترند. وهكذا غابت الأخبار الحصرية، واعتمدت الصحافة على أخبار وبيانات تصدر عن شركات العلاقات العامة والإنتاج، التي بدورها تحدد متى يتحدث الفنانون وصُناع الدراما للصحف، ولأي وسيلة إعلامية يتحدثون؟».
ووفق فتحي فإن «الصحافة الفنية استسلمت لرغبات المنتجين والبيانات الإعلامية، في حين لجأ الفنانون إلى السوشيال ميديا باعتبار أن لها تأثيراً أكبر من المواقع الإخبارية، وبناءً عليه صار الفنان لا يحتاج إلى الصحافة بشكل عام إلا كـ(نافذة شيك) حال تراجع عمله الفني، أو في حال كونه غير مهتم بمواقع التواصل، ومعظم هؤلاء من الجيل القديم».
بدورها تقول نجلاء أبو النجا إن «الفنانين وصُناع الدراما هم السبب، لأنهم يعتمدون بشكل مباشر على مواقع التواصل، للترويج لأعمالهم خصوصاً في شهر رمضان... وكل ما يثير اهتمامهم هو حشد المتابعين على هذه المواقع، من خلال صور وتصريحات و(كوميكس)، بالتعاون مع شركات متخصّصة في السوشيال ميديا، كي يبقوا موجودين، ويظلوا حديث الناس، سواءً سلباً أو إيجاباً، فالمهم أن يتحوّل الفنان إلى (ترند) يتحدث عنه الناس».
وحسب أبو النجا فإن «الوجود على هذه المواقع صار معيار النجاح، ومن خلاله يصار إلى تقييم الأعمال الدرامية، وارتفاع نسب المشاهدة». ثم تتابع: «إن اعتماد الفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي أضرّ بالصحافة الفنية، وبجودة المحتوى الجاري تقديمه، فلم يعد الفنان يهتم بجودة ما يقدم بقدر حرصه على أن يكون مثار حديث الناس على مواقع التواصل ومحرّكات البحث».
غير أن طارق العلي يرى أن «لكل وسيلة دورها»، موضحاً أن «حسابه على مواقع التواصل حساب شخصي، ويخصه، ومهما بلغ عدد متابعيه فهو في النهاية لن يكون بحجم وعدد متابعي الصحف ووسائل الإعلام». ويشدد على أن «جمهور وسائل الإعلام متنوع، وهو ما يتيح للفنان الوصول إلى شريحة من الناس أكبر من تلك التي تصل إليها حسابات مواقع التواصل الاجتماعي».
هذا، وكانت مواقع التواصل خلال شهر رمضان ساحة للتلاسن والتراشق والخلافات بين بعض الفنانين، من بينهم نجوم عمل مسلسل «وكل ما نفترق» حيث كشفت مواقع التواصل عن خلاف بين نجمتي المسلسل ريهام حجام وأيتن عامر، والشيء نفسه حدث مع أعمال درامية أخرى مثل مسلسل «كله بالحب» حين هاجم الفنان أحمد السعدني على حسابه الشخصي زميلته في العمل الفنانة زينة، لتصدّرها «برومو» الدعاية للمسلسل.
أبو النجا في تعليق لها على الوضع الحالي، تصفه بأنه «مأساة فنية»، موضحة أن «الفنان يكتفي بالظهور لايف على حسابه الشخصي ومخاطبة الجمهور بشكل مباشر... وهو ما يزيد من نسب مشاهدة أعماله، ويجعله يكسب المزيد من المال، ولا يلجأ إلى الإعلام إلا من خلال حوارات يسعى من خلالها لنقل وجهة نظر معينة في موضوع ما». ولذا فهي تطالب بـ«تقنين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وبأن يركز الفنان على جودة المحتوى الذي يقدمه، ويدرك أن السوشيال ميديا ليست المعيار الحقيقي للتقييم... بل هي مجرد أداة إعلانية في يده». وفي هذا السياق، سبق أن اضطر بعض النجوم إلى إغلاق حساباتهم الشخصية هرباً من نقد الجمهور، من بينهم المطربة المصرية شيرين عبد الوهاب، والفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، ثم أعادوا فتحها مرة أخرى.
وفق فتحي «يختلف استخدام مواقع التواصل من فنان لآخر، فبعضهم يستخدمها بمنتهى الحرفية للترويج لأعمالهم والتواصل مع الجمهور، كي يكسب جمهوراً حقيقياً إضافياً بعيداً عن المنشورات المعلبة أو الموجهة أو الإعلانية المدفوعة، بينما يستخدمها آخرون بشكل سلبي، ما يؤدي لموجات متتالية من هجوم الجمهور عليه».
وبالنسبة لطارق العلي فإنه يستخدم حسابه على «إنستغرام» في نشر ألبوم صوره الشخصية، على حد تعبيره، وقد ينشر صورة من عمل جديد؛ لكنه في النهاية يلجأ لنشر أخباره عبر وسائل الإعلام التقليدية، خصوصاً الصحف. ثم يوضح: «لا يمكن الاستغناء عن الصحف، ومن ليس له أول، ليس له آخر... وحتى إن أخذت مواقع التواصل حيزاً كبيراً في الآونة الأخيرة، فهي تظل حسابات شخصية لا تصل إلى كل الجمهور».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.