وزير الخارجية الفرنسي يحصر لقاءاته في بيروت مع عون وبري

TT

وزير الخارجية الفرنسي يحصر لقاءاته في بيروت مع عون وبري

فوجئ الوسط السياسي في لبنان بموقف فرنسي لافت وغير مألوف، تمثّل في حصر لقاءات وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان في زيارته لبيروت، التي تبدأ مساء بعد غد (الأربعاء)، وتستمر يومين، بكل من رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، دون الآخرين المعنيين بتأليف الحكومة الجديدة، وأولهم الرئيس المكلف بتشكيلها سعد الحريري، من دون أن يجد من استثناهم من لقاءاته أي تفسير رسمي من قبل السفارة الفرنسية في بيروت التي كانت تواصلت مساء الجمعة الماضي مع عون وبري، واتفقت معهما على تحديد موعدين منفصلين لهما.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية معنية بتشكيل الحكومة التي تعثّر تشكيلها بعد أن اصطدمت بحائط مسدود من جراء انقطاع التواصل بين عون والحريري، بأن الخطوة الفرنسية قوبلت باستغراب وأحدثت صدمة سلبية بغياب أي تفسير فرنسي لتبرير استثناء أبرز المكوّنات السياسية من لقاءات لودريان في بيروت؛ خصوصاً أنها تتعارض مع الاندفاع الفرنسي الضاغط لتذليل العقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة، إضافة إلى أن هذه الخطوة تنم عن إصرار فرنسي على المساواة بين من يسهّل تشكيلها وبين من يرفع شروطه التي لا تزال تعيق ولادتها.
ولفتت المصادر السياسية إلى أن باريس، في حال لم يبادر لودريان إلى إعادة النظر في قراره باتجاه توسيع رقعة المشاورات لتأمين الشروط لتسريع ولادة الحكومة، قررت أن تضع المعرقلين والمسهّلين لتشكيلها في سلة واحدة مع أنها بادرت إلى خرق معيار المساواة الذي حددته بشمول عون بلقاءات وزير الخارجية، رغم أنه في عداد المشمولين بتعطيل تأليفها بالإنابة عن وريثه السياسي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يرفع من سقوف شروطه بالتناغم مع الفريق السياسي المحسوب على الرئاسة الأولى لدفع الحريري إلى الاعتذار.
وأكدت أنه لا اعتراض على لقاء لودريان برئيس المجلس الذي لم يوفر فرصة إلا ووظفها لإخراج أزمة تشكيل الحكومة من المأزق الذي تتخبط فيه، وقالت إنه ابتدع أكثر من مبادرة لكنه اصطدم بشروط عون - باسيل وحاول الاستعانة بحليفه «حزب الله» للضغط على حليفيه، لكنه آثر عدم التدخل وهذا ما فتح الباب أمام اتهامه من قبل خصومه بأنه يراعي باسيل إلى أقصى الحدود لأنه يشكل له خط الدفاع الأول الذي يتلطّى خلفه لتأخير تشكيلها وربطها بالمفاوضات الإيرانية - الأميركية حول الملف النووي، استجابة لطلب طهران.
ومع أن المصادر لم تتوصل إلى قناعة لتبرير موقف لودريان فإنها تتخوف من أن تكون باريس تتحضر للانسحاب تدريجياً من الملف اللبناني، وإلا هل يتصرف وزير خارجيتها بهذه الطريقة من دون العودة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يوفر له الحماية للدعسة الناقصة التي أقدم عليها - كما يقول رئيس حكومة سابق لـ«الشرق الأوسط» فضّل عدم ذكر اسمه - مضيفاً بأن الموقف الفرنسي قوبل باستهجان وطرح تساؤلات يُفترض بباريس أن تجيب عليها؟
وأكد أن رؤساء الحكومات السابقين لا يزالون يدعمون الحريري الذي يتمسك بالمبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان، وقال إنهم نصحوه بالصمود، وإن بري دخل على خط الاتصالات انطلاقاً من حرصهم على إعطاء فرصة لإنجاح المبادرة قبل أن يُفاجأ هؤلاء بموقف فرنسي غير مدروس ربما يراد منه التحريض على الطبقة السياسية لصرف الأنظار عمن يتحمّل مسؤولية حيال تمديد أزمة تشكيل الحكومة.
وتوقع بأن يبادر الحريري إلى وضع النقاط على الحروف، وقال: «يعود له وحده اختيار التوقيت المناسب ليدلي بدلوه من دون مراعاة أحد، ليس دفاعاً عن نفسه، وإنما لتصويب ما يمكن أن يرافق محادثات لودريان من تداعيات ومفاعيل سياسية من غير الجائز تحميلها لمن أيّد المبادرة الفرنسية بالأعمال لا بالأقوال».
ومع أن رئيس الحكومة السابق دعا إلى ترك الأمور تأخذ مجراها، فإنه في المقابل شدد على أن المساواة بين الحريري وبين عون وباسيل ومن خلفهما «حزب الله» مرفوضة؛ خصوصاً أن تحميل الحريري مسؤولية حيال تعثّر تشكيل الحكومة ما هو إلا تحامل عليه، وسيضطر إلى اتخاذ موقف قد يفاجأ به الجميع ومن بينهم رؤساء الحكومات السابقين الذين كان لهم دور في اجتماعهم الأخير بدعوته إلى تصليب موقفه. وسأل؛ هل أن لودريان مضطر للمجيء إلى بيروت لسحب المبادرة الفرنسية من التداول؟ أم أنه سيحاول إنقاذها، وإنما ليس بهذه الطريقة؟ إلا إذا كان المطلوب تشكيل حكومة بأي ثمن، محملاً الآخرين مسؤولية الخروج عن خريطة الطريق التي رسمها ماكرون لإنقاذ لبنان شرط الالتزام بالمواصفات الدولية لمساعدته للخروج من أزماته. لذلك، فإن المصادر وإن كانت تسعى لتفكيك اللغز الفرنسي باستبعاد أبرز المكوّنات السياسية من جدول أعمال لقاءاته، فهي في المقابل تقف عاجزة أمام القطبة المخفية التي سيحضرها معه لودريان من باريس، لتضاف إلى رزمة الإجراءات التي كان تحدث عنها بمنع من يعرقل تشكيل الحكومة أو من يثبت ضلوعه في الفساد من دخول الأراضي الفرنسية، وصولاً إلى إصدار أحكام مسبقة على المنظومة الحاكمة والطبقة السياسية غير قابلة للتمييز.
وعليه، لا بد من التريُّث للوقوف على ما يحمله لودريان من أحكام «تأديبية» إذا صح التعبير يحمّل من خلالها الطبقة السياسية مسؤولية تعثّر الحكومة مع أنه يدرك أن الفريق الفرنسي المكلّف بمواكبة مبادرة ماكرون للوصول بها إلى بر الأمان أو بعضه على الأقل أسقط نفسه في هفوات عندما اعتقد أن «حزب الله» يؤيد تشكيل الحكومة إلى أن اكتشف أن تأييده لم يقترن بالضغط على عون وباسيل.
ويبقى السؤال؛ كيف سيتصرف ماكرون؟ وهل يستطيع الدخول في مواجهة مع خصومه في الداخل، وهو يستعد للفوز بولاية رئاسية ثانية؟ وماذا سيقول حيال سحب مبادرته عندما يساوي في تحميله المسؤولية بين «محور الممانعة» بقيادة إيران وبين من يؤيد مبادرته على بياض، رغم أنه كان وقع في سوء تقدير عندما أراح «حزب الله» بحذفه نقاط الاشتباك من جدول أعمال حكومة مهمة من دون أي ثمن، ظناً منه بأن ترحيلها يعبّد الطريق أمام تأليفها في غضون أسابيع قليلة كما وعد أثناء اجتماعه بأبرز المكوّنات السياسية في قصر الصنوبر؟
وأخيراً، لا بد من الانتظار وعدم إطلاق الأحكام المسبقة قبل أن تدق ساعة الحقيقة على التوقيت الباريسي الذي يحمله معه لودريان، ولن يتم تظهير الموقف الفرنسي إلا من خلال لقاءاته، إلا إذا حصلت مفاجأة اقتضت إعادة النظر بجدول لقاءاته باتجاه توسيعها.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).