إطلاق أكبر مكتبة رقمية عربية من مصر

{إثراء} تتيح محتوى الرسائل العلمية تيسيرًا على الباحثين للمرة الاولى

إطلاق أكبر مكتبة رقمية عربية من مصر
TT

إطلاق أكبر مكتبة رقمية عربية من مصر

إطلاق أكبر مكتبة رقمية عربية من مصر

سعيا منها لدعم المحتوى العربي على الإنترنت في عالم أصبح يسير بإيقاع رقمي، أطلقت مكتبة «العبيكان الرقمية» مكتبة «إثراء» لتكون أكبر مكتبة رقمية عربية تضم كل الإصدارات العربية في كل مجالات العلم والمعرفة على اختلاف فروعها وتخصصاتها وتنوع أشكال نشرها، ليستفيد منها كل قارئ وباحث وطالب علم في أي مكان في العالم.
ولأول مرة تتيح مكتبة «إثراء» الرسائل العلمية في صورة رقمية للباحثين، ليودعوا زمنا صعبا كان على الباحث فيه أن يجوب المكتبات ويتحمل مشقة التنقل من بلد لآخر أو من محافظة لأخرى للحصول على بضعة وريقات من رسالة معينة، قد لا يجدها فعليا على أرفف المكتبة أو تكون مستعارة من قبل باحث آخر، تلك العملية التي تهدر كثيرا من وقت الباحثين وطلاب العلم في العالم العربي، هي الآن في طريقها إلى الزوال.
التقت «الشرق الأوسط»، في القاهرة، عيد الحواش، نائب مدير المكتبة الرقمية «إثراء»، التي تنطلق من مصر، للحديث حول تلك المبادرة الثقافية الهامة التي تتبناها مكتبة «العبيكان»، وقال: «أصبحت هناك حاجة ماسة لمزيد من الإصدارات العربية المرقمنة عبر الإنترنت، خصوصا في ظل انتشار الأجهزة الذكية واللوحية وانتشار التطبيقات التي تتيح قراءة الكتب وتحميلها إلكترونيا، لذا وجدت (العبيكان) أنه حان الوقت للتفكير في مواكبة ما يشهده العالم من تطورات هائلة في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وتدشين مكتبة (إثراء) التي تهدف إلى نشر المحتوى الرقمي العربي على الوسائل التكنولوجية الحديثة مع الحفاظ على الملكية الفكرية والهوية العربية للمحتوى».
وأضاف الحواش: «لقد أصبح الكتاب الرقمي ضرورة للجميع، وترغب (العبيكان) في أن تكون مكتبة (إثراء) وسيلة كل باحث ومحب للفكر والثقافة في الوصول بطريقة سهلة للمعلومة، فقد حرصنا على أن تكون المكتبة الرقمية مبوبة ومصنفة وفق أحدث طرائق التصنيف وأدوات البحث».
وأعلن الحواش أن المكتبة «أطلقت من مصر وتعاقدت مع عدد كبير من الأكاديميين والجامعيين وطلاب الدراسات العليا من مصر والدول العربية أثناء فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ46. ووصل عدد عناوين المكتبة حاليا إلى 6 آلاف عنوان، يمكن فعليا الاطلاع عليها من خلال كروت الدفع مسبقا، عبر تطبيق إلكتروني متاح على أجهزة الآيفون والآندرويد، وهو الأمر الذي سيكون متاحا لمستخدمي أجهزة الكومبيوتر الثابتة خلال أسبوعين».
وتتيح مكتبة «العبيكان الرقمية» (Obeikan Digital Library) بتصميم إلكتروني جذاب، النصوص الكاملة لأوعية المعلومات مزودة بتسجيلات ببليوجرافية بمستوى وصفي كامل، بحيث يتمكن الباحث من توثيق مراجعه بشكل علمي دقيق. كما أنها تختلف عن مواقع بيع الكتب إلكترونيا في أنها لأول مرة تتيح محتوى الرسائل العلمية تيسيرا على الباحثين ووقتهم بدلا من الذهاب إلى المكتبات للبحث عن المراجع والرسائل وهي العملية التي تستغرق سنوات طويلة.
وتحمل أرفف المكتبة الرقمية رسائل في مجالات الهندسة والعلوم الطبيعية والصحية والإنسانية، مع حماية تامة لحقوق الباحثين من خلال السماح بالاطلاع على الرسائل العلمية على الجهاز الذي يدخل منه المستخدم فقط دون غيره. فضلا عن أنها تتيح إمكانية تبادل التسجيلات الببليوجرافية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي لا يزال المحتوى الرقمي العربي يعاني من النضوب، حتى إن البيانات والإحصائيات الجديدة تشير إلى أن حجم المحتوى العربي الرقمي 3 في المائة من إجمالي المحتوى الرقمي العالمي. وأوضح الحواش أن مكتبة «إثراء» سعت خلال الفترة الماضية إلى «التواصل مع عدد من الناشرين والمؤلفين والجامعات والمراكز البحثية العربية، والتعاقد معهم على إتاحة المحتوى سواء كان كتبا أو رسائل أو مجلات أو دوريات أو بحوثا، عبر موقع آمن بعد الحصول عليه ولا تشترط صورة معينة للمحتوى؛ حيث تستقبل المكتبة محتوى في صيغة (ملفات وورد، وإنديزين، وبي دي إف، نسخة ورقية)، وتتم معالجته ليتناسب مع العرض بالصيغة الإلكترونية من قبل (العبيكان) ومن دون إضافة أي تكاليف، ويتم تحديد سعر المحتوى بالاتفاق بين الطرفين على ألا يزيد على سعره إذا أنتج في الصورة الورقية من قبل، بل أقل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».