يستعد الكونغرس لاستقبال الرئيس الأميركي جو بايدن، للمرة الأولى منذ بداية عهده، وتتأهب أروقة المبنى الهادئة وغرفه شبه الخالية لاستضافة الخطاب الأول لبايدن تزامناً مع انقضاء مائة يوم على رئاسته.
وسيختلف المشهد هذا العام جذرياً عن مشاهد الأعوام السابقة وخطابات الرؤساء الأميركيين، فالإجراءات المحيطة بفيروس كورونا فرضت نفسها على الحدث السنوي الذي يجري في مجلس النواب، حيث اعتاد المشرعون على التهافت إلى القاعة منذ ساعات الصباح الباكرة لانتزاع المقعد الأقرب إلى مدخل المجلس لمصافحة الرئيس وهو في طريقه إلى المنصة لإلقاء الخطاب.
هذا العام ستغيب المصافحة، كما سيغيب عدد كبير من الحضور بسبب تحديد عدد الحاضرين التزاماً بإجراءات الحد من انتشار الفيروس.
فالخطاب الذي يحضره عادة أكثر من 1600 من المشرعين وضيوفهم، إضافة إلى أعضاء حكومة الرئيس وأفراد المحكمة العليا ورؤساء القوى المسلحة، لن يحضره هذا العام سوى 200 مشرع فقط داخل قاعة مجلس النواب، التي تستضيف الحدث بدلاً من قاعة مجلس الشيوخ لأنها تتسع لمزيد من المقاعد.
فهذا العام سيقتصر حضور أعضاء الكونغرس على القيادات البارزة في الحزبين، كما لن يسمح لهم بدعوة ضيوف أو استضافة عائلاتهم لحضور الخطاب كما جرت العادة. وسيجلس هؤلاء في مقاعد متفرقة في المجلس وخارجه وليس جنباً إلى جنب كما في السابق.
أما الرئيس الأميركي الذي عادة ما يستضيف وجوهاً عدة في منصة الضيوف الخاصة به في قاعة المجلس يسلط من خلالها الضوء على ملفات سياسية واجتماعية تهمه، فلن يدعو الكثير من الضيوف هذا العام باستثناء السيدة الأولى جيل بايدن والسيد الثاني دوغ إيمهوف. وهذا ما أكدت عليه المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي التي قالت: «هذا الخطاب لن يشبه أي خطابات سابقة اعتدنا عليها»، مشيرة إلى أن فريق البيت الأبيض سيشاهد الخطاب افتراضياً ولن يكون حاضراً في قاعة المجلس.
وفي سابقة تاريخية، سيغيب كل أعضاء حكومة بايدن عن حضور الخطاب شخصياً، ومع هذا الغياب تغيب عادة تعيين ما يعرف بالناجي المعين، وهو وزير في الحكومة يقبع في غرفة سرية آمنة لتسلم زمام السلطة في حال وقوع أي حادث. وإضافة إلى غياب الوزراء، لن يحضر قضاة المحكمة العليا الخطاب، باستثناء كبيرهم جون روبرتس الذي سيمثلهم. كما سيمثل الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة عناصر الجيش الأميركي وقياداته.
أما الرئيس الأميركي الذي اعتاد على حضور خطابات الرؤساء السابقين من على مقاعد الحضور، أو جالساً في خلفية الرئيس السابق باراك أوباما على المقعد المخصص لنائب الرئيس، فيقف هذه المرة في قلب الحدث على منصة المجلس، وتجلس وراءه في مشهد استثنائي، وللمرة الأولى في التاريخ الأميركي، امرأتان في المقعدين المخصصين لرئيس مجلس النواب ونائب الرئيس: نانسي بيلوسي وكامالا هاريس. لتلتقط شاشات التلفزة هذا العام مشهداً موحداً يجمع رئيساً ديمقراطياً ورئيسة مجلس نواب من الحزب نفسه.
وبطبيعة الحال، سيغيب هذا العام مشهد التصفيق التهكمي الذي اشتهرت به بيلوسي خلال خطابات الرئيس السابق دونالد ترمب، أو مشهد تمزيقها لخطاب ترمب أمام عدسات الكاميرات.
ولا يقتصر اختلاف المشهد على الإجراءات المحيطة بالفيروس فحسب، بل سيتعداها إلى فرض تشديدات أمنية مكثفة مختلفة عن السابق. ففي ظل أحداث اقتحام الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني)، سيتم نشر تعزيزات أمنية إضافية محيطة بالمبنى، إضافة إلى الإبقاء على السور الأمني المحيط بالكابيتول.
ولعل التقليد الأبرز الذي سيتم الحفاظ عليه هذا العام، هو الرد الجمهوري التقليدي على الخطاب. فمباشرة بعد إنهاء بايدن لخطابه، سيلقي السيناتور الجمهوري تيم سكوت خطاباً يرد فيه على أبرز البنود الواردة في الخطاب الرئاسي. وقد اختار زعيم الأقلية الجمهورية ميتش مكونيل سكوت، وهو السيناتور الجمهوري الوحيد من أصول أفريقية، للإدلاء برد الحزب الرسمي لإظهار تعددية الحزب الجمهوري.
خطاب بايدن أمام الكونغرس يتحدى التقاليد
تقليص جذري لعدد الحضور وغياب «الناجي المعين» المكلف تولي السلطة في حالة الطوارئ
خطاب بايدن أمام الكونغرس يتحدى التقاليد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة